العمل البرلماني المشترك أداة أساسية لبلورة وتنزيل رؤية إفريقية أطلسية مشتركة (بوريطة)    اتفاقية جديدة تمنح تخفيضات للشباب لشراء السكن من "العمران" في مدن الشمال    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    شرطة طنجة توقف شخصين بحوزتهما 2430 قرصًا مخدرًا    قيوح يشدد على مصالح وزارته بضرورة تعزيز الشفافية وتسريع معالجة الشكايات    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    منتدى "النكسوس" يقترح حلولا مبتكرة لتحديات التغير المناخي    تفاصيل مشروع ولوج حاملي جواز الشباب للسكن بأثمان تفضيلية    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    استعداداً لحملة ضد "بوحمرون".. وزراة الصحة بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية تطلب من أولياء التلميذ الموافقة على الاطلاع على الدفاتر الصحية لأبنائهم    "ستيلانتيس القنيطرة" يطور الإنتاج    قانون الإضراب الجديد في المغرب: حماية للحقوق أم تقييد للحريات النقابية؟    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    عضو في الكونغريس الأمريكي يضغط على قيس سعيّد ويقترح قانونًا لمعاقبة نظامه    ألباريس: إسبانيا ترفض استقبال فلسطينيين في حال تهجيرهم من غزة    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    توسعة الطريق التكميلية بين الداخلة والكركرات: مراحل هامة نحو تحسين التنقل أقصى جنوب المملكة    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    المغرب يحقق رقماً قياسياً في توافد السياح خلال يناير 2025    معرض للفن الإفريقي المعاصر يحول مراكش إلى وجهة فنية    محاكمة مقاول بتارودانت يشتبه تورطه في عملية نصب على 24 شخصا من متضرري الزلزال    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية يومي 7 و8 فبراير الجاري    إنتاج التمور في الدول العربية.. ما مدى تقدم المغرب في الإنتاج والجودة؟    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    تعبئة أكثر من 40 مليون درهم لبناء وتهيئة الرّئة الخضراء المستقبلية لأكادير    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    معرض "أليوتيس" بأكادير : الدريوش تعقد سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من الوزراء ومسؤولي قطاع الصيد البحري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    رئيس أولمبيك مارسيليا يشيد بمهدي بنعطية    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    كأس انجلترا: نيوكاسل يؤكد تفوقه على أرسنال ويتأهل للمباراة النهائية    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    طنجة وبرشلونة.. شراكة متجددة وآفاق واعدة استعداداً لكأس العالم 2030    اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريستوفر روس يفقد بكارته السياسية في الصحراء
نشر في المساء يوم 31 - 05 - 2012

قبل توضيح الغاية التي نرجوها من كتابتنا لهذه السطور، علينا أن نؤكد، مع الفقيه ميشال ماي، أنه في ميدان العلوم السياسية ليست هناك ضمانات ضد الأخطاء، فقد نقع في الخطأ،
إلا أنه يكون غير مجاني لأننا لا نستطيع بلورة معلومات جديدة إلا انطلاقا من نقدنا للمعلومات التي قبلناها في فترة معينة. وتأسيسا عليه، تبقى غايتنا الأساسية هي إعادة التفكير والتأمل إزاء السياسة العمومية للقضايا الوطنية الكبرى في ظل الملكية الثانية، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، متمسكين بما يفيد بأنه يمكن تأهيل بيئة القرار في ظل المفهوم الجديد للسلطة عن طريق خطط أو تصورات تقريبية متوالية قابلة للإنجاز، علما بأنها ليست مجرد عملية روتينية يتم ضبطها بشكل تقليدي متتابع، بل تقتضي خطوات حداثية وجريئة بغية إزالة الحجاب عن الواقع وتوضيحه أكثر مما كانت عليه الحال خلال حقبة المفهوم التقليدي للسلطة. وإذا كنا لا نشك في القيمة العلمية لما سنطرحه من أفكار بصرف النظر عن كونه عملا سوف ينال أو لا ينال إعجاب القارئ، فإننا وبموضوعية مواطنة سنتفق مع من لا يتفق حول مقاربتنا الفكرية، وسنطرح جدلا مفاده أن الوضعية السياسية في ظل الملكية الثانية تختلف جذريا عن الوضعية نفسها إبان حكم الملكية الأولى على مستوى تدبير السياسة العمومية عامة وقضية الصحراء بشكل خاص. وانطلاقا من هذا التصور الشامل لأفق العمل السياسي الذي وضعه أمير المؤمنين، نستطيع القول إن تأهيل المجتمع المغربي والانتقال به من حالة حضرية معينة إلى وضعية جديدة يسود فيها السلم السياسي والاجتماعي أكثر، يقتضي تجسيد مختلف الفرضيات إجرائيا على أرض الواقع، بدءا بإيجاد حل سياسي ونهائي لقضية الصحراء التي تجسد وجوديا كينونة الدولة المغربية الشريفة التي لا ينبغي ولن يجوز أن تبقى مبتورة الأجزاء، على اعتبار أنه لا الخصم ولا غيره قادر على تغيير الجغرافيا وطمس مغربية الصحراء. وسنتأكد من حقيقة هذا الطرح عبر فحص القيمة السياسية للتطورات التي عرفتها قضية الصحراء في عهد الملكية الثانية والتي تجسدت بالخصوص في الإنتاج الدبلوماسي جهويا في إطار العلاقات الثنائية ودوليا عبر اللقاءات متعددة الأطراف، مما دفع الجزائر في سابقة هي الأولى في تاريخ العلاقات المتوسطية إلى المطالبة صراحة بتسوية للنزاع عبر تقسيم الصحراء المغربية كحل لا غالب فيه ولا مغلوب. وعلى دعوة الجزائر هذه، كان رد الشعب المغربي واضحا لأنه يؤمن بأن الوحدة آتية كما كان الشأن في الماضي بالنسبة إلى الشعب الألماني وكما سيكون عليه الأمر غدا للشعب الكوري والشعب القبرصي... لأن الوحدة حق لكل الشعوب. وإذا كان الملك قد أبان محليا عن قدرة فائقة في تدبير ملف الصحراء الذي جعله ورشا وطنيا مفتوحا لتعبئة الجميع، فإنه تمكن على المستوى الدولي من تحقيق ثلاثة أهداف: أولا، التنبيه إلى خطورة بلقنة الكيانات الوطنية ودعم الحركات الانفصالية والكيانات الوهمية على سيادة الدول؛ ثانيا، إقناع الكثير من الدول بضرورة سحب اعترافها بجبهة البوليساريو؛ ثالثا، استقطاب دعم الدول الفاعلة دوليا وجهويا لتسوية سياسية للنزاع المفتعل حول الصحراء ضمن السيادة المغربية. وفي الوقت الذي قرر فيه المغرب الاستغناء عن مخطط التسوية التقليدي نظرا إلى استحالة تطبيقه في الميدان، وهي الحقيقة التي أكدها جيمس بيكر عندما طرح مخططا كان مآله الفشل، التزم طبقا لتصورات الأمم المتحدة بالبحث عن حل سياسي يتمثل في حكم ذاتي ضمن السيادة المغربية، وهو التوجه الذي أكده المبعوث الشخصي السابق للأمم المتحدة بيترفان والسوم بقوله «إن أفضل حل للنزاع هو الحكم الذاتي وإن الاستقلال خيار غير واقعي»، هاهو اليوم يطل علينا المبعوث الأممي الجديد كريستوفر روس، بعد ثلاث سنوات من قيادة مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، ليجد نفسه غارقا في رمال صحراء متحركة، معلنا مواقفه السلبية واللاحيادية المنحازة وغير المسؤولة تجاه قضية الصحراء. لقد ارتكب روس مجموعة من الأخطاء طيلة إشرافه على ملف النزاع، حيث كانت الصحافة الإسبانية قد سربت في غشت من سنة 2011 وثيقة سرية بعث بها إلى دول مجموعة أصدقاء الصحراء، هي رسالة ضمّنها اتهامات للمغرب بعرقلة المفاوضات غير الرسمية حين رفض القبول بمناقشة مقترح جبهة البوليساريو. وفي السنة الماضية دلت الكثير من القرائن على أن روس كان هو من سرب نسخة من تقرير بان كيمون بشأن الصحراء، وذلك من أجل إثارة اهتمام الرأي العام الدولي بشأن الوضع الحقوقي في الصحراء المفترى عليه. وتواصل تحامل روس على قضية الصحراء المغربية في التقرير الأخير لأبريل 2012 بأن ضمّنه إساءات معيبة إلى الطرف المغربي لم يكن لها أي وجود في التقارير السابقة، وحتى في التقرير ما قبل الأخير، على الرغم من تداعيات بعض الأحداث كأزمة أميناتو حيدر ومخيم أكديم إزيك. إن استقراء للدلالات التي صيغ بها تقرير بان كيمون الأخير حول الصحراء يبين أنها تبقى مسيئة جدا إلى الموقف التفاوضي المغربي، حيث أشارت الفقرة 91 إلى إمكانية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو بدل أن تبقى وفق التعليمات السابقة لمجلس الأمن بشأن مراقبة وقف إطلاق النار، وبهذا تكون الورقة الحقوقية أحد أهم العناوين البارزة التي سيشتد الجدل والصراع حولها بعدما أراد روس أن تكون محور جولات المفاوضات غير الرسمية. لقد أفسد روس رؤية المفاوضات التي أسس لها سلفه بأن أعادها إلى نقطة الصفر، حيث عاكس استنتاجات سلفه فان والسوم الذي خلص إلى أن استقلال الصحراء خيار غير واقعي، وهي ذات القناعة التي عبر عنها سابقه «إريك جونسن» حين اعتبر أن الحكم الذاتي في الصحراء يشكل خطوة مهمة لحل النزاع، أما بخصوص تجديد الأمين العام للأمم المتحدة ثقته في مبعوثه كريستوفر روس -إذا صح هذا الخبر- بعد أن سحب المغرب رسميا ثقته فيه، فهذا يتناقض مع منهجية الأمم المتحدة في التوسط لحل القضايا الدولية والتي تتطلب وسيطا يرضى عنه الجميع؛ وحتى لو كان ذلك صحيحا فإنه لن يكون إلا لأسابيع ريثما يتم إيجاد وسيط أممي جديد يتفق عليه الطرفان استنادا إلى قضية المبعوث الأممي السابق السيد بيتر فان والسوم الذي رفضته الجزائر على خلفية يقينه بعدم إمكانية خلق دويلة في الصحراء.
وأمام هذا الوضع والمأزق الذي وضعت فيه قضية الصحراء بسبب المواقف المنحازة للمبعوث الأممي كريستوفر روس الذي فقد بكارته السياسية والقانونية بعد أن وطأته المخابرات الجزائرية ولطخت يده بزيوت ومحروقات شركة صوناطراك الجزائرية مثلم فعلته مع بيكر سابقا، ينبغي على الدبلوماسية المغربية أن تتحرك على أكثر من صعيد وأن تبادر إلى توجيه ضربات استباقية وهجومية لإعادة الأمور إلى نصابها، فالشعوب إذا أخطأت تعلمت، وخير لها أن تتعلم عن طريق الخطأ من أن تبقى جاهلة ودون خطأ.
باحث ومختص في شؤون وقضايا الصحراء


عز الدين خمريش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.