وحدها ألعاب القوى حفظت ماء وجه الرياضة الوطنية, بإحرازها لميداليتين فضية ونحاسية, في الدورة التاسعة والعشرين للألعاب الأولمبية التي أسدل الستار على فعالياتها, مساء يوم الأحد, بالعاصمة الصينية بكين, رغم مشاركة المغرب بسبعة أنواع رياضية. فقد ظلت أم الألعاب وفية لسمعتها وعززت مكانتها بعد أن رفعت رصيدها إلى18 ميدالية منذ دورة روما1960 منها ست ذهبيات وخمس فضيات وسبع نحاسيات, فيما خرجت رياضات الجيدو والملاكمة والتايكواندو والسباحة والمسايفة والرماية بالنبال بخفي حنين من العرس الأولمبي. وهكذا, كانت ألعاب القوى, التي تشكل على الدوام حصان رهان الرياضة الوطنية, مصدر سعادة المغاربة, بعد أن خيبت رياضات أخرى آمالهم وباتت مبعث استيائهم, وخاصة القفاز المغربي, الذي كان الحاضر على الدوام في مختلف المحافل الرياضية القارية والدولية بما فيها الألعاب الأولمبية. فقد كان الأمل معقودا على رياضة الفن النبيل, باعتبارها ثاني رياضة بعد ألعاب القوى منحت المغرب ميداليات في الدورات الأولمبية, لكنها تلقت ضربة قاضية وفي الجولة الأولى حيث لم يتجاوز عقبة الدور الأول من الملاكمين العشرة, بمن فيهم صاحب الميدالية النحاسية في سيدني2000 , الطاهر التمسماني, سوى المخضرم هشام المصباحي وادريس مساعد ومحمد العرجاوي. فقد ترك القفاز المغربي في وقت مبكر الحلبة , التي لم يعد يستحقها إلا الأقوياء في الوقت الذي لازالت فيه الملاكمة الوطنية تزهو بنحاسيات الأخوين محمد وعبد الحق عشيق والطاهر التمسماني. وودع الجيدو الأولمبياد الصيني كما دخله في صمت, بعدما توالت إخفاقاته بخروج ثلاثيه يونس أحمدي ورشيد الركيك وعطاف صفوان, اللاعب الوحيد الذي نجح في بلوغ الدور الثاني, ليكرس تواضعه الذي يطرح أكثر من علامة استفهام. ولم تخرج رياضة التايكواندو, التي كان من المؤمل أن تمنح المغرب إحدى الميداليات في هذا النوع الرياضي بالنظر إلى ما حققه خلال السنوات الخمس الأخيرة من نتائج في مختلف الاستحقاقات الجهوية والدولية والقارية, عن القاعدة وتلقت بدورها صفعة موجعة بعد الإقصاء المبكر لأفضل أبطالها, منى بنعبد الرسول وغزلان التودالي وعبد القادر الزروري. وباتت هذه ثالث دورة أولمبية تخرج منها رياضة التايكواندو خاوية الوفاض بعد دورتي سيدني2000 وأثينا2004 . وبدورها لم تتمكن السباحة, التي تسجل حضورها في الأولمبياد لثالث مرة على التوالي بعد دورتي سيدني2000 وأثينا2004 , من أن تبقى طافية على السطح إلى آخر المشوار, بعد إقصاء ممثلتها الوحيدة سارة البكري في الدور الأول لسباقي100 م و200 م سباحة على الصدر. وانكسرت أسلحة المبارزين المغاربة عند أول اختبار, وخرج ممثلا المسايفة الوطنية, التي سجلت حضورها لأول مرة في دورة أثينا بعد غياب دام أزيد من44 سنة عن الدورات الأولمبية, عصام الرامي وعلي الحسين (كزافييي) دون تحقيق لمسة تذكر. وعلى الوتر ذاته, عزفت الرماية بالنبال بعد أن زاغت كل سهام ممثلة المغرب الوحيدة في المسابقة, خديجة عبودة (40 سنة), عن الهدف وأكملت بالتالي مسلسل الإخفاق, ليظل شعار عدد من الرياضات الوطنية "المشاركة من أجل المشاركة". فالحصاد الهزيل للمشاركة المغربية في دورة الالعاب الأولمبية ببكين يستدعي تقييما موضوعيا ووقفة تأمل لاستخلاص العبر والوقوف على مواطن الخلل في جسم رياضاتنا الوطنية وإيجاد السبل القمينة والآليات الفاعلة لإخراجها من حالة البيات الشتوي, التي ظلت فيه ولم تستطع إلى حد الآن أن تبرحه.