جددت النقابات الوطنية الممثلة للأطباء العاملين في القطاع الجامعي والقطاعين الخاص والعام، رفضها لمشروع القانون 10-94 المنظم للممارسة الطبية بالمغرب المقترح من قبل وزارة الصحة والذي عرضته الوزيرة على الأطباء لإبداء الرأي. وطالبت النقابات الممثلة للأطباء (النقابة الوطنية للتعليم العالي، النقابة الوطنية لأطباء القطع الحر، النقابة الوطنية للصحة (ك.د.ش)، الجامعة الوطنية للصحة (ا.م.ش)، والنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام)، في رسالة موجهة لوزيرة الصحة، طالبت بفتح نقاش وطني جاد ومسؤول بمساهمة كل الفعاليات الوطنية لوضع أسس سياسة وطنية للصحة تستجيب لانتظارات المواطنين وحاجياتهم الصحية، كما جاء في الرسالة. وكان القانون المذكور قد أثار جدلا واسعا في صفوف الأطباء منذ الشروع في التداول فيه في الأوساط المعنية بداية سنة 2009، حيث سبق لأزيد من 20 هيئة نقابية ومهنية وحقوقية أن فتحت نقاشا عميقا في الموضوع في شهر ماي من نفس السنة وطالبت بسحب المشروع، وذلك ضمن أرضية توافقت عليها الهيئات المذكورة وضعت لها عنوان «من أجل طب في خدمة صحة المواطن». كما سبق للنقابات الممثلة للأطباء أن وجهت رسالة للوزيرة في شهر يناير الماضي تؤكد فيها على نفس الموقف الرافض للمشروع. ويعتبر الأطباء أن مشروع القانون الجديد يفتح الباب مشرعا أمام الاستثمار التجاري في القطاع الصحي بما يحول الصحة إلى مجرد بضاعة خاضعة لمنطق السوق بدل أن يتم تكريسها كخدمة اجتماعية وكحق أساسي من حقوق المواطن. ويرى الأطباء في ذات الوقت أن فتح رأس المال في قطاع الصحة يتنافى مع القيم الأساسية للممارسة الطبية ويمس باستقلالية المهنة والقرار الطبيين، ويجعلهما رهينة بأيدي «موالين الشكارة»، بما يحول المهنيين إلى مجرد أجراء فاقدين لاستقلاليتهم وكرامتهم، ويحول المريض إلى فريسة في قبضة المستثمرين، ومما سيؤدي حتما إلى تفاقم الأزمة الصحية ببلادنا ويزيد من إقصاء الفئات المستضعفة من الولوج إلى العلاج. وفي الوقت الذي تدافع فيه وزارة الصحة عن مشروعها بكونه يندرج في إطار سياستها الرامية إلى إصلاح القطاع وتحسين جودة الخدمات فيه، من خلال تعديل المقتضيات المنظمة للممارسة الطبية وللبنيات التحتية وخاصة المصحات التي ينص الشروع على فتح تمويلها أمام المستثمرين المغاربة والأجانب، من غير المنتمين إلى مهنة الطب، يعتبر المهنيون أن إشكالية الصحة ببلادنا ليست مرتبطة بمشاكل التمويل بقدر ما هي ناتجة عن «غياب سياسة وطنية للصحة واستراتيجية واضحة ومتجانسة تعمل على ربط حق المواطن في الصحة بمخططات التنمية المستدامة»، وأن الحلول الرامية لمواجهة هذه الإشكالية يجب أن تتم بلورتها من خلال «نقاش وطني يفضي إلى صياغة تصور واقعي للمسألة الصحية في كل أبعادها». يذكر أن النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، أعلنت الأسبوع الماضي، في بيان صادر عن مكتبها الوطني، عن عزمها اتخاذ مبادرات نضالية ووقفات احتجاجية أمام وزارة الصحة، بشكل تصاعدي، من أجل التصدي لمشروع القانون المثير للجدل.