يتردد اليوم في أوساط المراقبين والمحللين السياسيين سؤال مستقبل المفاوضات لتسوية ملف الصحراء في ظل سحب المغرب الثقة من المبعوث الأممي إلى الصحراء كريستوفر روس، والخيارات التي أصبحت متاحة. عمليا نحن أمام ثلاث مواقف، أمام قرار المغرب بسحب الثقة رسميا من المبعوث الأممي والمعلل ب»تحيزه وتراجعه عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن وسلوكه لأسلوب غير متوازن ومنحاز في حالات عديدة». موقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد ثقته التامة في ممثله الشخصي، وموقف للجزائر، مناكف للموقف المغربي داعم لاستمرار روس في مهمته. أما الموقف الدولي، فلم يحصل فيه تغيير كبير، ففرنسا، رغم تغير قادتها السياسيين، لم تغير موقفها من دعم ومساندة المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وقد أكد الاشتراكيون الصاعدون إلى الحكم أن هذه المبادرة تمثل «الحل الأكثر واقعية» لتسوية مشكل الصحراء. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية، فيتراوح موقفها بين وصف مبادرة الحكم الذاتي بالمشروع «الجدي والواقعي وذي مصداقية» وأن من شأنها « تمكن الصحراويين من إدارة شؤونهم بأنفسهم» وبين التشديد على دعم واشنطن ل»الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم ومقبول من كل الأطراف لقضية الصحراء». الحصيلة المسجلة في تطورات الموقف الدولي، تؤشر على أن مستقبل التفاوض في ملف الصحراء، بل مستقبل الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، سيتحدد من داخل أطراف النزاع وليس من خارجها. فليست هذه هي المرة الأولى التي يقع فيها الاحتجاج على الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، فقد سبق أن وقع الاحتجاج على جيمس بيكر سواء من قبل المغرب الذي رفض اقتراحه بتقسيم الصحراء ضمن حلوله الأربعة التي اقترحها على الأمين العام سنة 2002، كما وقع الاحتجاج عليه من قبل الجزائر التي رفضت الحل الأول المتمثل في الاستفتاء وتبني الاتفاق الإطار الذي يدعو إلى حل سياسي تفاوضي تحت السيادة المغربية، وفي الأخير، وبسبب الموقف المغربي الحازم، اضطر الأمين العام للأمم المتحدة للإقرار بأن مخطط بيكر «لم يسفر عن مسلسل فعال « لتسوية قضية الصحراء، وعلل ذلك بتباين الآراء بين الأطراف المعنية، واضطر بعد ذلك إلى إنهاء مهمة بيكر. كما تم إنهاء مهمة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة البيروفي الفارو دي صوتو، الذي لم يمض مدة طويلة في منصبه بسبب اعتراضات عليه من الجزائر وجبهة البوليساريو رغم إعراب المغرب استعداده للتعامل معه. كما فرضت ضغوط قوية على الممثل الشخصي للأمين العام، الدبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم، لتقديم استقالته بسبب تأكيده في تقريره على أن «استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا»، وهو الموقف الذي أشاد به المغرب معتبرا أن فالسوم أدى مهمته بموضوعية عالية جدا، وأنه كانت له الشجاعة الكافية ليقول ما ينبغي قوله. بكلمة، وبعد هذا المسار الطويل من مهام ممثلي الأمين العام للأمم المتحدة لتسوية مشكل الصحراء، فإن الموقف المغربي الحاسم من كريستوفر روس الممثل الشخصي للأمين العام سيجعل مهمته تنتهي كما انتهت مهمة جيمس بيكر من قبله، وأن تجديد الأمين العام للأمم المتحدة الثقة في كريستوفر ليس أكثر من الشكر التقليدي الأخير على أداء المهمة، لاسيما وقد تردد خبر إلغاء الزيارة التي كانت مرتقبة له إلى المنطقة في منتصف ماي الجاري.