إن توسيع مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء تعني فتح أبواب المنطقة على مصراعيها أمام كل من يرغب في زيارتها، سواء وافق المغرب أم لم يوافق على ذلك، ولا مجال هنا لتبريرات رئيس الحكومة بنكيران ووزيره في الاتصال مصطفى الخلفي بكون المغرب يمارس سيادته على أرضه عندما يمنع وفدا من دخول المنطقة مثلما فعل، مؤخرا، مع نواب أوروبيين مواليين للبوليساريو، ولن نستغرب في حالة توسيع صلاحيات المينورسو ونحن نرى أعلام البوليساريو تتربع على منازل حي معطى الله بمدينة العيون ورجال القبعات الزرق يحرصونها من باب الحق في حرية التعبير، في منطقة لازالت السيادة عليها معلقة من وجهة نظر المنتظم الدولي، كما لم نفاجأ ونحن نسمع بتلميذ أو تلميذة يطالب وزير التربية الوطنية الوفا بتحية علم الجمهورية الصحراوية بالمؤسسات التعليمية صباح كل يوم، بدلا عن العلم المغربي الذي لا يحيى أصلا بمدارس الصحراء على غرار باقي المؤسسات التعليمية في ربوع المغرب، لكن ما نستغربه جميعا هو غياب أي حس للتدبير التوقعي لملف الصحراء لدى المسؤولين المغاربة والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني، حيث لا مبادرات ولا برامج تواصلية مع الرأي العام الوطني ولا حملات مدروسة لمواجهة هذا المد المتنامي من الانتكاسات التي يتلقاها المغرب، بل لازال الإصرار على اجترار نفس خيبات الأمس واستعمال نفس الأوراق المحروقة وبنفس الطريقة البدائية والمهترئة المتبعة منذ بداية النزاع، والتي تسببت في جلب تداعيات سلبية على القضية الوطنية، وسوف تكلف غاليا من الناحية السياسية فبدل فتح نقاش وطني سياسي وإعلامي مدروس وممنهج، بدأت بعض الجهات السياسية بتوزيع الاتهامات على بعضها البعض والمزايدة بالوطنية، وهي أساليب لا تخدم القضية في شيء بل تزيدها تأزما وتعقيدا ومن أبرز الأخطاء المسجلة على سبيل المثال لا الحصر نذكر ما يلي : - عجز الدبلوماسية المغربية عن إدراك واستيعاب التطورات الدولية، فهي لم تدرك بعد حجم اللوبي الذي تشكله مؤسسة روبركينيدي في الكونغرس الأمريكي والأمم المتحدة والتي ينبغي فتح جسور التواصل والحوار معها وإقناعها بمستوى الإنجازات، التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وفي نفس الوقت لم تدرك دبلوماسية الرباط أن وصول جون كيري المتعاطف مع أطروحة البوليساريو على رأس الخارجية الأمريكية سيترك بصماته واضحة على القرار المقبل، وسيخلق صعوبات كبيرة للمغرب في هذا الملف، وبالتالي وجب التفكير في إبداع الآليات والميكانيزمات التي بإمكانها أن تشكل مدخلا لاختراق الخارجية الأمريكية وتصحيح توجهاتها المتعارضة مع مصالح المغرب عجز المسؤولين المغاربة عن فهم الحرج الذي توجد فيه فرنسا إذا استمرت في دعمها المطلق للمغرب في معارضة مراقبة حقوق الإنسان، في وقت يطالب فيه الاتحاد الأوروبي باحترام حقوق الإنسان، لاسيما أن هذا التيار تقوده دول نافذة مثل بريطانيا وألمانيا ودول شمال أوروبا وحتى إسبانيا تماطل الدولة المغربية في تطبيق وتنفيذ الجهوية الموسعة أو المتقدمة في الصحراء والالتزام بتطويرها مستقبلا لمستوى معين من الحكم الذاتي، والتي بإمكانها أن تعزز مواقف المغرب ومصالحه. استمرار سياسة التخبط بين المحيط الملكي والحكومة في تدبير ومعالجة ملف الصحراء، الأول يعمل على تهميش رئيس الحكومة ووزير خارجيته. والثاني يفتقر إلى الشجاعة السياسية لاتخاذ مبادرات جريئة وشجاعة، وفي ظل الترقب والانتظارية حول ما ستأتي به الأيام القادمة في خضم هذه التطورات المتربصة بملف وحدتنا الترابية وقضيتنا الوطنية لم يبق أمامنا من خيار سوى أن نقف وقفة رجل واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، متذكرين وصية الحسن الثاني «وصيتي لكم جميعا لمن هو أكبر مني سنا ولمن هو أصغر مني سنا لا تنسوا الصحراء وإياكم أن تنسوها، لأنه من قرأ تاريخ المغرب يعرف أن الخير كله يأتي من الصحراء وأن الشر كله يأتي من الصحراء» وقوله «لأن أتنازل عن العرش خير لي من أن أتنازل عن شبر واحد من الصحراء». باحث ومختص في شؤون وقضايا الصحراء