تشهد سرعة رد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على كلام رئيس قسم البحث في «أمان»، الذي زعم أن الإدارة السورية استعملت السلاح الكيميائي على خوف في الإدارة الأمريكية من ألا تكتفي إسرائيل بإحراج الرئيس براك اوباما في الموضوع الكيميائي بل أن تستمر في تحدي موقفه أيضا في الشأن الذري الإيراني. تذكرون أن الإدارة الأمريكية أوضحت أن استعمال الأسد للسلاح الكيميائي سيكون خطا أحمر عند الولاياتالمتحدة قد يفضي اجتيازه إلى تدخل أمريكي في الحرب الأهلية الجارية في سوريا. ويشبه إعلان العميد إيتي بارون، الذي قال إن «النظام استعمل سلاحا كيميائيا قاتلا» تحديا إسرائيليا سافرا للرئيس الأمريكي: لقد أعلنت أن الولاياتالمتحدة ستعمل إذا اجتاز الأسد الخط الأحمر الذي رسمته أنت نفسك، وها نحن هؤلاء نأتيك ببرهان على أن الخط قد اجتيز، وسنرى الآن كيف تعمل. يدركون جيدا في واشنطن أن إسرائيل تُعرض إدارة اوباما لتحدٍ في واقع الأمر ستشهد صورة مواجهتها له أيضا على تصميمها على الوفاء بالتزامها العمل على مواجهة برنامج إيران الذري، لأن إسرائيل كانت تستطيع أن تكتفي، كما حدث حقا، بنقل المعلومة عن استعمال السلاح الكيميائي في سوريا إلى الولاياتالمتحدة في المحادثات السرية التي أجراها هنا وزير الدفاع تشاك هيغل، لكنها اختارت أن ترسل ضابط استخبارات كبيرا يعلن ذلك بصوت جهير. ولا يؤمن أحد في الإدارة الأمريكية بأن العميد بارون أطلق هذا التصريح برأيه الخاص. وإذا لم يكن هذا كافيا فقد أضاف بارون أيضا في جواب عن سؤال رئيس «أمان» السابق عاموس يادلين بقوله إن هذا تطور مقلق حظي برد عالمي «غير مناسب». والرسالة واضحة. إن إسرائيل تتابع العمليات الأمريكية في سوريا بعد أن تبين أنه تم اجتياز الخط الأحمر الكيميائي. فإذا امتنعت الولاياتالمتحدة عن العمل فسيصعب علينا أن نؤمن بأن تفي بالتزاماتها أن تمنع إيران من الحصول على السلاح الذري، لأن العمل في سوريا أسهل كثيرا وأقل خطرا من وقف تطوير القنبلة الذرية الإيرانية. لم يكشف تصريح رئيس قسم البحث في «أمان» فقط عن اختلاف الآراء بين إسرائيل والولاياتالمتحدة في قضية السلاح الكيميائي السوري، بل عن القرار الإسرائيلي الذي يحاول تعجيل موعد القرار الأمريكي في الشأن الإيراني. وكان غاز الأعصاب السارين هو المُشبه فقط أما المُشبه به فهو اليورانيوم المخصب في إيران. إن الوقت يُلح، تشير إسرائيل للولايات المتحدة إشارة خفية، ولن نستطيع الاعتماد عليكم في موضوع حرج جدا بالنسبة لوجودنا. فإذا تبين لنا أنكم غير مستعدين للعمل حتى في مواجهة سوريا فلن يكون مفر من عملية عسكرية لنا في إيران. عبّر يادلين عن هذا الموقف بصورة واضحة جدا حين قال في نفس الحفل الذي تحدث فيه بارون إنه «اجتاز الإيرانيون من كل جانب عملي «الخط الأحمر» الذي رسمه نتنياهو في الأممالمتحدة». ووجه وخزة أيضا إلى المجتمع الدولي وإلى الولاياتالمتحدة في الحقيقة بقوله: «يبدو أنه أكثر اهتماما بكف إسرائيل عن الهجوم من اهتمامه بمنع إيران من أن تصبح ذرية». إن يادلين هو في الحقيقة ضابط في الخدمة الاحتياطية وليس ممثلا إسرائيليا رسميا، لكن يبدو أن كلامه سيتم تلقيه في واشنطن باعتباره تحرشا إسرائيليا معلنا آخر يرمي إلى تحدي اوباما. هذا إلى أنه لم يُسمع إلى الآن تحفظ ديوان رئيس الوزراء من كلام يادلين. سارع وزير الخارجية الأمريكي إلى بيان انه تحدث إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «الذي لم يستطع أن يُصدق الكلام الذي قاله الضابط الإسرائيلي»، لكن «هذا الضابط» أخرج المارد من القمقم وتحولت المواجهة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة في الشأن الإيراني من تباحث سري إلى تشاجر معلن.