انتقد أبطال مغاربة شاركوا مؤخرا في دورة الألعاب الأولمبية الموازية ب«بكين» الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة الحصيلة التي خرج بها المغرب من هذه الدورة واعتبروها «جد هزيلة» بالنظر إلى حجم الإمكانيات والمؤهلات التي يتوفرون عليها، على حد قولهم. وكشف المتحدثون أنفسهم الذين حازوا على ميداليات مختلفة في هذه المنافسات في تصريحات متطابقة ل«المساء» أن التهميش والإهمال اللذين عانوا منهما طيلة فترة الاستعداد لهذه الدورة الأولمبية أثرا بشكل كبير على مردودهم وأدائهم وحال دون تحقيقهم لنتائج وأرقام عالمية كانت في متناولهم، مضيفين بأن نفس المعاناة عايشوها طيلة مدة إقامتهم ببكين وقبيل انطلاق المسابقات التي سيخوضونها وجعلتهم يرزحون تحت ضغط نفسي رهيب، حسب تعبيرهم. وأعرب الأبطال الأولمبيون عن خيبة أملهم الكبيرة لعدم تمكنهم من إبراز طاقاتهم التي كانت تتيح لهم تحطيم أرقام قياسية عالمية والفوز بالمزيد من الميداليات الذهبية. وقالت المصادر ذاتها إن ضعف الاستعدادات وهشاشتها وغياب مدير تقني كفؤ ومؤهل وكذا دكتور مختص في الطب الرياضي ومدلك وعدم وجود مضمار ألعاب قوى خاص بالرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة كلها عوامل ساهمت في تضييع الميداليات خلال هذه الألعاب وفي مشاركة رياضيين مغاربة تحت رايات بلدان أخرى. وطالبت المصادر نفسها بوضع حد للفوضى التي أصبحت تعيشها رياضة الأشخاص المعاقين بالمغرب متهمة بعض المسؤولين بمحاولة استغلالها لتحقيق مآرب ومصالح خاصة، مستدلين على ذلك بإقصائهم من الاستقبال الملكي الذي أقيم مؤخرا بسلا على هامش الاحتفالات باليوم الوطني للمعاق حيث حضر المسؤولون فقط برفقة رياضي معاق مغمور لم يحقق أي إنجاز يذكر، وذلك لغرض في نفس يعقوب، على حد تعبير المصادر ذاتها. وفي السياق ذاته، حملت البطلة الأولمبية ليلى الكَرعة صاحبة التصنيف على الميدالية النحاسية في رياضة دفع الجلة بأولمبياد «بكين» سعيد المريني المدير التقني للمنتخب الوطني للمعاقين مسؤولية إخفاقها في الدفاع عن رقمها القياسي العالمي في نفس الاختصاص، وقالت بأنه كان سببا رئيسيا في تشتيت تركيزها وتدني مستواها بعد أن ظل يضايقها طيلة السنوات الأربع الماضية ويكن لها حقدا دفينا بعد أن رفضت تسلم «ظرف» منه كان ينوي إيصاله للملك محمد السادس عن طريقها أثناء توشيحها بمدينة تطوان بوسام ملكي كأفضل رياضية لحصولها سنة 2004 على فضية مسابقة دفع الجلة بأولمبياد أثينا. وأضافت الكَرعة أن الميدالية النحاسية التي أحرزتها ب«بكين» جاءت بفضل مجهودها الخاص ورغبتها الجامحة في إفشال المحاولات الهادفة إلى إحباط مسيرتها الرياضية بسبب مواقفها المؤيدة لحقوق الرياضيين المعاقين، وزادت مستطردة «لقد أحسست بإهانة كبيرة حينما لم يتقدم أي مسؤول من الوفد المرافق للاطمئنان علي بعدما أنهيت مشاركتي في مسابقة رمي الأسطوانة في المرتبة الرابعة، حيث وجدت نفسي وحيدة بمضمار الألعاب بدون مرشد وتهت بين مرافقه لساعات طوال وهو ما أثر بشكل كبير على نفسيتي». وأعربت البطلة الأولمبية عن استيائها العميق لكون الإصابة الخطيرة التي ظلت تعاني منها في رجلها اليمنى قبل سفرها إلى «بكين» لم تشفع لها عند المسؤولين المعنيين حيث ظلت بالرغم من ذلك خارج أية رعاية أو مراقبة لحالتها الصحية الأمر الذي سيكلفها إجراء عملية جراحية من مالها الخاص في الخامس عشر من شهر أكتوبر الجاري، على حد قولها. من جهته قال البطل الأولمبي مام عبد الإله صاحب ذهبية مسافة 800 متر ببكين في فئة T13 الخاصة بأصحاب الإعاقة البصرية بأن إمكانياته وقدراته البدنية كانت تسمح له بتحقيق ميداليتين ذهبيتين أخريتين في مسافتي 1500 و 400 متر على غرار ما حققه ببطولة العالم بهولاندا التي أقيمت سنة 2006 بمدينة آسن، وعزا سبب إخفاقه في ذلك إلى ما أسماه ب«الحرب النفسية» التي شنها عليه المدير التقني سعيد المريني طيلة فترة الاستعدادات بالمغرب أو ب«بكين» حيث ظل يتهمه بتناول المنشطات بالرغم أن جميع الفحوصات التي خضع لهاأكدت براءته. وكشف المتحدث نفسه أن سر الخلاف بينه وبين المدير التقني يرجع بالأساس حينما «رفضتُ تسليمه نصيبا من المنحة التي تلقيتها عقب مشاركتي في بطولة العالم بهولاندا لهزالتها وضعفها» ومنذ ذلك الوقت، يضيف مام، والمؤامرات تحاك ضده من أجل عرقلة مشواره الرياضي، وزاد قائلا «أنا مستعد للتحقيق وأتحمل مسؤوليتي كاملة فيما أدليت به من تصريحات، للأسف لقد عاملنا المدير التقني بطريقة فظة نشرت الرعب في نفوسنا، فشرارة الانتقام من كل رياضي لا يستجيب لمطالبه ظلت تحكم كل تصرفاته». المعاملة نفسها يقول يوسف بنبراهيم الحاصل على فضية 5000 متر في فئة T13 بدورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بأنه عانى منها وظل يئن تحت وطأتها بفعل سلوكات المدير التقني المذكور الذي تجرأ وطرده في مرات عديدة من المنتخب الوطني بعدما ظل يطعن بدون أدنى مبرر في الوثائق التي تثبت تصنيفي بالرغم من أنها صادرة عن أطباء من ذوي الاختصاص والمشهود لهم بنزاهتهم وحسن سيرتهم. وأكد بنبراهيم أن أجواء التحضيرات للاستحقاقات الأولمبية كانت سيئة للغاية لعدم وجود برنامج يراعي ظروفهم وأوضاعهم وغياب مدلك وطبيب مختص، مشيرا إلى أن أغلب التربصات التي أجرتها عناصر المنتخب الوطني تمت في ظروف قاسية إلى درجة أن أغلب الرياضيين الحاضرين عانوا الجوع والعطش أثناء رحلتهم عبر الحافلة من الجزائر إلى تونس والتي دامت لأكثر من عشرين ساعة، مؤكدا أن المشاكل استفحلت كثيرا خلال الاستعدادات التي أجريت بتونس حيث غاب عنها المسؤولون الذين قال عنهم بأنهم لم يخجلوا من أنفسهم وهم يخصصون لكل المشاركين مبلغ 40 درهم كمصروف «الجيب». وفي الاتجاه ذاته انتقدت نجاة الكَرعة الحائزة على نحاسية مسابقة رمي القرص بأولمبياد «بكين» - رغم التوعك الذي ظلت تعاني منه - الإهمال الذي طالها جراء عدم خضوعها للمراقبة الطبية بعد إحساسها بآلام حادة في كتفها الأيمن خمسة عشر يوما قبل مشاركتها في الألعاب الأولمبية. وكشفت المتحدثة نفسها التي سبق لها وأن حطمت الرقم القياسي العالمي في رمي القرص خلال بطولة العالم الأخيرة التي أقيمت بهولاندا أن حالتها الصحية ازدادت تدهورا أثناء تواجدها ب«بكين»، مشيرة إلى أن الطبيب المرافق للوفد اكتفى فقط بمنحها أدوية كان أحدها، حسب تفسيرات أعطيت لها من قبل أطباء مختصين بعين المكان، سببا رئيسيا في عجزها عن الفوز بميدالية ذهبية والاكتفاء بالبرونزية بعدما أصابتها الأقراص التي تناولتها بأمر من الطبيب المذكور بحالة من التراخي والدوران، على حد تعبيرها. وقالت الكَرعة إن تجاهل المسؤولين لحالتها الصحية استمر حتى بعد رجوع الوفد المغربي من الألعاب الأولمبية مما ضاعف من حدة الآلام التي تعاني منها إلى درجة أنها لم تعد تقوى على تحريك كتفها، وأضافت بنبرة حزينة «بعد كل الذي قدمته لوطني، أنا الآن أتحمل لوحدي مصاريف العلاج لدى طبيب مختص في الطب الرياضي».