نبهت مجموعة من الفعاليات الجمعوية بإقليم السمارة إلى خطورة التخريب الذي تتعرض له مجموعة من المواقع الأركيولوجية بمنطقة «عصلي الريش»، والتي تضم مجموعة من النقوش الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل الإسلام. ووجهت الفعاليات ذاتها رسالة في الموضوع إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الثقافة وكذا وزير التجهيز والنقل، على اعتبار أن إحدى الشركات المتخصصة في تكسير وطحن الحجارة قد حطت بالعديد من آلياتها، حيث بدأت في تجريف مساحات كبيرة من الموقع مما أدى إلى تحطيم وتخريب العديد من الشواهد التاريخية. ووصفت الجمعيات هذا العمل بالإجرامي والمنافي لكل القوانين التي تجرم استهداف الرموز التاريخية والمواقع الأركيولوجية. في مقابل ذلك، كشفت جمعية «ميران» لحماية الآثار والمستحثات بالسمارة عن كون الموقع الأركيولوجي الذي تعرض للتخريب، والذي يوجد بموقع يدعى «العصليين»، قد تم اكتشافه من طرف بعض جنود التجريدة الإسبانية الأولى التي احتلت السمارة سنة 1934. عندما كانوا بصدد تهيئة أرضية لنزول طائرة ضباطهم القادمين من مركز القيادة ببوجدور وتتشكل «مواقع العصليين» من سلسلة من الأعراق والأشرطة الصخرية الممتدة من الساقية الحمراء شمالا على مسافة تقدر ب30 كلم جنوبا، ويتميز هذا الموقع بالعديد من الشواهد المادية لثقافة إنسان العصور الحجرية. من بين هذه الشواهد والمخلفات المادية التي خلفها الإنسان النيوليتي بالمنطقة، المباني الجنائزية، والنقوش الصخرية، والأدوات الحجرية. فالمباني الجنائزية توحي، حسب الدراسات التاريخية، باستقرار بشري موغل في القدم وتعدد ثقافات المجموعات المتعاقبة على المنطقة. وتمتد هذه المباني على شكل تجمعات وتمركزات من الشمال إلى الجنوب، ومن أبرز هذه المباني الجنائزية «الجثوات» المعروفة ب«المدافن الكرمنتية» الخاصة بالشعوب الأمازيغية الصحراوية. وحسب بعض الدراسات التي أجريت على العديد منها في الصحراء الكبرى، فهي تؤرخ للفترة ما بين 6700 قبل الميلاد إلى 800 قبل الميلاد .أما بخصوص النقوش الصخرية المتواجدة في الموقع فتهيمن عليها، حسب المختصين، تقنية النقر مع الاختزال في الشكل والموضوع المنقوش، وهذه السمة خاصة بالفترة الليبية الأمازيغية والمعروفة لدى الباحثين بالأسلوب الأمازيغي، وهي المرحلة الثالثة من مراحل الفن الصخري، كما أن الأدوات الحجرية تتمثل في الفؤوس الحجرية (ذات الوجهين) وكذا رؤوس النبال من مختلف العصور الحجرية.