لم يستسغ «إغناسيو سمبريرو»، مراسل «الباييس» في المغرب من مدريد نشر مقتطف من رسالة بالبريد الإلكتروني يعترف فيها بإضافة فقرات إلى تقرير اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان في الصحراء، وبادر إلى إمطار صحافيين بيومية «المساء» برسائل إلكترونية يهددهم فيها برفع دعوى قضائية عليهم في إسبانيا. كما تحمل الرسائل في طياتها تحرشا واضحا في حقهم. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل انضم إليه في هذه «المعركة» عدد آخر من المراسلين الإسبان المعتمدين بالمغرب، إذ بعث «لويس دي فيغا»، مراسل يومية «أ.ب.س» الإسبانية رسالة لأحد صحافيي الجريدة يستنكر فيها نشر رسالة «سمبريرو»، ناعتا من قام بهذا الأمر بالإصابة «بهاجس الجنون». في هذا السياق ذكر الصحافي المغربي علي المرابط أن بعض المراسلين الإسبان المعتمدين في المغرب يتعاملون بطريقة «شبه عنصرية»، مشيرا إلى أنه كان من أنصار مبدأ التفاهم بين المغرب والإسبان، «لكنهم لم يعودوا يحترموننا»، يتأسف المرابط، مستغربا في نفس الوقت للانحياز الكامل للمراسلين الإسبان في المغرب لمصالح بلدهم ولو على حساب أخلاقيات المهنة. وتساءل الصحافي علي المرابط، أين كان مراسل جريدة «أ.ب.س»، «لويس دي فيغا»، أو «سيمبريرو» أو غيرهم عندما تم طرده من القنصلية الإسبانية بتطوان، ولماذا لم يقوموا بنشر الخبر على صفحات جرائدهم، ما يعني حسب الصحافي المغربي «انحيازهم لبلدهم على حساب المهنية والموضوعية». وشكل بعض المراسلين الإسبان المعتمدين بالمغرب «جبهة» ضد بعض الصحافيين المغاربة من الذين انتقدوا إضافة «سمبريرو» لجمل في تقرير البرلمان الأوربي، «عوض التزام الحياد، فإنهم ساندوه بكل ما في وسعهم، وهو ما اعتبره خطأ كبيرا» يقول المرابط. وقد تصاعدت وتيرة استقالات الصحافيين المغاربة الذين يشتغلون مع جرائد ووكالات أنباء إسبانية، فقد قدم علي المرابط استقالته من يومية «إلموندو» الإسبانية قبل ستة أشهر، كما استقال الصحافي جمال وهبي من يومية «الفارو» الإسبانية، مثلما قدم استقالته، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يونس مجاهد من مكتب وكالة الأنباء الإسبانية «إفي» بالمغرب بعد أسبوع على نشر هذه الأخيرة مادة صحافية تتهجم على العائلة الملكية في المغرب، مما أحرج مجاهد الذي يشتغل مع الوكالة منذ حوالي عشرين عاما كمراسل لها من الرباط. وعزا مجاهد قرار تقديم الاستقالة إلى تغيير الخط التحرير لدى الوكالة الإسبانية و«ضرب ميثاق التحرير المتفق عليه». وقال ملاحظون إعلاميون إن تحرشات وتهديدات «سمبريرو»، ودعمه من طرف بعض المراسلين الإسبان المعتمدين بالمغرب وانتقادهم للنظام المغربي، لا يمكن وصفه سوى باحتقار الصحافيين المغاربة ولمنابرهم الإعلامية وتشويه سمعة دولة منحتهم اعتمادات صحافية لممارسة رسالتهم الإعلامية، وهو ما يعتبر جحودا في حقها. وتساءل عدد من المراقبين عن أسباب عدم نشر بعض هؤلاء الإسبان المكلفين بمهمة «مراسلين صحافيين بالمغرب»، خبر منع صحافيين من جريدة العلم من دخول مدينة مليلية لإنجاز روبروتاج حول المدينة في اليوم نفسه الذي كان فيه هؤلاء المراسلون يحتجون على المغرب بسبب سحب اعتماد زميلهم مصور وكالة رويترز، الإسباني مارشانتي. وهو ما يكشف «الانحياز التام على حساب المهنية والموضوعية»، يقول محدثونا. وحاول مراسل الباييس بالمغرب من مدريد، حشد دعم له من طرف منظمة «مراسلون بلا حدود»، وكذا من طرف جمعية بفيدرالية جمعيات الصحافيين الإسبان، وهو ما لم يتسن له نظرا لتأكد هذه الجمعيات من مصداقية الرسالة التي نشرتها يومية «المساء» سابقا. من جهة أخرى استغربت بعض المصادر الاعتقالات التي تطال بعض الأشخاص مباشرة بعد اتصالهم بالمراسل الإسباني «سمبريرو»، مستشهدين بحالة عبد الإله احريز، والذي اعتقلته المصالح الأمنية المغربية يومين بعد لقائه ب«سمبريرو» ونشر حوار معه على صفحات «الباييس»، حيث أدانته غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، وحكمت عليه ب 20 سنة سجنا نافذة. كما لم تستغرب نفس المصادر تزامن اعتقال شكيب الخياري مع موعد له بمراسل صحافي إسباني في المغرب كان متوجها للقائه في الناضور، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول الدور الحقيقي الذي يلعبه بعض هؤلاء المراسلين الإسبان في المغرب، حسب بعض المراقبين.