بقدر ما كان الخروج المغربي من نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012 بغينيا الاستوائية والغابون مخيبا ومهينا للكرة المغربية، التي كانت تراهن على حضور قوي، فإن طريقة تدبير «فضيحة» الغابون تكشف أن الكرة المغربية مازالت غارقة في الهواية. صمت مريب وتهرب من المسؤولية ومستقبل غامض، هذه هي العناوين البارزة للمنتخب الوطني اليوم. والحقيقة أن هذا الجدار من الصمت، لا يعتبر ديدنا للجامعة في الإخفاقات الكروية فقط، بل إنه أسلوب للتعامل حتى عندما يتعلق الأمر بالصفقات المالية وبمصاريف الجامعة. عندما تتعالى الأصوات مطالبة بالكشف عن راتب البلجيكي إيريك غيريتس، مدرب المنتخب الوطني لا يتردد مسؤولو الجامعة في التأكيد أن هناك بندا سريا في العقد الذي يربط الجامعة بغيريتس يمنعها من الكشف عنه، أما بعض «المجتهدين»، وبينهم وزير الشباب والرياضة فهم لا يترددون في التأكيد أن غيريتس لا يحصل على راتبه من المال العام، وإنما من عائدات الاستشهار، وكأن هذه الشركات تمنح مالها بشكل شخصي لعلي الفاسي الفهري، وليس لمؤسسة اسمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. لنقفز على راتب غيريتس، ولنتحدث عن تفاصيل أخرى، وسنجد أن راتب الهولندي بيم فيربيك، مدرب المنتخب الأولمبي بات بدوره سرا، فالجامعة رفضت الكشف عنه، وبالمبرر نفسه سرية العقد، وكأن هذه الجامعة تخاطب بلهاء، وليس شعبا يفهم كرة القدم ويعرف خباياها وأدق تفاصيلها أكثر من المسؤولين الذين يديرون اللعبة. تفاصيل مالية الجامعة بدورها غير معلنة، فالجامعة لم تقدم أي تقرير مالي منذ أن توات المسؤولية في 16 أبريل 2009. ما الذي يمنع الجامعة من الكشف عن أدق التفاصيل المالية؟ وألم يتعهد الفاسي الفهري نفسه في الجمع العام الذي نصبه رئيسا بأن يقوم بتدبير الجامعة بكل شفافية؟ فما الذي جعل «الشفافية» مجرد شعار فقط، وليست حقيقة على أرض الواقع؟ ألم تدع الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية الثانية للرياضة بالصخيرات إلى دمقرطة المشهد الرياضي وإلى الاحترافية والمهنية؟ أليس من الاحترافية إسناد الأمور لأهلها والكشف عن أدق التفاصيل المالية؟ ألم يربط الدستور الجديد للمملكة المسؤولية بالمحاسبة؟ فما الذي يدفع مسؤولي الجامعة إلى تولي المسؤولية ورفض المحاسبة؟ لقد أقصي المنتخب الوطني بشكل مهين، وخيب آمال المغاربة، ليس لأن غيريتس أخطأ الاختيار فقط، ولكن لأن من يتولون المسؤولية جاؤوا بمظلة من فوق، ولأنهم يعتبرون أن ليس لأحد الحق في محاسبتهم، إلا الذين جاؤوا بهم، أما الجموع العام وانتخاب رئيس وفق القانون، فليس بالنسبة لهم إلا مجرد ترف.