وأخيرا قال وزير السياحة محمد بوسعيد ما ظل مسكوتاً عنه على مدى سنوات بخصوص المخطط الأزرق. ففي لقاء إعلامي، اعترف بأن المخطط الأزرق الذي تبنى أطروحة عشرة ملايين سائح في أفق سنة 2010 و85 ألف سرير كان مبالغاً فيه وبأن المستثمرين الأجانب كانوا يبحثون أكثر عن تمويل بواسطة البنوك المغربية وبأن المخطط لم يكن يضع في حساباته إمكانات حدوث الأزمة. وبالرغم من كون وزير السياحة أراد أن يكون مُطمئناً بخصوص المستقبل واختار المهادنة مع سلفه عادل الدويري، فإن الأرقام والمعطيات تبقى عنيدة. إننا إزاء فشل للمخطط الأزرق الذي تبنى ست محطات سياحية تبين اليوم أنها لن تحقق 85 ألف سرير على الإطلاق، لا في سنة 2010 ولا في 2020، لأن أقصى ما يمكن أن نحققه هو 34 ألف سرير وفي سنة 2016 من فضلكم! الآن تبين أن قرار الاستغناء عن عادل الدويري كان صائبا، واتضح أن هذه المعطيات كفيلة بأن تقنع كل الجهات التي تساءلت عن مبرر عدم تجديد الملك الثقة في الدويري في الوقت الذي عمدت فيه بعض الجهات إلى تسويق الدويري كمرشح للوزارة الأولى. أكثر من ذلك، عندما كتبنا قبل سنتين متسائلين عن السبب في فشل أول تفويت لمحطة تاغزوت إلى المستثمر العربي دالة البركة لم نتلق بالطبع أي جواب، وإن كان هذا الأخير اتضح بما لا يدع مجالا للشك بعد أن أسندت تهيئة مشروع تاغزوت إلى المجموعة الأمريكية «كلوني» التي تربطها علاقة بالدويري من خلال بنك الأعمال «سي. إف. جي» الذي كان مساهما فيه. وإذا كانت حكومة جطو، التي كان فيها عادل الدويري وزيراً للمالية، لم تفصح قط عن الأسباب الحقيقية التي أفشلت مشروع تاغزوت وخسر معها المغرب الملايير وأربع سنوات كانت كفيلة بالرفع من الطاقة الإيوائية للمغرب السياحي، فإن حكومة عباس الفاسي، بواسطة الوزير بوسعيد، قد أسقطت ورقة التوت عن مجموعة «كلوني» التي أتى بها الدويري قبل ثلاث سنوات، وهاهي تغادر المغرب لأن البنوك المغربية رفضت أن تقرضها أموالا! أي أنها كانت تريد أن تنجز المشروع بأموال مغربية خالصة وكأن المنعشين العقاريين المغاربة لا يعرفون ذلك. وقد بينت الأيام أن المنعشين العقاريين والسياحيين المغاربة الذين ينقذون اليوم المخطط الأزرق يمكن أن نعول عليهم إذا منحناهم نفس الامتيازات، وقد يصنعون أفضل. والتساؤل المشروع هنا هو لماذا قدمت الدولة كذلك مشروع السعيدية على طبق من ذهب إلى مجموعة «فاديسا» التي كانت على وشك الإفلاس، ألم يكن حرياً بنا أن نتركها تفلس «على خاطرها» ليتم التفويت إلى مجهز مغربي قادر على حمل المشروع لوحده أو بشراكة مع مجهز مغربي آخر؟ ثم ألا تستطيع مجموعة الضحى أن تنجز المشروع لوحدها؟ أعتقد أنه بإمكانها ذلك، كما بإمكان «أليانس» أن تفعل في محطة «ليكسيس» أو مجموعة الشعبي في محطة تاغزوت إذا أرادت ذلك. لا تفوتني الفرصة لأنوه بموقف البنوك المغربية التي أوقفت جشع مستثمرين أجانب يريدون استبلاد المغاربة بأخذ أراضيهم مجاناً والاستفادة من قروضهم لتحقيق ملايير الأرباح ثم ترحيلها إلى بلدانهم. انتهت اللعبة يا سادة، نريد استثماراً حقيقياً فهاتوا ملاييركم إن كنتم صادقين.