حتى لو دخلت في هذه الساعة طائرات أمريكية للهجوم على منشآت إيران الذرية، وحتى لو بحثت في هذه الساعة صواريخ توما هوك أمريكية عن مخازن السلاح الكيميائي في سوريا، فانه ينبغي ألا ننكر أننا وحدنا (تقريبا) في هذه الحرب. إن أمريكا تخرج للحرب من أجل مصالحها فقط. وفي الجو الحالي في الولاياتالمتحدة وقد انسحبت من حروبها الحالية، لن تخرج واشنطن للحرب من أجل القدس. سيقولون في بلاط الحكم الإسرائيلي إنه لا يوجد في ظاهر الأمر تناقض أكبر من هذا وهو أن العالم السني في هذه الأيام أقرب ما يكون إلى دولة إسرائيل. والعالم السني يرتجف خوفا من العالم الشيعي الذي تمثله إيران، والسعودية والأردن ودول الخليج (ربما ما عدا قطر) بل مصر، ترى إيران وتوابعها أعداءً من جميع النواحي، مثل دولة إسرائيل. وكانت هذه البلدان ستنضم في فرح إلى هجوم على إيران لو كان ذلك ممكنا. لكن الأمريكيين لا يخفون نواياهم بشأن إيران وبشأن سوريا أيضا كما يبدو. فهم ما زالوا بعيدين جدا عن غمس أصابعهم في الوحل الذري والكيميائي. قال الرئيس اوباما في الحقيقة على الملأ في إسرائيل وبلغة عبرية فصيحة، «لستم وحدكم»، لكن الأمريكيين يبحثون عن كل حجة للامتناع عن تعريض ناسهم للخطر في الطريق إلى طهران. ويقول الأمريكيون لأنفسهم: إجتزنا الحرب الباردة والتهديد الذري السوفييتي الذي كان يملك عشرات وربما مئات المنشآت الذرية، وليس عندنا ما نخشاه من الذرة الإيرانية. واجتزنا ستالين واجتزنا خروتشوف (حتى في أزمة صواريخ صعبة في كوبا)، وسنجتاز بسلام أيضا احمدي نجاد. وهذا بالضبط ما لا يعتقده الإسرائيليون. ليست إسرائيل واسعة كالولاياتالمتحدة وهي ليست قوة لا تشبهها قوة في العالم. وتستطيع إسرائيل أن تُقدر بصورة صحيحة الخوف من نشاط ذري ما، بعد أن زعمت «مصادر أجنبية» أنها تملك منشآت ذرية. وتعرف إسرائيل أيضا كيف يستطيع الإيرانيون تضليل العالم كله، فقد فعلت إسرائيل نفسها ذلك وهي تستطيع أن تعلم الإيرانيين جميع الحيل والخدع. ليس من العارض أن الأمريكيين يحاولون تأجيل النهاية بالجدل في البرامج الزمنية. والفرق في البرامج الزمنية في الشأن الإيراني كبير جدا وهو يجتاز جميع الخطوط الحمراء التي خطها بنيامين نتنياهو في حينه بفخر كبير أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ويبحث الأمريكيون في الشأن السوري تحت الأرض عن ذرائع لعدم الاعتراف باستعمال السلطات السورية للسلاح الكيميائي. ويعلم الأمريكيون جيدا أن الاعتراف باستعمال السلاح الكيميائي في سوريا يعني، كما يبدو حربا، أو «يوم معركة» طويلة على الأقل تنقلب فيها سوريا ولا تعود لتكون كما كانت. وقد وعدت أمريكا إسرائيل في الحقيقة بأن «جميع الخيارات على الطاولة»، لكنها تحاول تنظيف الطاولة دائما. لهذا فإن الصورة التي تظهر كما يبدو في المستقبل وفي الزمن القريب على الأقل هي أن إسرائيل والجيش الإسرائيلي العظيم في هذه الجبهة في مواجهة إيران وسوريا وحدهما تقريبا. والأمريكيون الذين يتفهمون مخاوف إسرائيل يمهدون طريق الأشواك إلى طهران ودمشق بصفقات مبيعات ضخمة ستنفذ بعد «الطوفان» فقط كما يبدو.