تحول «عرس» كرة القدم الإفريقية، إلى «مأتم» للمنتخب الوطني، الذي جاء إلى الغابون في «ثوب» البطل، يراهن على إنجاز تاريخي، وعلى تحقيق «حلم» طالما راود كرة القدم المغربية، فإذا بالحلم يتحول إلى كابوس، بعد الخروج المذل والمهين للمنتخب الوطني، ففي مباراتين تلقى هزيمتين، ليقصى بشكل مبكر، مسجلا أسوأ مشاركة في تاريخ كرة القدم المغربية، ولمكر الصدف فإنها تحققت مع أغلى مدرب في تاريخ كرة القدم المغربية، ومع أغلى مدرب يشارك في نهائيات كأس إفريقيا. من يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق، ومن هو المسؤول عن الفشل الذريع، وعن هذا الزلزال الكروي الذي سيعيد الكرة المغربية والمنتخب الوطني سنوات إلى الوراء؟ هناك اليوم من يسعى ليحمل المسؤولية للمدرب إيريك غيريتس، ولاختياراته الخاطئة، سواء على مستوى التحضير أو اختيارات اللاعبين، وهو أمر له جانب من الصواب، فغيريتس أثبت أنه مدرب من ورق، وأنه يجيد إطلاق التصريحات الصحفية، أكثر من إجادته قيادة منتخب وطني. لكن الحقيقة أن غيريتس جزء من الفشل فقط وأحد عناصره، أما المسؤول الأول فهي جامعة الفهري، التي أظهرت منذ توليها المهمة أنها عاجزة عن قيادة المنتخب الأول في الطريق الصحيح، وأنها كانت تبيع لنا الوهم. تعالوا نعود إلى الوراء لنفهم حقيقة ما جرى، ولنخلص إلى أن حصيلة الغابون كانت مستحقة. لقد ضيعت جامعة الفهري أكثر من سنتين، فبعد إقالة الفرنسي روجي لومير، عينت تركيبة رباعية مؤقتة ضمت حسن مومن وجمال السلامي والحسين عموتة وعبد الغني الناصري، أنيطت بها مهمة إكمال التصفيات لتي انتهت في نونبر 2009 بمباراة الكامرون بفاس(0-2). كان علينا أن ننتظر سنة أخرى فغيريتس لم يباشر مهامه الفعلية إلا في نونبر 2010 عندما قاد المنتخب الوطني في مباراة إيرلندا الشمالية الودية ببلفاست(1-1). لقد ضاعت سنتان من العمل، كان من الممكن بمدرب متفرغ، ولديه الثقة الكاملة من الجامعة أن يحقق نتائج أفضل، في أسوأ الأحوال لن تكون بنفس درجة سوء نتائج غيريتس. لقد أصرت الجامعة على التعاقد مع غيريتس براتب شهري خيالي يصل إلى 250 مليون سنتيم شهريا، وحولته إلى سر من أسرار الدولة، معتقدة أن هذا المدرب بمقدوره النجاح. إن ما يصنع نجاح أي مدرب ليس راتبه الشهري الخيالي، ولكن ما يصنع النجاح، هو صدق النوايا ووجود إرادة حقيقية للعمل وإسناد الأمور لذوي الاختصاص، وليس لمن يأتون بمظلة من فوق، ويحرقون أعصاب المغاربة. لقد نجح حسن شحاتة مع منتخب مصر وقاده إلى تحقيق ثلاثة ألقاب متتالية، رغم أن راتبه لا يتجاوز 20 مليون سنتيم، وجاء غيريتس وهو يتقاضى أكياسا من المال، دون أن يتفوق في أول مهمة. إن غيريتس لا يتحمل مسؤولية ما وقع في الغابون، فهو جاء إلى المغرب ليجمع الأموال وليستمتع بشمسه الدافئة، وليتعلم كيف يدير منتخبا وطنيا يمارس في إفريقيا، وليمارس أيضا «قسوحية الراس». إن المسؤول الأول عن هذا الفشل هو جامعة كرة القدم، ورئيسها علي الفاسي الفهري، الذي عليه أن يستقيل من مهامه رفقة أعضاء مكتبه الجامعي، إذا كانوا فعلا يحسون بالألم الذي سببوه للمغاربة، فما عاد هناك متسع للصبر.