ماذا بعد نجاح «لوبي» الأطباء في إقبار القانون 10-94 المتعلق بتحرير رأسمال المصحات؟ هل سينجح مهنيو القطاع الطبي في تحرير المواطن المغربي من جشع بعض إخوتهم في المهنة، بعدما نجحوا في قطع الطريق على المستثمرين، الذين يصفونهم ب«اصحاب الشكارة»، لمنافستهم في الاستثمار في المجال الصحي عبر فتح عيادات طبية بمواصفات مماثلة لعياداتهم أو أحسن، وبأثمنة كانت ستكون بالتأكيد أكثر رأفة بجيوب المغاربة؟ لقد بذل أطباء القطاع الخاص جهدا جهيدا في سبيل الحفاظ الحصري على احتكار تشييد وتسيير المصحات والمستشفيات في المغرب، والتصدي لأي مستثمر خارج الجسد الطبي من الاستثمار في هذا القطاع عالي الأرباح. وقد كان وقوفهم قويا في وجه وزيري الصحة، ياسمينة بادو والحسين الوردي، بمبرر ربحي تم تغليفه بنوع من الحرص على حماية مهنة الطب من «الدخلاء». مع أن الواقع يؤكد أن أكبر من يسيئون إلى قسَم أبقراط وإلى أخلاق مهنة الطبيب هم بعض الأطباء والممرضين والصيدليين.. الذين ما يفتؤون يخوضون الإضرابات المتعلقة بتحسين وضعهم المادي، غير آبهين لتحسين ضميرهم المهني. إن التجارب العالمية التي يسمح فيها لمستثمرين من خارج الجسم الطبي بالاستثمار في هذا المجال هي تجارب ناجحة ونموذجية.. بل هي التي جعلت الأطباء المستثمرين «يضربون ألف حساب» في تعاملهم مع المريض ليس كزبون فحسب. وسر نجاح المقاولات الطبية يكمن في ربطها بدفتر تحملاتٍ يُلزمها باحترام مهنة الطب والعناية بالمريض. إن الأطباء يكرهون أن تنظر إليهم وزارة الصحة كأرقام فقط، ولذلك عليهم هم أيضا ألا ينظروا إلى صحة المغاربة كمنبع لجني الثروة دون الالتفات إلى كونهم أناسا قبل كل شيء.