كشفت دراسة أنجزها مكتب الدراسات «مازار» حول واقع المنافسة في قطاع زيت المائدة، بطلب من مجلس المنافسة، عن وجود «تفاهم خفي» بين الفاعلين الرئيسيين في قطاع زيوت المائدة بالمغرب حول أسعار هذه المادة في الأسواق الوطنية. وأكدت الدراسة، التي تم كشف خطوطها العريضة صبيحة أمس الثلاثاء، في ورشة نظمت بمقر مجلس المنافسة بالرباط، وجود احتكار في قطاع زيوت المائدة، رغم أنه كان في مستهل العقد الماضي موضوع عملية للتحرير رفعت الدولة بمقتضاها يدها عن هذه السوق. ورغم أن الدولة رفعت يدها عن هذا القطاع منذ سنوات عديدة، لا يزال، حسب الدراسة، ثلاثة فاعلين أساسيين يحتكرون رقم معاملاته بنسبة 98 في المائة. كما أشارت الدراسة إلى أن شركة «لوسيور كريسطال» لا تزال تبسط هيمنتها على هذه السوق، وإن كانت تلقى منافسة شرسة من قبل شركة «صافولا»، التي ولجت السوق المغربية سنة 2004. وتوقعت الدراسة أيضا أن تتقوى القدرات التنافسية لشركة «لوسيور كريسطال» على المديين البعيد والمتوسط، خصوصا أنها تتوفر على شبكة هامة للتخزين والتوزيع، وتتمتع بوصفها رائدا محليا في هذا القطاع على مؤهلات كبرى تدعم مكانتها. وفي تعليق له على الخلاصات الأولية للدراسة، أشار محمد رشيد باينة، عضو مجلس المنافسة، إلى ما أسماه تبعية الفاعلين الصغار في هذا القطاع للشركة الرائدة وطنيا في هذه السوق. وتتجلى هذه التبعية بشكل خاص، حسب باينة، وهو أيضا إطار بوزارة الشؤون العامة والحكامة، في سير الفاعلين الصغار على نهج الفاعل المهيمن في مجال تحديد الأسعار في ظل وجود مخاوف من عدم امتلاك القدرة على الصمود في السوق، وهو ما يفسر إفلاس عدد من الشركات الناشطة في هذا القطاع في السنوات الماضية. من جهته، أكد نجب بنعمور، المدير العام لصندوق المقاصة، على صعوبة رصد الممارسات غير التنافسية في هذا القطاع، رغم مرور سنوات عديدة على تحرير أسعاره. وقد نفى بعض المعطيات الواردة في الدراسة، لا سيما الجانب المتعلق باستيراد المواد الأولية، حيث أكد بنعمور أن الفاعلين في هذا المجال بالمغرب يستوردون الزيت الخام ويكملون تصنيعه محليا قبل توزيعه، وهو ما انعكس سلبا على زراعة المواد الأولية لصناعة الزيوت، بالإضافة إلى حجم الاستثمارات التي يتم ضخها في هذا القطاع. غير أن كلا من سمير الودغيري، المدير العام لشركة «لوسيور كريسطال»، وإياد صبح، المدير العام لشركة «صافولا المغرب»، أبرز فاعلين في هذا القطاع بالمغرب، أوضحا أن شركتيهما تنجزان استثمارات سنوية، رغم اعتمادهما على استيراد الزيت الخام قبل العمل على تكريره في المصانع المحلية. وفي هذا السياق، أوضح الودغيري أن إجمالي الاستثمارات السنوية لشركته تتراوح بين 70 و100 مليون درهم. في المقابل، أشار المدير العام لصندوق المقاصة إلى أن الدولة ارتكبت خطأ عندما لم تفرض على الفاعلين الراغبين في ولوج القطاع ضرورة استيراد المواد الأولية وتصنيعها بالكامل بالمغرب بعد استيراد الزيت الخام. وانتقد أيضا الانعكاسات السلبية لعدد من اتفاقيات التبادل الحر المبرمة التي أبرمها المغرب في السنوات الماضية، خصوصا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، على الإنتاج الوطني من المواد الأولية التي تدخل في صناعة الزيوت، وفي مقدمتها زهرة عباد الشمس.