توقع سياسيون من الأغلبية والمعارضة تكرار نفس سيناريو سابع شتنبر من سنة 2007 عندما كان الإقبال ضعيفا على المشاركة في تلك الانتخابات ولم تتجاوز النسبة حينها 37 في المائة، من مجموع المسجلين في اللوائح الانتخابية. وبنى هؤلاء السياسيون توقعاتهم على المعطيات الأولية التي حملتها مراجعة اللوائح الانتخابية الأخيرة، والتي جعلت أجهزة الداخلية «مرتبكة»، إذ لم تعلن، لحد الآن، عن اللوائح النهائية بعد تنقيحها، داعين إلى ضرورة انخراط الدولة والأحزاب السياسية في إصلاحات دستورية وسياسية حقيقية بإمكانها أن تحدث «رجة» سياسية في المشهد السياسي الوطني بصفة عامة. وأشارت الأرقام الأولية لوزارة الداخلية إلى أن فترة المراجعة الممتدة ما بين 5 يناير و3 فبراير من السنة الجارية، عرفت «دراسة» ما مجموعه مليون و288 ألفا و50 طلبا للتسجيل، وبذلك فإن نسبة الزيادة في عدد الناخبين على الصعيد الوطني تبلغ 9.77 في المائة من المجموع العام لعدد الناخبين، الذي أصبح يتجاوز رقم 15 مليون ناخب. في سياق ذلك، نفى جامع معتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئيس لجنة الانتخابات بالحزب، أن تكون مراجعة اللوائح الانتخابية ستضيف قيمة مضافة إلى اللوائح القديمة، مشيرا إلى أن نسبة الزيادة التي تتحدث عنها وزارة الداخلية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النسبة المهمة من الذين ينبغي التشطيب عليهم، والتي تبلغ مليونين و900 ألف حالة، ستكون عكسية وستمثل نكوصا وتراجعا، واصفا نسبة الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية بكونها كانت دون المتوسط، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الفئات الشابة التي تمثل ما بين 400 إلى 500 ألف شاب يبلغون سن الثامنة عشرة، سنويا. وأضاف القيادي في حزب العدالة والتنمية المعارض أن وزارة الداخلية كانت حددت الفترة ما بين 16 و22 من الشهر الجاري، من أجل الاطلاع على الجداول النهائية للناخبين، إلا أنها إلى حد الساعة لم تقم بذلك، مشيرا إلى أن المعطيات الأولية لا تشير إلى أي تحسن قد يطرأ على تلك اللوائح. وحمل معتصم، في حديثه إلى «المساء»، الدولة والأحزاب السياسية المسؤولية عن أية نتائج مخيبة للآمال في الاستحقاقات المقبلة، لأن هؤلاء، حسبه، لم يقوموا بما يلزم من التعبئة للمواطنين بقصد حثهم على الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية، وظلت المحاولات في هذا الشأن بسيطة ومحتشمة. أما الباحث في العلوم السياسية وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي حسن طارق فقد توقع تكرار سيناريو السابع من شتنبر سنة 2007، مشيرا بدوره إلى أن الأحزاب السياسية والحكومة ظلت عاجزة عن القيام بدور فعال من شأنه حمل الناخب على التسجيل في اللوائح الانتخابية، في أفق مشاركته في الاستحقاقات المحلية المقبلة. وأضاف طارق، في تصريح ل»المساء»، أن المغرب يشهد أزمة سياسية حادة منذ انتكاسة الاستحقاقات الوطنية الماضية، نافيا أن يكون سبب ذلك هو الأحزاب وحدها، كما يدعي ذلك البعض، ومؤكدا بالمقابل أن المسؤولية تتقاسمها معها أيضا الدولة التي «ظلت تجتر شعارات الإصلاح» دون أن تقدم على إحداث «رجة» على المستوى الوطني من شأنها تغيير الانطباع السائد لدى الناخبين. وزاد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يعتبر أحد أبرز مكونات الأغلبية الحكومية الحالية، أن تلك الرجة السياسية لن يحدثها إلا إصلاح دستوري يتبعه إصلاح سياسي شامل، كفيل ب»تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد والمفسدين وعودة الرغبة في المشاركة السياسية لدى المواطن». وكان الباحث محمد ضريف قد أشار، في وقت سابق في تصريح ل»المساء»، إلى غياب مرجعية على المستوى الوطني يمكن الاستناد إليها للقول بضعف الإقبال على التسجيل في تلك اللوائح من عدمه، مشيرا إلى أن كل التجارب سابقا لم تسجل ارتفاعا ملحوظا يمكن أن يكون مرجعية يمكن العودة إليها.