ما هي القراءة التي تقومون بها لمبادرة الحكومة بتقديم حصيلتها عبر موقع إلكتروني؟ بتقديمها لحصيلة سياستها عبر المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية، تعتمد الحكومة استراتيجية للتواصل تقوم على التباهي بمبادرتها عبر اعتبار نتائجها .. كمكتسبات. أولا، هذه الحصيلة تستند على معطيات مرقمة مصدرها دراسات إحصائية منتجة من قبل مختلف الهيئات. وعبر الإيحاء بالاحتكام لخبرة تلك الهيئات، تريد تلك الحصيلة أن تبدو محايدة و موضوعية. و ثانيا، عبر تقديم نتائج إيجابية في جميع المجال، تسعى الحكومة إلى إبراز وجاهة توجهات السياسات الظرفية والإصلاحات الهيكلية للأسواق وأخيرا، تحرص على التأكيد على فعالية تلك السياسات و المؤسسات التي تؤطرها. ويتجلى أن آليات الإقناع التي تعبئها الحكومة، يجب تحليلها عبر المقولة التي تشير إلى أن الحكم رديف لحمل الناس على الاعتقاد. ما هي ردود الأفعال التي ستثيرها استراتيجية التواصل الحكومية؟ تفضي دراسة مبادئ تلك الاستراتيجية إلى القول إنها غير كفيلة بدعم الآراء الداعمة للسياسة الحكومية. أولا، لأن ثمة هوة بين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المستعملة و التي تكتسي طابعا عاما و العوامل التي تساهم في تكوين تمثل و إحساس الناس لتحسن وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية. و ثانيا، يمكن أن يكون تمثل المواطنين للظواهر الاقتصادية مختلفا عن أصحاب القرار العمومي، والمثال الأكثر وضوحا في هذا الباب، له صلة بالتضخم، فسلطات السياسة الاقتصادية تعتبر أن التضخم يظل منخفضا، حيث تؤكد على أنه تم حصره خلال العشر سنوات الأخيرة في حدود 2 في المائة، و هذا ليس هو الحال بالنسبة لفئات واسعة من الساكنة التي ترى أن كلفة المعيشة ارتفعت في تلك السنوات. نفس الأمر يسري على مجالي التربية والصحة اللذين تعتبر حصيلة الحكومة أنه تم تسجيل تقدم ملموس فيهما، والحال أن الإحساس العام لا يدعم هذا التصور. وثالثا، يبدو أن المناخ السياسي والاجتماعي، يلقي بظلاله على المعلومة الاقتصادية والاجتماعية، فمن المرجح أن تقابل حصيلة الحكومة، في الظرفية الحالية، بعدم ثقة المواطنين. هل توجهات السياسة الاقتصادية التي أفرزت الحصيلة الحالية للحكومة يمكن الاسترشاد بها في السنوات القادمة، كما توحي بذلك حصيلة تلك الحكومة؟ السياسات الظرفية و الإصلاحات الهيكلية لأسواق المنتوجات والقرض والشغل لا تفضي إلى دينامية للنمو القوي، فالنمو يظل هشا ويتسم بالضعف في توفير مناصب الشغل، بما ينطوي عليه ذلك من فوارق ما فتئت تتسع. ومن ثمة يبدو ضروريا مراجعة توجهات هاته السياسات العمومية . والقول إن التوجهات الحالية قابلة للحياة أمر قابل للنقاش على مستويين، فمن جهة، يعتبر مجانبا للمبادئ الديمقراطية على اعتبار أن السياسة التي استرشدت بها الحكومة الحالية يمكن المضي فيها، كخيار وحيد، في ظل الحكومة التي ستفرزها الانتخابات القادمة، فالاختيارات العمومية يجب أن تحددها الهيئات المنتخبة تفاديا لتفاقم العجز الديمقراطي في التداول حول السياسات العمومية، ومن جهة أخرى، يبدو العجز الديمقراطي على مستوى الحريات الحقيقية و الولوج للمواطنة الاجتماعية جليا في المغرب، و الولوج للصحة والتربية.. لا يمكن فصلهما عن أهداف السياسات العمومية . فهاته الأخيرة لا يمكن أن تعتبر مسألة تدبير تقني بل تنطوي على رهانات ديمقراطية حقيقية. رضوان الطويل - أستاذ الاقتصاد بجامعة مانديس فرانس بغرونوبل