تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة يؤكد أهمية ريادة الأعمال الاجتماعية والخضراء في تحقيق التنمية    إسرائيل تتسلم جثث 4 رهائن ضمن صفقة تبادل مع حماس    السلطات تسمح بزيادة الجماهير في مباراة اتحاد طنجة وشباب السوالم إلى هذا العدد    زيارة لقجع لموريتانيا .. التفاصيل الكاملة    هل يمكن لنهضة بركان مواصلة اللعب بقميصه؟ تحليل قانوني في ضوء لوائح الكاف واجتهادات محكمة التحكيم الرياضي    العيون.. تنظيم الأيام الطبية الأولى المغربية الأمريكية    وفد رفيع المستوى من جامعة جبل طارق يزور كلية العلوم بتطوان لتعزيز التعاون الأكاديمي    رمضان .. وزارة التربية الوطنية تعلن عن توقيت الدراسة الجديد    وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تعلن موعد مراقبة هلال شهر رمضان لعام 1446 هجرية    إعفاء قائد الملحقة الإدارية الذي أصدر قرار إغلاق محل "مول السريدن"    استئنافية البيضاء تؤجل محاكمة البدراوي وكريمين في قضية تدبير النظافة ببوزنيقة    العثور على الممثل الأمريكي جين هاكمان وزوجته وكلبهما ميتين في منزلهما    حماة للمستهلك يثمنون حكمة الملك    وفد من إدارة عمليات السلام لمنظمة الأمم المتحدة يحط الرحال بمدينة العيون    العثور على الممثل جين هاكمان جثة هامدة في نيو مكسيكو    مصر تستقبل "فلسطينيين مبعدين"    إسرائيل تحرر مئات الفلسطينيين    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    مكتب السكك الحديدية.. إسناد صفقات اقتناء 168 قطارا بقيمة 29 مليار درهم    الجزائر تصف قرارات فرنسا ب"القذرة" وخوف النظام الجزائري جعله يحذف الكلمة في النسخة الفرنسية لبيان الخارجية الجزائرية    نزار بركة وفن "التفجير" الداخلي    محكمة التحكيم الرياضية تنتصر للاتحاد الجزائري لكرة القدم في قضية قمصان نهضة بركان    حِينَمَا يَفْضَحُ "حُوتُ الْفُقَرَاءِ" جَشَعَ الْأَغْنِيَاءِ.. !    غاستون باشلار : إنشاد صامت    مراوحة الميتافيزيقا عند نيتشه وهيدجر بين الانهاء والاكتمال    درس حوات مراكش البليغ!    "إندريك" يقود الريال للفوز على سوسيداد في كأس إسبانيا    تراجع طفيف في أسعار الذهب    تصعيد جديد.. باريس تهدد بمراجعة الاتفاقيات إذا استمرت الجزائر في رفض مواطنيها    ترامب يؤكد أنه سيفرض رسوما جمركيا بقيمة 25% على السلع الأوروبية وبروكسل تهدد بالرد    الصين: شنغهاي تلتزم بحماية الملكية الفكرية للشركات الأجنبية    الجيش الأميركي سيطرد المتحولين جنسيا باستثناء من يحصل منهم على إعفاء    البنك الدولي يجدد التزامه بدعم المغرب في استعداداته لتنظيم كأس العالم 2030    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    في أحدث مؤلفاتها.. كاتبة فرنسية تشيد بقيادة الملك محمد السادس وتستعرض احترافية الأجهزة الأمنية المغربية    الحركة الشعبية تحيي القرار الملكي بإلغاء شعيرة نحر أضاحي العيد    التلاعب في الأسعار بين ضعف المراقبة والتراخي في تطبيق القانون    بنزاكور يقدم "عملاق من الريف"    غانم سايس يجري عملية جراحية ناجحة    تقرير يوصي بتفعيل وكالة التقويم    دلالات عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية.. أساس شرعي وتيسير اجتماعي    "اللجنة المؤقتة" تتباحث حول أخلاقيات الصحافة للحد من "فوضى القطاع"    بسبب تراجع أعداد الماشية.. الملك محمد السادس يهيب بالمغاربة بعدم القيام بشعيرة أضحية العيد هذه السنة    أمير المؤمنين الملك محمد السادس يرفع الحرج على شعبه الوفي    المغرب يلغي شعيرة عيد الأضحى للمرة الرابعة منذ الاستقلال    اتحاد أيت ملول يواجه مولودية العيون في مواجهة مصيرية لتفادي المراكز المتأخرة … !    أمير المؤمنين يلغي شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة    نهضة بركان يرحب بقرار المحكمة الرياضية بشأن مباراة اتحاد الجزائر    الفنان الدوزي يتوج بجائزة "أفضل فنان مغربي" في مهرجان العراق الدولي ويغني للصحراء المغربية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    رمضان .. محمد باسو يعلن عن الموسم الثاني من سّي الكالة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    شبكة مُعقدة من الاسرار والحكايات في المٌسلسل المغربي "يوم ملقاك" على ""MBC5" يومياً في رمضان    "مجموعة MBC" تطلق MBCNOW: تجربة بث جديدة لعشاق الترفيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدقيق المالي ومحاربة الفساد بالمرفق العمومي
نشر في المساء يوم 15 - 08 - 2012

يعتبر المرفق العمومي إحدى أهم الركائز الأساسية التي تعول عليها الدولة من أجل الاستجابة لمتطلبات المواطنين أو المرتفقين الاقتصادية والاجتماعية.
لقد تعددت تعريفات مفهوم الفساد المالي، إذ هناك من يربطه بالاختلاس المباشر ومنهم من يربطه بسوء التصرف في المال العام، إلا أنه إذا ما أردنا التطرق للمفهوم الصحيح للفساد
فسنجد أنه تتفرع عنه مجموعة من المعاني السلبية التي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: «الرشوة، الاختلاس والتبذير». ورغبة من مجموعة من الدول في محاربة هذه الظواهر السلبية، قامت بنهج مقاربة تدقيقية تم تضمينها آليات مراقبتية ذات بعدين، داخلي وخارجي، وبالتالي يمكن تعريف التدقيق المالي بشقيه الداخلي والخارجي بكونه «تلك العملية المراقبتية التي تهدف إلى ضبط أو عقلنة عمليات صرف الأموال العمومية، من جهة، واكتشاف كل العمليات المالية التدليسية ومساءلة مرتكبيها، من جهة أخرى». هذا وتخصص الدولة ضمن ميزانيتها السنوية مبالغ مالية هامة لكل مرفق على حدة، لا لشيء إلا من أجل ضمان مبدأ الاستمرارية باعتباره أحد أهم المبادئ الأساسية التي لا يمكن للمرفق العمومي أن يقوم بدونها.
لقد عرف المغرب، منذ حصوله على الاستقلال، عدة تطورات شابت الواقع المعيشي للمواطن في شقيه الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي نتجت عنه الحاجة الملحة إلى إحداث مجموعة من الوحدات الإدارية المرفقية؛ مما دفع الدولة، في إطار تدبير ميزانيتها، إلى مضاعفة المبالغ الخاصة بالميزانيات القطاعية حرصا منها على محاولة خلق التوازن بين العرض والطلب المرفقيين، كما أنه بالموازاة مع تحديات العولمة المفرطة المقترنة بالسرعة والفعالية والجودة في إطار معلوماتي إلكتروني مائة في المائة ولمسايرة ركب الدول المتقدمة في هذا المجال، قامت مجموعة من الدول النامية، ومن بينها المغرب، بإدخال عدة تعديلات على برامجها المالية، مما نتج عنه ميلاد نظام مالي ونقدي معلوماتي.
لقد قامت الدولة المغربية بعدة تدابير احترازية، تهدف بالأساس إلى المحافظة على المال العام من التبذير والاختلاس، الأمر الذي تكلل بإحداث عدة مؤسسات مالية رقابية تجلت في كل من المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، هاته الأخيرة التي أسندت إليها مهمة مراقبة المالية العامة للمرافق العمومية، ومن ثمة إعداد تقارير سنوية. وبالفعل، قامت هذه المؤسسات بإصدار تقارير مالية سنوية وقفت من خلالها على مجموعة من الاختلالات التي شابت تدبير الشق المالي لمجموعة من المرافق العمومية، وهو أمر لم تكن له نتائج ملموسة من الناحية التطبيقية، هذا إذا ما علمنا بأن مجمل تقارير هذه المؤسسات ذات صبغة استشارية فقط.
إن التدقيق المالي يهدف إلى تحقيق مجموعة من المكاسب تتجلى أساسا في:
1 - مكاسب مباشرة، وتتجلى في:
الحفاظ على الأموال العمومية من كل ما من شأنه أن يغير المنحى الذي رصدت من أجل الوصول إلى تحقيقه؛
2 - مكاسب غير مباشرة، وتتجلى في:
- القيام بعملية المتابعة الميدانية الصرفة القريبة، متوسطة وطويلة الأمد، لمجال صرف الأموال العمومية؛
- الاكتشاف المبكر لمحاولات أو لعمليات الاختلاس والتدليس، مما من شأنه المحافظة على وحدة الأموال العمومية وصيانتها من الضياع والتبذير، وكذا الضرب على أيدي كل المخالفين، سواء بإثارة انتباههم أو بتطبيق العقوبات الزجرية الجاري بها العمل في الجرائم المالية في حقهم في حال ما إذا ثبت تورطهم المباشر أو غير المباشر؛
- إعطاء العبرة لكل من تسول له نفسه استعمال الأموال العمومية في غير ما رصدت من أجله؛
- ضمان استمرار الخدمة المرفقية؛
- تنمية الشعور بالانتماء الوطني لدى المواطن، ذلك أن اتخاذ عقوبات زجرية في حق كل المخالفين لقواعد الأمانة والنزاهة المفترضتين في مسيري المرفق العمومي سيضع المواطن الصالح الأكثر غيرة على بلده في المرتبة الأولى، وليس هذا فحسب بل سيؤثر بصفة إيجابية على ذوي التفكير السلبي، الأمر الذي سيعود لا محالة بالنفع على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن والمواطن... إلخ.
إن القضاء على الجرائم المالية، بشقيها التقليدي والإلكتروني، رهين بتنمية الترسانة القانونية الخاصة بهذا المجال، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خلق وحدات مراقبتية داخل المرافق العمومية يعهد إليها بمهمة السهر على مراقبة مجال صرف الأموال العمومية، وحدات تمتاز باستقلالية القرار وتوضع رهن إشارتها مختلف الموارد المادية البشرية واللوجستية بهدف ضمان نزاهتها في التعاطي مع الملفات المالية المرفقية.
إن المغرب، باعتباره دولة من الدول الطامحة إلى تحقيق النماء الاقتصادي والاجتماعي، مطالب الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بإصلاح منظومة المراقبة المالية، الأمر الذي لن يتحقق إلا بالانتقال من الصبغة الاستشارية للتقارير الصادرة عن المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات إلى الصبغة التطبيقية والإجبارية، وذلك لأن منطق الزجر يمكن اعتباره من بين أهم وسائل الردع وإعطاء العبرة في آن واحد، لأن القانون سيف ذو حدين، فهو تارة يقوم بصيانة حقوق المواطن ويضمن تارة أخرى قيامه بواجباته.
إن منطق «عفا الله عما سلف» لا يمكن قبوله البتة في النطاق الخاص بالجرائم المالية أو غيرها، ذلك أن هاته الأخيرة تم ارتكابها في حق المجتمع بأسره، وبالتالي لا يمكن جبر ضررها إلا بمعاقبة المخالفين واسترداد ما تم السطو عليه بغير وجه حق.
إن محاربة ظاهرة الجرائم المالية في بلادنا لا يمكن أن تتم بمعزل عن إشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، الأمر الذي سيمكننا، إن تمّ، من ضمان حاضر ومستقبل وطني زاهر.



العباس الوردي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.