في إطار إعادة هيكلة الحقل السياسي وتعزيز الحكامة الحزبية والانتخابية والبرلمانية، قام المشرع المغربي في الفترة الممتدة من 1997 إلى 2006 ببلورة وتحيين العديد من النصوص القانونية من قبيل مدونة الانتخابات والقانونين التنظيميين لمجلسي النواب والمستشارين، وقانون الأحزاب السياسية. ولقد سبق للهيئة في تقريرها لسنة 2009 أن قامت بتقييم هذه المنظومة للوقوف على مدى ملاءمتها مع المرجعيات الدولية للوقاية من الفساد السياسي، حيث خلصت إلى أن هناك مكتسبات إيجابية ينبغي تثمينها ونواقص ينبغي العمل على تداركها: المكتسبات: - تضمين مدونة الانتخابات لمقتضيات إيجابية في مجال مراقبة تمويل الحملات والنفقات الانتخابية5 تستهدف: * استبعاد كل شكل من أشكال التمويل السري مقابل إقرار مبدأ تقديم دعم مالي من طرف الدولة مع ضمان احترام المرشحين للسقف المحدد للمصاريف الانتخابية، * إلزام الأحزاب بإثبات استعمال المبالغ التي حصلت عليها للغايات التي منحت من أجلها، تحت طائلة اعتبار أي تجاوز في هذا الشأن بمثابة اختلاس للمال العام يعاقب عليه وفق أحكام القانون الجنائي، * إلزام المرشحين للانتخابات بالتقيد بسقف للنفقات، وبتقديم جرد للمبالغ التي تم صرفها أثناء الحملة الانتخابية مرفقة بالوثائق المثبتة6 للجنة تضطلع بمهمة التحقق. - إرساء آلية شفافة لتمويل الأحزاب السياسية7 تتأسس على مقتضيات رادعة للتجاوزات المتعلقة بالتدبير الحزبي تتمحور حول القواعد التالية: * إلزام الأحزاب بالتمويل من مصادر وطنية، مع منع كل دعم مباشر أو غير مباشر من طرف الهيئات العمومية أو الجماعات المحلية، * تحديد سقف الاستفادة من الدعم السنوي للدولة في 5% على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية، * إلزام الأحزاب بإثبات استعمال المبالغ المحصل عليها وفق الغايات التي منحت من أجلها واعتبار أي استخدام كلي أو جزئي لهذه المبالغ لأغراض غير تلك التي منحت من أجلها اختلاسا للمال العام، * الالتزام بمسك محاسبة سنوية مشهود بصحتها وإيداعها رفقة الوثائق المثبتة لدى المجلس الأعلى للحسابات. - تضمين القانون التنظيمي لمجلسي البرلمان لمقتضيات تمنع الأعضاء، تحت طائلة الإقالة والتجريد من العضوية من: * مزاولة مهام رئيس مجلس الإدارة أو متصرف منتدب وكذلك مهام مدير عام أو مدير وعند الاقتضاء مهام عضو في مجلس الإدارة الجماعية أو عضو في مجلس الرقابة المزاولة في شركات المساهمة التي تملك الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة أكثر من نسبة 30% من رأسمالها8، * رئاسة أكثر من جماعتين محليتين أو مجموعة حضرية أو غرفة مهنية، * مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية، * القيام بمأمورية مؤقتة تتجاوز ستة أشهر، * مزاولة مهام تؤدي عنها الأجرة دولة أجنبية أو منظمة دولية، - منع القانون التنظيمي لمجلس النواب الأعضاء من ذكر أسمائهم مشفوعة بذكر صفاتهم في أي إشهار يتعلق بمقاولة مالية أو صناعية أو تجارية، تحت طائلة العقوبات الحبسية والمالية في حق مسؤولي هذه المقاولات. ب- النواقص المرصودة: - وجود بعض الثغرات في مدونة الانتخابات تتجلى في: * إعفاء المرشحين للانتخابات الجماعية والمهنية من إيداع جرد النفقات الانتخابية لدى لجنة التحقق9، * عدم التنصيص على نشر تقرير لجنة التحقق، * الاكتفاء بتمكين لجنة التحقق من إحالة الاختلالات المرصودة إلى الجهة القضائية المختصة دون تحديد الأساس القانوني الذي يمكن للقضاء الاعتماد عليه لمتابعة ومعاقبة المخالفين. - حصر حق الاطلاع على الحصيلة المالية للأحزاب فقط على «من يعنيه الأمر» دون التنصيص على إلزام الأحزاب السياسية بنشر الوثائق المقدمة لمجلس الحسابات، الأمر الذي من شأنه أن يفوت على المواطنين فرصا حقيقية لممارسة اختياراتهم السياسية ويتعارض مع أبسط قواعد الشفافية. - تضمين القانون التنظيمي لمجلس النواب لمقتضى10 يسمح بالجمع بين مهام التمثيلية المحلية والجهوية والتمثيلية التشريعية، الشيء الذي لا يضمن استقلالية الممارسة التشريعية عن أي اعتبارات مصلحية، سيما وأن هذا الجمع قد يؤدي في الواقع إلى تمركز للسلط وبالتالي إلى إفراغ بعض القوانين المتعلقة بالوقاية من الفساد من مضمونها.