اقترب موعد الانتخابات الجماعية، واقترب معه موسم الوعود والخطابات الديماغوجية والأكاذيب والضحك على ذقون المغاربة واستغفالهم من قبل ثلّة من السياسيين الانتهازيين، الذين يستغلون فاقة فقراء المغرب وبساطتهم ليركبوا على أحلامهم البريئة ويصلوا إلى مبتغاهم، الذي هو المنصب السياسي ليس إلا، فلا تهم أحدهم تنمية المدينة أو القرية التي يترشح فيها، ولا تيسير الخدمات للمواطنين ولا خدمة الصالح العام.. كل ما يهمه هو سيارة المصلحة والراتب الشهري السمين و«همزة» الميزانيات وخدمة المصالح الخاصة على حساب أموال الشعب المغربي المغلوب على أمره. ولا يتورع هؤلاء السياسيون عن توزيع الوعود يمينا وشمالا.. وعود بالشغل والرفاهية والحياة الهنيئة وتعبيد الطرقات وإصلاح قنوات الصرف الصحي تجنبا لكوارث الفيضانات.. ولائحة الأماني طويلة.. أما تطبيقها على أرض الواقع فيبقى، بالفعل، أمنية مستحيلة التحقق، وهنا تكمن المفارقة بين خطاب السياسيين وممارستهم التي تكاد تكون عكس ما ينادون به تماما في حملاتهم الانتخابية، وهذا هو حال الدبلوماسي الذي لا يقول لا، فإذا قال نعم فتعني ربما، أما إذا قال ربما فتعني لا.. فلا يضحك علينا أيٌّ كان يا شباب المغرب، فما تلك الخدمات التي يروج لها الإعلام الرسمي والذي يصور لنا الجماعة المحلية كأنها تعمل فوق طاقتها خدمة للمواطنين إلا من صميم واجبها الذي هي مجبرة على القيام به شاء من شاء وأبى من أبى، فنحن نحتاج إلى أحزاب حقيقية تمثل هموم الشعب ومشاغله لا أن تمثل عليه وتنشغل عنه، وتتبنى قضاياه وتناقش الحكومة وتسائلها إن هي تعسفت في حق الشعب المغربي، ولا نريد أحزابا ضعيفة لا تثق في نفسها - فبالأحرى أن يثق فيها المواطن- وتتصيد أول فرصة لِلاختباء خلف المقربين وتذوب فيهم. لا نريد أحزابا تتنكر لمبادئها منذ أول يوم تدخل فيه إلى الحكومة فتعيش انفصاما مزمنا بين خطابها الذي ناضلت من أجله لسنين، وأوهمت الجماهير بجدواه وخاضت الانتخابات باسمه، وفي الأخير يثبت أنه مجرد مطية استقلها أولئك للوصول إلى ما يصبون إليه. لا نريد أحزابا يوهم قياديوها آلاف الشباب بالشغل ليجدوا أنفسهم ضحايا لعبة دنيئة سيئة الإخراج، يتم النصب فيها عليهم والاستيلاء على نقودهم التي دفعوها طمعا في التخلص من شبح البطالة، فينتهي بعضهم منتحرا حرقا بالبنزين، وبعض آخر في بطن حيتان المتوسط والمحيط، وبعض ثالث مصابا بعقدة نفسية أفقدته الثقة حتى في نفسه، فبالأحرى في غيره، وفي السياسيين على وجه الخصوص. فإن لم تبحث الأحزاب و المسؤولون عن أسباب عزوف الناس عن الانتخابات وتعالجها -وخا اللي عطاه الله عطاه- فربما تكون على موعد مع مفاجأة غير سارة في هذه الانتخابات الجماعية المقبلة على غرار ما حصل في تشريعيات 7 شتنبر 2007 التي فيها عبرة لمن له عقل يفكر به وأراد أن يعتبر.