بعد الحصيلة المخيبة التي حصدتها الرياضة المغربية خلال مشاركتها في الألعاب الأولمبية ببكين الشهر المنصرم ، وغياب رياضات من المفترض أن تكون حاضرة في المناسبات الدولية المماثلة بسبب شعبيتها وعلاقتها بالجماهير، و الإمكانيات المرصودة لها ببلادنا ، وبعد القيل و القال وتبادل الاتهامات حول ضعف المشاركة المغربية في هذه الدورة .. ارتأت «العلم» فتح نقاش هادئ مع نور الدين بنعبد النبي رئيس البعثة المغربية ببكين 2008 (الكاتب العام و أمين مال اللجنة الوطنية الأولمبية ) الذي تداولت معه أسباب الظهور المخيب و علاقة و دور اللجنة الوطنية الاولمبية في تقديم الرياضة المغربية و طبيعة العلاقات بين هذه اللجنة و الجامعات الرياضية و ما هي حدود صلاحيات اللجنة الاولمبية في محاسبتها للجامعات الرياضية عقب الفشل في مثل هذه المهام ومن أين وكيف تصرف الاعتمادات و الميزانية المخصصة لهذه التظاهرات و لماذا وقعت ردود الأفعال المتباينة و الانتقادات المتبادلة بين الممارسين و الجامعات المسؤولة على تسيير بعض الرياضات؟ سؤال: كيف كانت بكين؟ - جواب: الصينيون شعب كبير ومنظم بشكل كبير كذلك.. حينما تزور الصين تقف على مستوى التنظيم وتكتشف عقلية إنسان هذا البلد.. فالكل هناك يعبر عن الروح الوطنية العالية وحب إبراز البلد للعالم وهو درس مهم لجميع ممثلي البلدان التي حضرت الألعاب الأولمبية.. وقد ظهر النظام بشبابه وكهوله وشيوخه في الواجهة... سؤال: ماهو تقييمكم للمشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية؟ - جواب: كنا نتمنى أن تكون المشاركة المغربية أفضل مما ظهرت عليه ولم نكن ننتظر الحصول على ميداليتين فقط خلال هذه الألعاب خصوصاً في رياضة الملاكمة التي تأهل منها 10 أبطال وكنا ننتظر منها الحصول على ميداليتين على أقصى تقدير لكن ظهر المستوى المتواضع للملاكمين المغاربة ، وتبقي رياضة ألعاب القوى أهم رياضة ببلادنا وهي المعول عليها في مثل هذه المناسبات ومع ذلك فإنه من الناحية النفسية فقد عرفت هذه الرياضة إيجابيات بالنسبة لبعض الأبطال الجدد والذين ستكون لهم كلمة الفصل في المستقبل... أما بالنسبة للرياضات الأخرى فإن مشاركتها كانت رمزية فقط لمحدودية مستوى هذه الرياضات... وعلى العموم فإن الرياضة أصبحت تعتمد على العلم والتخطيط والبرمجة الحقيقية التي تؤهل أي بلد للبروز والظهور الإيجابي وهو ما نحتاج إليه.. سؤال: استسمحك السيد بنعبد النبي .. فالكل تابع باهتمام كبير المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية، وأجمع على أنها كانت باهتة من رياضات شاركت وهي لا تتوفر على الانتشار والشعبية التي تتوفر عليها رياضات أخرى ببلادنا، كيف يحصل ذلك وهل يعقل أن تغيب رياضات تستنزف مالا كثيرا (كرة القدم/السلة/اليد/كمال الأجسام/الفروسية...)؟؟ - جواب: الميزانيات الخاصة بالعديد من الرياضات التي تعتبر شعبية ضعيفة للغاية بالمقارنة مع عدد الممارسين والمحبين بالإضافة إلى غياب البنية التحتية التي تسمح بالممارسة الحقيقية... وحتى وإن وجدت بعض القاعات في بعض المناطق فإن استغلالها يعرف نقاشات في ظل نطام «السيغما» الذي تنهجه الوزارة الوصية بهذه القاعات، وهذه الأمور تؤثر سلبا على الممارسة الرياضية عموما... هذا جانب ، في المقابل لا يمكن أن نتحدث عن بروز إيجابي للرياضات الجماعية المغربية في الألعاب الأولمبية في غياب الاحتراف وإلا فإننا سنكذب على أنفسنا... وبالتالي فإنه أما م ضعف الإمكانيات المادية والميزانية الهزيلة فإننا نكتفي بالتعريف ببعض الرياضات ببلادنا ونقوم بخلق «الرياضة للجميع» نظرا لقلة الممارسة من الشباب المغربي بالمقارنة مع الدول الأخرى... وما أريد التركيز عليه بهذه المناسبة هوأن مشاركتنا في بكين كانت فقط من أجل ضمان تمثيلية مغربية وحضور مغربي في الألعاب، وكنا على علم مسبق بأننا لن نتمكن من الحصول على ميداليات.. والآن بعد عودتنا من الألعاب لابد من التفكير في الأبطال الذين برزوا ونستخلص الدروس من التجارب التي شاهدناها لإتمام التكوين بالنسبة لبعض الابطال بالخارج من نظير سارة البكري حتى تكون جاهزة للألعاب المقبلة وهي السياسة التي يفترض التعامل بها مستقبلا خصوصا في غياب بنية لهذه الرياضات ببلادنا (السباحة مثلا) وهذا دور الجامعات والدولة تحديدا.. سؤال: ماذا تقوم به اللجنة الأولمبية في هذا الباب؟ وماذا عن عقدة الأهداف الموقعة بين اللجنة والأندية والوزارة الوصية لضمان نجاح للرياضة؟ وماهي حدود محاسبة اللجنة الأولمبية للجامعات الرياضية؟ - جواب: أريد أن أوضح شيئا واحدا وهو التعريف باختصاصات اللجنة الأولمبية، كثير من الناس يخطئون الفهم في هذا الباب ويرجعون أية هزيمة للجنة الأولمبية،، اختصاصات اللجنة ببلادنا تختلف كثيرا عن مثلها في دول أخرى كألمانيا وإيطاليا وكندا... فبهذه الدول مثلا هناك تنظيم وتقسيم للأدوار فوزارات الداخلية مكلفة بالتجهيزات والبنية التحتية بالمقابل فاللجن الأولمبية من أهم أدوارها في هذه البلدان السهر على التكوين وتتبع النتائج والتظاهرات... في بلادنا بالمقابل هناك حد واضح لاختصاصات اللجنة الأولمبية عن طريف المرسوم الخاص بالتربية الوطنية... وبالتالي فإن أدوار اللجنةالأولمبية تبقى محصورة في الحفاظ على القيم الأولمبية والعمل على مراقبة التعاطي للمنشطات بالنسبة للأبطال، والنقطة الأخيرة هي العمل على القيام بدور التحكيم بين الجامعات وهذا أمر في حد ذاته يعرف نقصا في غياب محكمة رياضية.. واللجنة الأولمبية لاتتوفر على ميزانية قارة وليس لها الحق في التدخل في شؤون الجامعات.. وأريد أن أؤكد أن عقدة الأهداف التي تتحدث عنها تبعد اللجنة الأولمبية عن هذه الأدوار فالعلاقات ببلادنا لاتقوم بوساطة. بين الجامعات والوزارة الوصية وهو الأمر المفروض أن يكون موكولا للجنة الأولمبية إذا ما أردنا أن تقوم بدور التنسيق وإلا بأنها لاتعرف شيئا عن شؤون الجامعات.. ونتساءل بدورنا عن هذا الشرخ خصوصا اثناء توزيع المنح بين الدولة والجامعات.. سؤال: ماهي حدود الميزانية التي تم رصدها للمشاركة المغربية ببكين؟ وكيف تم صرفها؟ - جواب: إن الميزانية الخاصة بالمشاركة يمكن تقسيمها الى قسمين ميزانية التهييء وليست لنا بها في اللجنة الأولمبية أية علاقة بحيث تم توزيعها بين الوزارة مباشرة والجامعات... الشطر الثاني يتعلق بميزانية الألعاب وهي معروفة تتقسم الى ميزانية التنقل والتعويضات الخاصة باللاعبين والمسيرين وبعض الطوارئ أثناء الألعاب؛ وهي بدورها ميزانية من وزارة الشباب والرياضة تقوم بصرفها اللجنة الأولمبية الوطنية... وأريد أن أذكر بأنه لأول مرة عملت اللجنة الأولمبية على البحث عن محتضن وفر الأمتعة للرياضيين المغاربة... وهذه هي طبيعة المصاريف على العموم... سؤال: المتتبعون لاحظوا أن الوفد المغربي كان كبيرا بالمرافقين الذين تجاوز عددهم 40 مرافق .. كيف؟. - جواب: هذا غير صحيح ...فبالمقارنة مع أنظمة اللجنة الأولمبية الدولية التي تعتمد نظام الكوطا اثناء توزيع الوفود المشاركة حسب الرياضات و الابطال المؤهلين.. وهوالشيء الذي أعطى هذا الحضور المغربي الذي كان وفق شروط اللجنة الدولية.. وبالمناسبة فإن اللجنة الأولمبية الوطنية قد قامت قبيل الألعاب بدعوة ممثل عن اللجنة المنظمة الصينية الذي عرض بالمغرب لمختلف المراحل التنظيمية التي سيجدها الوفد المغربي ببكين وهو ما سهل مأمورية الوفد هناك... وعلى مستوى التطبيب فإن الجامعات استوفت توزيع حصصها وبالتالي ناقشنا قضية التطبيب في الوقت الذي استقر الرأي في أن يكون المرافق للوفد مدلكا ليشتغل مع الوفد بأكمله مادامت أن الصين وفرت مصحات مفتوحة بشكل مداوم أمام الرياضيين والمرافقين.. بالإضافة الى حيسوبي وكاتب ومكلف بمهمة دوره التنسيق ويحدد قبل انطلاق الألعاب بعامين على الأقل... وباتفاق مع الجامعات المعنية تم اختيار مدلك عوض طبيب لمرافقة الوفد المغربي لهذه الألعاب. سؤال: ولماذا جاءت تصريحات بعض الرياضيين تعكس سوء العناية في هذا الباب؟. - جواب: مع الأسف جاءت تصريحات من البعض لم تكن لتكون ولا نقبل أن تكون كذلك لتغطية الخيبة من البعض، الحقيقة أن من له الحق في محاسبتنا على رأس الوفد هم مسؤولو الجامعات المعنية وليس الممارسين، لأن منطق العمل يقول بهذا خصوصا وأن العمل المنظم يعرف الهرمية والتسلسل في مثل هذا العمل أنا كنت أعيش في بكين رفقة مسيري الجامعات في القرية الأولمبية.. والمفروض أن يكون التواصل بين اللاعبين والمسيرين وهذا ليس من مهامنا نحن فهو أمر يتعلق بكل جامعة على حدة.. فالمسيرون على علم بكل الأمور التنظيمية وهم الذين يفترض فيهم أن يكونوا قريبين أكثر من أبطالهم حتى لاتكون مثل هذه التصريحات.. أنا أقول أن اللجنة الأولمبية مستعدة للاستماع لأي مسؤول في الجامعات إذا ما كان هناك أي تقصير أو مشكل من طرفنا كلجنة أولمبية.. سؤال: انتهت الألعاب الأولمبية ببكين وانتهت معها الانتكاسة التي لم يقبل بها أي مغربي.. الجميع كان يتمني أن تكون مشاركة المغرب أفضل ولكن للأسف وقع ما وقع.. ماهو الدرس الذي يمكن استخلاصه من هذه النكسة للمستقبل؟ وهل صحيح أن بعض أعضاء اللجنة الأولمبية وأنت منهم عبر عن رغبته في مغادرة اللجنة؟ جواب: هذا غير صحيح، و إذا كانت النتائج مخيبة بالفعل فإن دور اللجنة هو رفع تقارير للوزارة الوصية من أجل اتخاذ القرارات على اعتبار أنها مسؤولة مباشرة مع الجامعات الرياضية.. وإذا ما استمر الوضع كما هو عليه الآن ولم تتحرك الآلة السياسية ببلادنا من أجل الوقوف على الرياضة ببلادنا فإن الوضع سيبقى كما هو عليه الآن ولن يعرف تغييرا الى الأمام.. وبالمناسبة أدعو السياسيين والرياضيين والمجتمع المدني من أجل التفكير الجدي في توفير ظروف الممارسة الرياضية الجادة والمصادقة بالإمكانيات والتأطير الحقيقي حتى نستطيع أن نعيد الاعتبار للرياضة عموما.. ولا يفوتني أن أقول أنه إذا ما استثنينا رياضة ألعاب القوى التي تعرف تنيظما محكما فإن باقي الرياضات بما فيها الجماعية تعيش نقصا واضحا والاولمبيات تتطلب ممارسين محترفين يمارسون في ظروف جيدة.. وأختم أننا لابد أن نقف جميعفا لتأمل واقع الممارسة الأولمبية في البلدان الأخرى ونربطها بالامكانيات ونقارن بيننا وبين تلك الدول.. فالرياضات المهمة في الأولمبيات التي يمكنها حصد الميداليات معروفة كالسباحة والجمباز وألعاب القوى والملاكمة.. وهي رياضات نفتقدها ولا نتوفر عليها ببلدنا.. فالدولة من المفروض أن تواكب عمل الأندية والجامعات على طول السنة .. أسألوا واقع الرياضة واسألوا واقع التجهيزات والبنية التحتية ومستوى التكوين للساهرين على الرياضة ببلادنا فهذه الامور ستجيبكم عن السبب في عدم احراز الميداليات... لابد من تحيين القوانين المنظمة واعطاء اللجنة الأولمبية دورا أكبر وعلى رأسه تتبع والسهر على رياضة النخبة.. و إذاك سنبحث عن الحلول وبعث الرياضيي البارزين لأجراء تكوين في الخارج استعدادا للمناسبات الأولمبية المقبلة...