سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القانون تطوير لمنهجية التدابير المتدرجة لمواكبة السياسات الهادفة إلى تحقيق إنعاش القطاعات الاجتماعية، وتوفير شروط النمو الاقتصادي المبني على التأهيل لمواجهة تحديات الانفتاح والمنافسة، وتنفيذ مقاربة مندمجة لتنمية العالم القروي
السيد الرئيس المحترم السيدات، والسادة الوزراء المحترمين أخواتي، إخواني المستشارين المحترمين يشرفني باسم الفريق الاستقلالي أن أتدخل في إطار المناقشة العامة لمشروع القانون المالي برسم سنة 2009 ، مؤكدا في البداية أن تدخلنا يأتي تتميما لما عبر عنه فريقنا في مجلس النواب، كما أنه يأتي في سياق عمل جدي ومسؤول في إطار الأغلبية، التي نشتغل داخلها، كقوة اقتراحية متميزة، بدعم فاعل وبناء للعمل الحكومي، متسم بالموضوعية والإيجابية ونحرص في الفريق الاستقلالي على هذا التوضيح الضروري، حتى يتأكد الجميع أن مجلس المستشارين بأغلبيته ومعارضته يقدمون مجهودات نوعية في إطار المهمة الموكولة إليه كجزء من المؤسسة التشريعية، التي تقدم عنها صورة سلبية للرأي العام الوطني، ولا تعكس مطلقا المجهود المضني الذي اشتغلنا به داخل اللجان القطاعية، في ظل إكراهات الزمن الضيق، وقيمة المشاريع المعروضة موازاة مع مشروع القانون المالي لسنة 2009. السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إن مشروع القانون المالي لسنة 2009 الذي صادق عليه مجلس النواب بما أدخل عليه من تعديلات ذات قيمة مضافة، يشكل أول مشروع تقوم بتهيئه وتحضيره الحكومة الحالية، وهو مشروع جاء نتيجة مشاورات مكثفة خلال السنة الماضية مع كل الحساسيات السياسية، مما يجعله مستجيبا للطموحات المستقبلية التي ننشدها جميعا لوطننا. حيث تضمن العديد من المقترحات والملاحظات التي تقدمنا بها كفريق استقلالي في المجلسين، في إطار الأغلبية، وإذا كنا قد سجلنا لدى مناقشتنا لمشروع القانون المالي برسم سنة 2008، أنه يشكل مؤشرا إيجابيا لانطلاقة ناجحة للحكومة لأنه امتاز بأهمية حجم الاعتمادات المرصودة للمجال الاجتماعي، والتجهيز، ولكونه يهيء البلاد لرفع الكثير من التحديات كجلب الاستثمار، ومواصلة الأوراش الكبرى، وتأهيل الاقتصاد الوطني لتحقيق التنافسية واتفاقيات الشراكة، والتبادل الحر، ولكونه يفتح الأفق لتقديم ميزانيات أكثر جرأة في أهدافها المالية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل التوازنات الماكرو اقتصادية لتحقيق ما تطمح إليه بلادنا، وأكدنا في الفريق الاستقلالي آنذاك، أن ذلك ممكن بتوفر الإرادة السياسية، وتعبئة كل الطاقات ورصد الوسائل الضرورية لمضاعفة مجهودات إرساء قواعد إصلاح، وترسيخ مقومات البناء، والقضاء على عوامل الإحباط والانتظارية. واعتبرنا ذلك ممكنا في ظل الإجماع الوطني الذي يجعل بلادنا قادرة على تحقيق أهدافها في النمو الشامل والمستدام بقيادة جلالة الملك محمد السادس حول ثوابتنا الوطنية المتمثلة في: اختيار الملكية الدستورية نظاما للحكم قوامه الديمقراطية التي لا رجعة فيها.م الحفاظ على الإنسية المغربية بمقوماتها الدينية واللغوية. ترسيخ قيم المواطنة والحريات وحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا، وأساسها الوحدة الشاملة للتراب أرضا وهوية، مؤكدين تمسكنا الكامل بحق المغرب في تحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، والتشبث بمبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل، لتمكين سكان أقاليمنا الجنوبية من تدبير شؤونهم بأنفسهم في إطار سيادة المغرب ووحدته. السيد الرئيس، من منطلق التذكير بمواقفنا الثابتة نؤكد أن المشروع المعروض علينا يتميز بتعامله الإيجابي مع قدمناه من مقترحات وملاحظات، مستندا الى مرجعية إرادية وصادقة ومسؤولة، وشجاعة، هي مرجعية الخطاب الملكي السامي الهام في افتتاح دورتنا الحالية يوم الجمعة 10 أكتوبر 2008 حين قال جلالته. «وإننا لنحث مختلف الهيئات، أن تمارس الصلاحيات المنوطة بها على الوجه الأكمل، وبما يتطلبه الأمر من حزم وإقدام، وغيرة على الصالح العام، منتظرين منها أن تشكل سلطة معنوية وقوة اقتراحية تساهم بعزم كفاءاتها في المجهود الوطني لمكافحة كل أشكال الفساد، وما سواه من الممارسات المخالفة للقانون وللقيم الأخلاقية» .انتهى كلام جلالة الملك. وثاني مرجعية هي مرجعية التصريح الحكومي، المقدم أمام البرلمان أواخر أكتوبر الماضي، والذي رسم تعاقدا واضحا مع منتخبي الأمة والرأي العام الوطني قوامه: مواصلة برنامج الإصلاحات. دعم الاستثمار. محاربة الفقر والإقصاء والتهميش. السيد الرئيس: إن التخلي عن ثقافة التيئيس، رهين بترسيخ ثقافة الحوار والواقعية والموضوعية، التي تتجاوز التمسك بالخطاب السياسوي المبني على أن لاشيء تحقق، وأن لاشيء تطور، لتبرير عزوف فئة من الشعب المغربي عن صناديق الاقتراع، وعن العمل السياسي، ودورنا الأساسي جميعا كسياسيين، وفي أي موقع كنا هو محاربة بؤس السياسة، ورفع معنويات الشعب للتسلح بالأمل والثقة، والدفاع عن مكتسبات البلاد لربح رهانات المراحل المقبلة، ولعل في قيمة ونوعية مؤتمرات الأحزاب الفاعلة التي نظمت مؤخرا، أقوى رسالة لدعاة الصورة القاتمة، التي تؤكد أن فئات مهمة من الشعب المغربي مقتنعة بانخراها الفعلي في العمل السياسي الجاد والمسؤول، ويكفينا فخرا في الفريق الاستقلالي، أن نعتز بقيمة المشاركة الديمقراطية الهامة لمختلف الفئات المجتمعية في مؤتمراتنا الإقليمية استعدادا لمؤتمرنا الوطني الخامس عشر. نعم نحن محتاجون الى مجهود أكبر، ومحتاجون أكثر الى المصداقية والموضوعية في تقديم المعلومة للرأي العام، والمناسبة شرط كما يقولون، لنجدد دعوة فريقنا لوسائل الاعلام، التي نكن لها كل التقدير والاحترام، لتوخي الدقة، والموضوعية، والمسؤولية في اطلاع الرأي العام عملا بمبدأ الخبر مقدس، والتعليق حر. ولابد ونحن نعالج هذه النقطة الأساسية المرتبطة بالعمل السياسي أن نشير إلى ما قاله صاحب الجلالة نصره الله في خطابه السامي لدى افتتاحه لدورتنا الحالية حيث قال: «وعندما نجعل كسب معركة التنمية محور الرهان الإنتخابي، فإن ذلك لا يعني تجريده من طابعه الديمقراطي، أو الأخذ بالمقولة الزائفة لنهاية السياسة. كلا إننا ما فتئنا نؤكد ضرورة تقوية العمل السياسي القائم على المشاركة المسؤولة، للأحزاب الجادة في حسن تدبير الشأن العام على أساس نتائج الاقتراع «انتهى كلام صاحب الجلالة. السيد الرئيس السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين. إن بلادنا قد قطعت أشواطا مهمة على مسار تحقيق الديمقراطية، وترسيخها سلوكا وممارسة، من خلال مبادرات سياسية هامة، كمبادرة هيئة الإنصاف والمصالحة، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للجالية المغربية في الخارج، ومجلس المنافسة ، وإخراج مدونة الأسرة لحيز التنفيذ مشكلة ثورة حقيقية في مجال مساواة المرأة بشقيقها الرجل، وأيضا قانون الجنسية الذي مكن من حل الإشكالات الاجتماعية والنفسية التي ظلت تؤرق العديد من الأمهات والأسر المغربية ذات الارتباط بالأزواج الأجانب، وماضية اليوم بعد الارتكاز على المنهجية الديمقراطية في تشكيل الحكومة الحالية، في استكمال المؤسسات الدستورية بتفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كما أن تنصيب الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، يعد طفرة لإقرار احدى أهم توصيات الأممالمتحدة، وخطوة غير مسبوقة في العالم العربي. إضافة لكون بلادنا عرفت تطورا نوعيا في إعطاء المرأة المغربية مكانتها اللائقة، باعتبار دورها الذي ظل عبر التاريخ مرتبطا بعمق الأحداث الوطنية الكبرى، وإذا كانت مدونة الأسرة تشكل تحولا أساسيا في مسارنا السياسي والاجتماعي، فإن إقرار اللائحة الوطنية للنساء بتوافق مختلف الحساسيات السياسية، عبر ميثاق شرف، يدفعنا اليوم إلى مباركة الخطوة الملكية السامية بالدعوة الى إنصاف المرأة على مستوى تدبير الشأن المحلي، الذي سيمكنها من المساهمة الفعلية بما تتوفر عليه من كفاءة، وديناميكية في إعطاء شحنة جديدة للعمل الجماعي باعتباره قطب الرحى في تجسيد مفهوم سياسة القرب، كما أننا في الفريق الاستقلالي نثمن القرار الملكي السامي بتخفيض سن الترشيح إلى 21 سنة، مما سيمكن شبابنا بكل طاقاته الخلاقة الى اكتساب خبرة تدبير الشأن العام، وتطويرها عبر أفكار جديدة، وفق منظور مستقبلي لتنمية محلية تستمد قوتها من محيطها الجهوي، خاصة في ظل التوجهات الملكية السامية التي حملها الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة يوم 6 نونبر 2008. حيث أعلن جلالته: «عن اطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية» واعتبر جلالته مشروع الجهوية إصلاحا هيكليا عميقا. إن هذه المسارات السيد الرئيس، وفي ظل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة مكنت بلادنا في سابقة مميزة من إحراز الوضع المتقدم للشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والذي بذل المغرب مجهودات هامة لبلوغه منذ سنة 2000 بقيادة جلالة الملك نصره الله، وهو حدث استراتيجي مهم جدا، وتاريخي بالنسبة لبلادنا، لأنه يعني إقرارا واضحا بنجاعة الاختيارات الاستراتيجية لوطننا ، ومصداقية الاصلاحات الكبرى ، والمنجزات التنموية. السيد الرئيس السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إذا كانت بلادنا قد خطت خطوات إيجابية وجريئة، فلا تزال أمامها العديد من التحديات التي تتطلب مجهودات مضاعفة، خاصة في مجال توطيد المكتسبات المرتبطة بمجال حقوق الانسان، وضمان كرامة المواطنين، والقطع مع كل الأشكال التي تمس صورة بلادنا، والتي يتصيدها أعداؤنا للتشويش على مسارنا الرزين في بناء مغرب العدالة، والمواطنة الكاملة، ومغرب التنمية الشاملة بقيادة جلالة الملك، الذي أطلق إشارات قوية لتحديث وطننا من خلال تشريحه المستمر، بصدق مع شعبه الوفي، لمواطن الخلل، ووسائل العلاج، والذي أكدته الرسالة الملكية السامية بمناسبة الاحتفال بالذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث قال جلالته: «وإذ نثمن اختيار شعار «الكرامة والعدالة للجميع» لهذه الذكرى فإننا لا نعتبره مجرد شعار سيرفع في مناسبة بل مطلبا جوهريا للإنسانية جمعاء لاسيما منها الفئات والجهات التي تعاني المهانة والقهر والفقر لذا فإن تجسيده على أرض الواقع يقتضي الالتزام الوثيق، والانخراط الملموس، والنضال الصادق للنهوض بالاصلاحات والتغييرات اللازمة بكل حكمة وشجاعة وإقدام. (انتهى كلام جلالة الملك). وقد شرعت الحكومة مباشرة بعد هذه الرسالة في تهييء خطة وطنية حول حقوق الإنسان، تعتمد مقاربة مندمجة وشمولية من خلال التعبئة القوية، والمشاركة الفاعلة لكل القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني. إن المفهوم الجديد للسلطة الذي دعا إليه جلالته منذ اعتلائه العرش، يتطلب من الجميع مجهودا أكبر ليصبح حقيقة ملموسة، وفهما سليما لعمق التوجه الملكي السامي، كما أننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة قراءة قانون الصحافة باعتبارها وسيلة حيوية في توجيه الرأي العام، ولتجاوز كل الاختلالات التي تشكل عائقا أمام قيامها بواجبها في اطار المهنية الاحترافية المبنية على توفير ظروف العمل المناسبة، بناء على منهجية للتواصل، وتوفير المعلومات الضرورية لقيام الإعلام بواجبه على الوجه الأمثل، «وتكريس توسيع فضاء حرية التعبير والرأي بجميع أنواعه وذلك في نطاق سيادة القانون» كما أكدت ذلك الرسالة الملكية في الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الانسان. كما أننا مطالبون بتفعيل منطوق الدستور المغربي بجعل اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية للأمة، مظهرا من مظاهر الحياة العامة، وإعطائها فعليا المكانة الطبيعية الأولى التي تحتلها اللغات الوطنية والرسمية في جميع بلدان العالم ودفاعنا عن العربية لا يعني مطلقا رغبتنا في تهميش مكونات الثقافة الوطنية وفي مقدمتها اللغة الأمازيغية، التي نعتبرها مكونا وطنيا لكل المغاربة، وندعو الى تقوية وجودها على أرض الواقع، باعتبارها تشكل رصيدا تاريخيا مهما في حياة الإنسية المغربية. وحينما نوضح هذا الموقف فلأننا نرفض المزايدة في ثوابتنا الوطنية، التي كان لحزب الاستقلال دوما موقفا واضحا منها، لأن علال الفاسي رحمه الله أول من دعا الى إحداث كرسي للأمازيغية بالجامعة المغربية، مستحضرا في مرحلة الكفاح الوطني كل أبناء الشعب المغربي الموحد العقيدة والهوية. إن دعوتنا لجعل اللغة العربية مظهرا من مظاهر الحياة العامة، هو تحرر من واقع الاستيلاب والتبعية الاستعمارية المرفوضة، إننا ندعو لقيام حياة عامة مظهرها مكونات ثقافتنا العربية والأمازيغية، بعيدا عن إهانة تاريخ أمتنا بالإصرار على مواصلة استعمال لغة الاستعمار، التي لا تعني كما قلت إلا الاستيلاب الفكري والحضاري، وبالمناسبة نشيد بتفعيل الاتفاق لإحداث القناة الأمازيغية خلال سنة 2009، عبر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، ونثمن جهود الحكومة لتقوية هذه اللغات في المدرسة الوطنية بخلق ظروف إنجاح أكاديمية اللغة العربية، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بعد قرار انشائهما من لدن جلال الملك نصره الله، كما نثمن فحوى منشور الوزير الأول الصادر يوم 28 ابريل المنصرم لحث الإدارات على استعمال اللغة الرسمية في المراسلات فيما بينها، ومع عموم المواطنين، آملين أن يبادر رؤساء الجماعات المحلية تطبيقا للدستور بإصدار قرارات تلزم استعمال اللغة الرسمية في واجهات المحلات التجارية والصناعية، وفي كل ظواهر الحياة العامة، ونوجه نداء صادقا لكل الأمهات والآباء وجميع أفراد العائلات المغربية، والمواطنين من جميع الفئات المهنية والاجتماعية لاستعمال لغاتنا الأم بالأسبقية من عربية وأمازيغية داخل البيت وخارجه. نقول هذا ونحن كنا ولازلنا نشجع الانفتاح على كل اللغات الحية المستعملة في المدرسة الوطنية، كلغات ثانية وثالثة، وفي معاملتنا مع الأجانب في الخارج لأن من سمات المغرب المشهور الانفتاح، والتسامح، وحسن الضيافة. السيد الرئيس السادة الوزراء أخواتي ، إخواني المستشارين بعد هذه التوطئة التي نعتقد في الفريق الاستقلالي أنها ضرورية كمدخل لمناقشتنا لمشروع القانون المالي، لأنها تشكل الإطار العام الذي من خلاله يمكن استيعاب توجهاتنا ومواقفنا اتجاه المشروع، نسجل بإيجابية كبيرة أن المشروع الذي بين أيدينا جعل من الاختيارات الاجتماعية مرتكزا اساسيا، في تكامل تام مع الاختيارات الاقتصادية، مما يعطي الانطباع لنوع من الاستقرار الضروري، في ظل معطيات الأزمة المالية العالمية التي تعيشها العديد من دول العالم، والتي تعاملت معها بلادنا بواقعية مقرونة بالحذر الضروري لمواجهة اية صعوبات محتملة في المستقبل على توجهاتنا واختياراتنا الاجتماعية والاقتصادية. ونعتقد أنه لاحاجة لنا لنعيد مختلف التحاليل والخلاصات التي ارتبطت بهذه الأزمة المالية، ولابأسبابها ونتائجها لأننا جميعا نعرفها، لاخلاف حول ضرورة مواصلة تمنيع بلادنا من كل الآثار المحتملة لهذه الأزمة، عبر إجراءات احترازية نؤمن أن الحكومة واعية بها تمام الوعي، واتخذت العدة لذلك. السيد الرئيس السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إن مشروع القانون المالي لسنة 2009، وانطلاقا من مرتكزات القانون المالي لسنة 2008 يعتبر تطويرا لمنهجية التدابير المتدرجة في الزمان لمواكبة السياسات الهادفة الى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية. أولا: انعاش القطاعات الاجتماعية ثانيا: توفير الشروط الملائمة لنمو اقتصادي قوي ومستدام، يرتكز على التأهيل لمواجهة التحديات التي يفرضها الانفتاح والمنافسة، ويجعل من بلادنا قاعدة صلبة للاستثمار والتصدير. ثالثا: تنفيذ مقاربة مندمجة لتنمية العالم القروي. وهي العناصر التي استندت إليها القواعد الأساسية، التي بني عليها مشروع القانون المالي لسنة 2009 واعتبارا لذلك فقد ارتأينا في الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية التركيز على المحاور التالية: المحور الأول: المؤشرات العامة وجوانبها الإيجابية المحور الثاني: مسار النمو الاقتصادي ومتطلباته المحور الثالث: توسيع وتحسين الخدمات الاجتماعية المحور الرابع: المقاربة المندمجة لتنمية الوسط القروي المحور الخامس: الجهوية في أفق المفهوم الجديد الذي حدده صاحب الجلالة نصره الله. الحور الأول: المؤشرات العامة وجوانبها الإيجابية السيد الرئيس: السادة الوزراء تميزت السنة الأولى من ولاية الحكومة الحالية بإعداد عدد من الاستراتيجيات التنموية بمختلف القطاعات الوزارية من ضمنها مخطط المغرب الأخضر للنهوض بالفلاحة، والبرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين، والاستراتيجية الوطنية للطاقة، كما أنه تم ولأول مرة ببلادنا مأسسة الحوار الاجتماعي بعقد دورتين خلال شهري أبريل وماي ثم أكتوبر، كما أنه شرع في تنفيذ الاجراءات التي اتخذتها الحكومة بناءا على حصيلة الحوار الاجتماعي بالرفع من التعويضات العائلية، وتمكين الفلاحين ولأول مرة من الاستفادة من هذه التعويضات، وتمكين الموظفين المرتبين في السلاليم من 1 الى 9 من الشطر الأول من الزيادة في الأجور، حيث فاقت تكلفة الحوار الاجتماعي 16 مليار درهم، وبلغت تكلفة الإجراءات المتعلقة بتخفيض الضريبة على الدخل 5،9 مليار درهم، وتم رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة على الدخل من 24 الف إلى 28 ألف درهم هذه السنة بعد تعديلات الأغلبية التي وافقت عليها الحكومة، على أن يصل السنة المقبلة الى 30 ألف درهم، إن هذه المؤشرات التي نبرزها على سبيل المثال لا الحصر، توضح وبكل واقعية أن هناك توجها يتمتع بالرزانة للحفاظ على مستوى معدل نمو يقارب %6 على المستوى الاقتصادي، وحصر عجز الميزانية في %9،2، مما يؤكد ان المؤشرات العامة للقانون المالي الحالي تسير في الاتجاه الصحيح، لبلورة التعاقد الذي اعلنته الحكومة مع مختلف الفاعلين في تصريحها الحكومي امام البرلمان، إذا لابد لنا من أن نسجل أن ميزانية الاستثمار عرفت مستوى استثنائيا، حيث إن توقعات المداخيل الجبائية المحصورة في 186 مليار درهم سنة 2009، ستتجاوز هذا الرقم بحوالي 16 مليار إضافية، كما أن المشروع المعروض امامنا اليوم، والذي يضمن أكثر من 30 تدبيرا ضريبيا يهم مختلف المجالات، من ضمنها تمديد اعفاء القطاع الفلاحي الى غاية 31 دجنبر 2013 تطبيقا للتعليمات الملكية السامية، بني على ثلاثة أنواع من الضربية وهي: * الضريبة المبنية على المحاسبة الحقيقية. الضريبة المبنية على المحاسبة المبسطة. * الضريبة المبنية على النظام الجزافي. إن هذه الجوانب السيد الرئيس لاتخلو من أهمية، وذات قيمة مضافة نوعية لتطوير مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادي ببلادنا. وانطلاقا من حرصنا الدائم على المكتسبات ندعو الحكومة الى مواصلة منهجية تواصلها مع البرلمان خلال مراحل تنفيذ القانون المالي، ومواصلة إشراكه في التحضيرات القبلية للمشروع المقبل اعتبارا لما سجلناه جميعا من ايجابية مهمة لهذه المنهجية التشاركية الفعالة، كما نؤكد ضرورة البحث عن حل نهائي لتأخر عرض قوانين التصفية، باحترام شروط استعمال الفصل 45 من الدستور، الشيء الذي يدفعنا مرة أخرى إلى تجديد دعوتنا إلى استعجال اصلاح القانون التنظيمي للمالية لأنه التزام حكومي جوهري في التصريح الحكومي، حتى نستطيع معالجة هذه الإشكالية وغيرها، لعقلنة التهييء، والدراسة، والتصويت، ومراقبة تنفيذ القوانين المالية. المحور الثاني: مسار النمو الاقتصادي ومتطلباته السيد الرئيس السادة الوزراء لقد أكدتم في عرضكم ان النشاط الاقتصادي عرف أداء جيدا، بناء على المقارنات التي قمتم بها على مستوى تطور القطاعات الرئيسية، وأن عدد المشاريع الاستثمارية التي تم اعتمادها من طرف اللجنة الوزارية الى متم يوليوز من هذه السنة بلغت 40مشروعا بقيمة استثمار اجمالي كلفته 37 مليار درهم، وهو ما نعتبره في الفريق الاستقلالي مجهودا مهما يستحق التنويه. كما أننا نسجل اعتماد المشروع على مقاربة التوفيق بين مستلزمات النمو الاقتصادي، ومقتضيات التطور الاجتماعي. حيث تشكل ركائز تكثيف الاستثمار العمومي، وتعزيز القدرة الشرائية، ودعم التصدير، وتنويع مصادر النمو، وتحسين مناخ الأعمال، الأعمدة الصلبة لهذا التوفيق، ولاشك السيد الوزير أن رصد مبلغ 135 مليار درهم للاستثمارات العمومية، بزيادة %18 عن السنة الماضية، وارتفاع الاستثمارات المباشرة للدولة الى 45 مليار درهم بزيادة %25 يؤكد حرص الحكومة على إعطاء دفعة قوية للاستثمار العمومي، لتحقيق وتيرة نمو سريعة، وتوفير مقومات التنمية المتواصلة، من خلال تسريع وتيرة الأوراش الكبرى في مختلف المجالات. إنها التزامات جوهرية السيد الوزير لتأهيل وعصرنة القطاعات العمومية. كما أننا نتفهم فلسفة التخفيضات الضريبية الواردة في المشروع بالنسبة للضريبة على الشركات ونتعامل معها إيجابيا كحلقة اساسية لإصلاحات متواصلة تحكمها رؤى واضحة في افق إنهاء العمل بمختلف الإعفاءات غير المبررة والأنظمة الخاصة، وفتح الأفق لفاعلين يمتلكون القوة والمناعة الضرورتين للانخراط في نظام ضريبي سلس وتلقائي، ولابد أن نجدد تأكيدنا على ضرورة ترسيخ قواعد العدل والتضامن في الاستفادة من ثمرات النمو، بتغليب تدابير التحفيز لا التمييز، والحرص على التحصيل ومحاربة كل أشكال التملص أو الغش. السيد الرئيس السادة الوزراء لقد ظلت التدابير الجبائية محط نقاش دائم ومتواصل، واليوم نجدد تأكيدنا على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للسياسة الضريبية، لأن الإصلاح الضريبي الذي عرفته بلادنا سواء على المدى المتوسط أو البعيد بني على اختيارات اساسية مبنية على توسيع القاعدة الضريبية لابد لكل التدابير والمقتضيات ان تظل وفية لها على اعتبار أن ذلك يسمح بتوسيع قاعدة الملزمين، ويرفع من مستوى المداخيل، ويسمح أيضا وهذا مهم جدا بتخفيض الاسعار تدريجيا، وهو ما نعتبره في الفريق الاستقلالي تمرينا ذو أبعاد بيداغوجية، لها انعكاسات اقتصادية مهمة، لتحقيق المصالحة الكاملة بين الملزم والإدارة شخصا ذاتيا كان او معنويا، بناء علي مرتكزات الإصلاح الهام للإدارة الضريبية، ومساطر التحصيل والمراقبة، ونحن نعتز اليوم الى جانب حلفائنا في الأغلبية بتجاوب الحكومة مع التعديلات الجوهرية التي قدمناها في أفق تحقيق هذا التوجه. إننا السيد الوزير نعتبر إحداث صندوق خاص لدعم التصدير من أهم مقومات إنعاش الاقتصادي الوطني، وأكدتم أن ذلك جاء مقرونا بخطوات أخرى مهمة من ضمنها إصلاح تعريفة رسم الاسيتراد، وتسهيل وتبسيط مساطر عمليات التجارة الخارجية، وتعزيز وسائل مراقبة الأرباح المحولة الى الخارج، وتشجيع رأسملة المقاولات الصغرى والمتوسطة، والزامية الاقرارات والقيام بالأداءات بطريقة الكترونية، وإصلاح واجبات التنبر. ونحن نناقش هذا المحور، لايمكننا السيد الوزير إلا أن نسجل المجهود الهام للحكومة على مستوى الزيادة في الاعتمادات المخصصة للوزارات بصورة عامة، وللوزارات المرتبطة بالجوانب الاجتماعية بصفة خاصة، وهو ما سنبرزه في المحور الموالي المرتبط بتوسيع وتحسين الخدمات الاجتماعية. المحور الثالث: توسيع وتحسين الخدمات الاجتماعية السيد الرئيس السادة الوزراء إن تقييم اي مؤشر اقتصادي مهما كانت نجاعته، لايقاس إلا بالانعكاسات الاجتماعية لهذا المؤشر، ونؤمن في الفريق الاستقلالي دوما أن تحسين الخدمات الاجتماعية ضمانة أساسية لاستقرار المجتمع، ولنباء ثقافة الإيمان بالوطن، وتقوية روح المساهمة في بنائه، وجعل الأمل في توجهاته وآفاقه، هي الحصانة الآساسية لمواجهة ظواهر كثيرة تؤرقنا جميعا، وتؤلمنا في الوقت ذاته، لما نراه من مآسي ما يعرف «بقوارب الموت»، وانتشار لظواهر تسيء لقيم مجتمعنا من مخدرات، ودعارة، وغيرها، ونحن مؤمنون بأن الحكومة وهي تهييء مشروع القانون المالي أخذت في الحسبان المعطى الاجتماعي كمؤسس جوهري، وإذا كنا في الفريق الاستقلالي قد دعونا عند مناقشتنا لمشروع القانون المالي لسنة 2008 الى ضرورة القيام بتقييم شمولي وعميق للنتائج وتصحيح مساراتها وتدعيم وسائلها، ودعونا الى تبني برنامج استعجالي لمجال التربية والتكوين، ورفع العوائق التي تعطل فعالية نظام التغطية الصحية، وتعميمها على الطلبة وأعوان السلطة والأئمة وقدماء المقاومين وضحايا انتهاك حقوق الانسان، والتعجيل بإرساء المساعدة الطبية للمحتاجين ونظام «عناية» لذوي المهن الحرة. فإننا اليوم نسجل للحكومة تجاوبها الإيجابي مع هاته الدعوة من خلال إقرار البرنامج الاستعجالي للتربية التكوين، بناء على التقرير الهام والواقعي للمجلس الأعلى للتعليم، الذي يدخل في باب التقييم الشمولي العميق، وأيضا من خلال الاستراتيجية الوطنية لقطاع الصحة، وانطلاق برنامج المساعدة الطبية لفائدة الفئات المعوزة لتوفير مستلزمات الاستشفاء للفئات المعوزة، الذي أشرف على انطلاقه من جهة تادلة ازيلال السيد الوزير الأول المحترم الأستاذ عباس الفاسي، كما لابد لنا في الفريق الاستقلالي أن ننوه بالمجهود الهام للحكومة لتسوية وضعية الصناديق الداخلية لبعض المؤسسات العمومية، مؤكدين دعوتنا الى التحقيق بكل نزاهة ومسؤولية وصرامة في الملابسات، وتحديد المسؤوليات التي أوصلت بعض هذه الصناديق الى الأزمة التي تكلف خزينة الدولة أموالا يمكن استثمارها في مجالات أخرى. السيد الرئيس السادة الوزراء إن تعزيز المشروع لاعتمادات قطاع العدل بنسبة 22% يجعلنا نأمل أن يعرف هذا القطاع الهام، الذي يشكل ركيزة المجتمع تطورا في المجهودات المبذولة لجعله اكثر فعالية، وأساسا للعدل الاجتماعي المبني على المساواة بين كل المواطنين أمام القانون، خاصة في ظل الإرادة الملكية السامية المتواصلة والتي عبرت عنها كل الخطب الملكية السامية، وجددها جلالته في رسالته السامية بمناسبة الذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الانسان حين قال: «كما أننا عازمون على الإصلاح الجوهري والعميق للقضاء وإرساء الجهوية المتقدمة باعتبارهما الركيزة الاساسية للحكامة الجيدة، ولفصل السلط وصيانة الحريات الفردية والجماعية وسيادة القانون ومساواة الجميع أمامه» (انتهى كلام جلالة الملك). السيد الرئيس إن رفع اعتمادات وزارة التربية الوطنية بنسبة 23% مؤشر مهم لإصلاح هذا القطاع الحيوي الذي اعتبره الزعيم علال الفاسي رحمه الله قضية حياة أو موت للأمة، باعتباره صمام الأمان لمستقبلها في ثوابتها وقيمها وأخلاقها خاصة بعد الوضعية المقلقة التي أصبح يعيشها والتي نسجل للحكومة جرأتها بالكشف عن مكامن الخلل، وإرادتها القوية في اصلاح قطاع التربية والتكوين، داعين الحكومة الى تحصين المؤسسات التعليمية من كل المخاطر التي تحدق بها من مخدرات ، وانحلال اخلاقي، وبعض منعدمي الضمير الذين يسيئون لصورة الأسرة التعليمية المشهود لأغلبها بالكفاءة والوطنية الصادقة، كما ندعو الحكومة الى توفير الظروف الملائمة لاشتغال هذه الأسرة، مسجلين مبادرتها الإيجابية ببناء 10 آلاف سكن على امتداد أربع سنوات بالمؤسسات التعليمية بالعالم القروي لفائدة المدرسين مما سيوفر ظروفا نفسية واجتماعية مهمة للأطر التربوية لإنجاز مهامها في ظروف أفضل، وكذا كل المبادرات الايجابية التي يبذلها القطاع الوصي لإعادة تأهيل المؤسسات التربوية، واندماجها وانفتاحها على محيطها، كما نعتبر في الفريق الاستقلالي تشجيع البحث العلمي ضرورة ملحة لوطننا، ونتمنى أن يكون قطب الرحى في البرنامج الاستعجالي لمنظومة التربية والتكوين، من خلال توفير ميزانية له بنسبة 1% من الناتج الداخلي الخام. وعلى مستوى القطاع الصحي نعتز بالجهود المبذولة التي يدعمها اليوم والذي رفع الميزانية بنسبة 20 % حتى يتمكن من بلورة أهداف الاستراتيجية الوطنية لهذا القطاع، المبنية على أساس العلاج لكل المواطنين، واعتماد منهجية مبنية على مؤسسات علاجية كبرى في مختلف الجهات لتحقيق القرب من المواطنين، وللقضاء على الوضع التمييزي بين هاته المنطقة وتلك، باعتبار المغاربة سواسية في الحقوق كما في الواجبات، بالتركزي على العالم القروي بمواصلة انجاز مخطط الصحة القروية باقتناء 50 وحدة طبية متنقلة، كما نسجل بإيجابية الاجراء الهام المرتبط بإعفاء الأدوية المخصصة لمعالجة داء السرطان من الضريبة على القيمة المضافة مما سيمكن من تخفيف تكاليف العلاج بالنسبة لفئات هامة من المواطنين خاصة ذوو الدخل المحدود. السادة الوزراء لقد أصبحت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نموذجا في مجال التجهيزات والخدمات، والأنشطة المدرة للدخل ، وتقوية الكفاءات والقدرات المحلية، ونؤمن ان المشروع المعروض أمامنا، قد جعل منها ركيزة اساسية بإعطائها دفعة جديدة، خاصة في مجالي التعليم والصحة، ولاسيما أن مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنت من انجاز 15 ألف و 600 مشروع لفائدة ما يعادل 3،9 مليون نسمة، ونعتقد أن المنحى التصاعدي للغلاف المخصص لها والذي سيصل الى 25،2 مليار درهم من الميزانية العامة، سيمكن من جعلها حافزا لبلورة روح التضامن والتماسك الاجتماعي، ولتعبئة وطنية مواطنة في اطار رؤية شمولية قومها مكافحة الفقر والإقصاء وتحقيق الاندماج الاجتماعي. السادة الوزراء لقد ظلت مشكلة السكن مطروحة ببلادنا، ونعتبرها من المشاكل المؤرقة، ولاشك ان المجهودات الهامة لمواجهة الاختلالات التي يعرفها القطاع تستحق التنويه وكذلك الاشادة بالاجراءات التي حملها المشروع للحد من أيادي الفساد، وسماسرة المضاربات، وتمكين المواطنين الذين يقومون ببناء سكنى رئيسية من خصم مبلغ الفوائد في حدود %10 من مجموع الدخل المفروضة عليه الضريبة، خلال مدة 7 سنوات من تاريخ تسليم الرخصة، ونجدد دعوة فريقنا الى تسريع وتيرة الإصلاحات الاستعجالية، ومن ضمنها توسيع قاعدة العرض بتسريع وتيرة الانجاز والتحكم في التكلفة، وتعبئة العقار العمومي في اطار الوكالة العقارية، ومراجعة مساطر التعمير والبناء، ومواصلة دعم السكن الاجتماعي، وبرامج معالجة إشكالية السكن غير اللائق، والقضائي على مدن الصفيح. السيد الرئيس السادة الوزراء إذا كانت الحكومة قد التزمت بوعدها خلال مشروع القانون المالي لسنة 2008 بتخفيض نسبة البطالة الى أقل من %10، واتخذت إجراءات طموحة لتكوين 15 ألف منهدسا سنويا في أفق 2010، و 3300 طبيبا في أفق 2012، وحل إشكالية 1100 من حملة الشهادات العليا بتوظيفهم وتوقع توظيف دفعة جديدة منهم وإحداث 12820 منصبا جديدا برسم المشروع المعروض علينا اليوم، ستستفيد منه بشكل رئيسي القطاعات الاساسية على المستوى الاجتماعي، وإذا كانت الحكومة وفي اطار حوارها المسؤول والمبني على الواقعية قد تمكنت من الوفاء بالتزاماتها المعلنة مع حاملي الشهادات المعطلين وفق ما توفر لديها من إمكانيات، فإننا في الفريق الاستقلالي إذ نشيد بهذا المجهود الوطني الهام، نؤكد حرصنا على دعوة الحكومة المزيد من تكثيف ودعم آليات الشغل، بالمواكبة والعناية الدائمتين بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، من خلال مجهودات أكثر تنظيما وأهداف محددة، من خلال تفعيل أجرأة ميثاق المقاولات، ووكالتها الوطنية إنجاز المهام التي حددها لها القانون لدعم وتحديث وتأهيل المقاولة المغربية التي نؤمن جازمين أنها منشغلة بخمسة هواجس أساسية وهي القضاء، والإدارة، والعقار، والتمويل والجبايات. إننا ندعو الحكومة السيد الرئيس، الى مزيد من المبادرات لإيجاد حلول عاجلة للأعداد المتراكمة من شبابنا المعطل، باعتبارها كفاءات يجب استثمارها لخدمة الأهداف التنموية المتواصلة لبلادنا، ولإرجاع الثقة والأمل إلى أنفسهم ولاطمئنان على مستقبلهم، ولابد لنا في ختام هذا المحور أن نسجل بإيجابية مقرونة بالإشادة، استجابة الحكومة لمطلبناالذي عبرنا عنه خلال مناقشتنا لمشروع القانون السنة الماضية، والمتمثلة في اعتمادها لمقاربة جديدة تستهدف الفئات الأكثر احتياجا، وتوجيه تدخل الدولة للذين يستحقون ذلك حتى يتحقق المدلول الحقيقي للتضامت الاجتماعي، وهو ما عبرنا عنه داخل اللجنة عند مناقشتنا للميزانية الفرعية للوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة، حيث أكدنا على دور صندوق المقاصة في توفير التوازن الاجتماعي، كما أكدنا مساندتنا المطلقة لإصلاح هذا الصندوق لكي يتجه الى فئات المستحقين من الطبقات الشعبية، وأيضا للمناطق المحددة بناءا على معايير شفافة وموضوعية بخصوص المواد المدعمة. ولابد أن نسجل بإيجابية الاعتمادات المرصودة لصندوق المقاصة باعتباره معبرا عن حس وطني تضامني، حيث ستصل هذه الاعتمادات الى 36 مليار درهم، وهو ما يمثل %5،4 من الناتج الداخلي الخام، والخلاصة ان تخصيص %53 من الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية مؤشر إيجابي ومهم جدا في الظروف الحالية. المحور الرابع: المقاربة المندمجة لتنمية الوسط القروي السيد الرئيس السادة الوزراء ونحن نتفاءل خيرا بأمطار الرحمة التي عمت بلادنا، فإن الفريق الاستقلالي يسجل للحكومة إرادتها الصادقة في جعل الوسط القروي، وسطا مندمجا في محيطه الإقليمي، والجهوي بالحرص على تسريع وتيرة نموه، من خلال تسريع وإنجاز التجهيزات والخدمات الاساسية من مسالك، وطرق، وماء، وإنارة، وتمدرس وصحة، ومحاربة الفقر، وتنشيط سوق الشغل والأعمال المدرة للدخل، ولاشك ان المشروع يبلور هذه الإرادة من خلال الزيادة في الاعتمادات المرصودة للعالم القروي بنسبة %38، ورفع اعتمادات صندوق التنمية القروية من 300 مليون درهم الى 600 مليون درهم لدعم التنمية القروية، والمناطق المتضررة من الفيضانات. إن البرامج المعلنة، وتقييم المنجزات بالوسط القروي يجعلنا مطمئنين الى الإرادة الراسخة في تبني مقاربة منتجة، ومندمجة للتنمية القروية، تجعلنا في الأغلبية مشيدين بتجاوب الحكومة مع ماعبرنا عنه عند مناقشاتنا للقانون المالي برسم سنة 2008، ومن أبرز مظاهره مخطط المغرب الأخضر، وبرمجة خمسة سدود جديدة، وتعميم تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، واهتمام التصور الاستراتيجي للمستقبل الطاقي بكهربة العالم القروي، ومعالجة إشكالية بعد المدارس بالعالم القروي بتوفير النقل المدرسي، واستفادة الأسرة التعليمية بالعالم القروي من مخطط السكن المدرسي لفائدة 10 الاف من الأطر التربوية والإدارية، ومخطط الصحة بالوسط القروي، ونأمل ان يتعزز هذا التوجه أكثر في المستقبل بما يكفل تحقيق تأهيل شامل لوسطنا القروي الذي لازالت العديد من مناطقه تعاني من بعض الخصاص، ومصاعب حقيقية خاصة في ظروف الثلوج القاسية، ولاتفوتنا الفرصة بالمناسبة للتنويه بأطر وزارة التجهيز والنقل، وموظفيها للتعبئة المتواصلة لفرقها للتدخل العاجل لفك العزلة عن المناطق القروية، وللتخفيف من آثار تقلبات الطقس القاسية، وآثار الفيضانات المهولة التي عرفتها بلادنا يومي 10 و 11 أكتوبر 2008، المحور الخامس: الجهوية في أفق المفهوم الجديد الذي حدده صاحب الجلالة نصره الله. السيد الرئيس السادة الوزراء لقد أعلن صاحب الجلالة نصره الله في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة، عن قراره السامي بإطلاق مسار جهوية متقدمة، تعتمد المقاربة التشاركية والديمقراطية في إعداد تصور هذه الجهوية معلنا عن حرص جلالته على فتح نقاش وطني واسع وبناء بمشاركة كل المؤسسات والسلطات المختصة، والفعاليات التمثيلية الحزبية والأكاديمية والجهوية المؤهلة، ونعتز في حزب الاستقلال بهذه الخطورة، التي ظلت دوما حاضرة في مقررات مؤتمراتنا، وكانت من أهم توجهاتنا المستقبلية التي عبر عنها باستمرار باسم الحزب الأخ الأمين العام الأستاذ عباس الفاسي، وكانت من بين أهداف التصريح الحكومي، واليوم عززها جلالة الملك حفظه الله بتصور واضح المعالم والأهداف حين قال جلالته: «إن مشروع الجهوية إصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وإنضاجه...، فطموحنا الكبير من هذا الورش الواعد هو ترسيخ الحكامة المحلية الجيدة، وتعزيز القرب من المواطن، وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة، الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية. ولبلوغ هذه الأهداف، فإن هذا الاصلاح يجب ان يقوم على مرتكزات الوحدة، والتوازن، والتضامن... كما أن نجاحه رهين باعتماد تقسيم ناجع، يتوخى قيام مناطق متكاملة، اقتصاديا وجغرافيا، ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا» (انتهى كلام جلالة الملك) السيد الرئيس السادة الوزراء إن مضمون الخطاب الملكي السامي في ذكرى المسيرة يؤسس لمرحلة مهمة وجديدة في بلادنا، تتطلب منا جميعا أن يكون مشروع القانون المالي واجهة لعكس المشاريع الاستثمارية المهمة التي سيتم انشاؤها في مختلف الجهات، وأيضا لعكس تحقيق التوازن المطلوب، والتجاوب مع احتياجات كل جهة، خاصة وأن هذه المشاريع تعتمد على قوة تعاقدية فاعلة في انجاز برامج التنمية، مجسدة في الغرف المهنية، ووكالات إنعاش الأقاليم، والجماعات المحلية ومساهمة الميزانية العامة، وصندوق الحسن الثاني، ومن تم فإن خيار إحداث أقطاب جهوية متكاملة كما عبر عنها الخطاب الملكي السامي، فكرة رائدة تشكل مفتاحا للتنمية المتوازنة والشاملة التي تتوق إليها البلاد. ونؤمن أن النقاش الوطني المنتظر حول مفهوم الجهوية المتقدمة، بعد إعداد الحكومة للميثاق الوطني لعدم التمركز الذي دعا اليه جلالة الملك في خطابه السامي، سيمكن من تقييم واقعي وموضوعي للتجربة الجهوية بالمغرب، ولمرتكزات بناء جهوية أكثر ديناميكية. السيد الرئيس السادة الوزراء. أخواتي، إخواني المستشارين. قدمت أمامكم قراءتنا لمشروع القانون المالي لسنة 2009، ونعتز بكونها قراءة إيجابية لتجاوبها مع أغلب ما عبرنا عنه كفريق في اطار الأغلبية، ولانسجامها مع مرتكزات التصريح الحكومي، ورهانات المرحلة، بتبني خطاب المكاشفة المبني على الصدق، والأمانة، والمسؤولية. ونعتقد جازمين أن مجلس المستشارين بماله من خصوصيات في تكوينه، يجعل من مناقشة مشروع القانون المالي فرصة حقيقية للتقييم، ويعطي قيمة مضافة للمقاربات التي ينطلق منها إخواننا في مجلس النواب. لقدكان حوارنا مع الحكومة غنيا ومفيدا وإيجابيا، ومثمرا، في حرص تام على المصلحة العليا للوطن، وهي الروح التي تدفعنا اليوم الى تأكيد مساندتنا لهذا المشروع وتصويتنا عليه بالإيجاب، خاصة أن الحكومة تجاوبت معنا بقبولها ل 15 تعديلا للأغلبية، ميزتها تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتطوير التنمية الاجتماعية، متطلعين الى أن تنجح بلادنا في تحقيق توقعاته، مجددين دعوتنا الدائمة لمواكبة البرلمان لتنفيذ الميزانية، ومواصلة إشراكه في تحضير المشروع القادم، لما لذلك من أثر إيجابي لمسناه هذه السنة بشكل جلي، ولاشك ان مشروع القانون المالي الحالي، جاء متزامنا مع استكمال مجلس المستشارين ل 12 سنة من إحداثه، وسيعرف خلال نهاية السنة المقبلة تجديدا لثلثه، الأمر الذي يجعلنا في الفريق الاستقلالي ندعو الى تقييم شامل لتجربة 12 سنة من العمل الى جانب إخواننا في مجلس النواب لتحديد مكامن القوة، ومواطن الضعف، من أجل عمل برلماني أكثر انتاجية ومن أجل ظروف اسلم وأفضل للعمل التشريعي، وتفعيل آليات جديدة للعمل الدبلوماسي البرلماني، كالدبلوماسية الاقتصادية، والدبلوماسية الحقوقية وغيرهما، مستنيرين بالإشارات الملكية السامية البالغة الدلالة في افتتاح دورتنا التشريعية ومن ضمنها قول جلالته: «يتعين على الجميع، ألا يدخر جهدا، في جعل الانتخابات المقبلة استحقاقات تنموية، ليس مجرد رهانات سياسوية، فالتحدي الانتخابي الفعلي يتمثل في كسب رهان التنافسية الحقة، القائمة على تعددية نوعية تنصب علي مخططات تنوية مضبوطة، وليس مجرد تعددية شكلية مقتصرة على تضخم أعداد المرشحين، والألوان والرموز، بدون أي تمايز نوعي في الاختيارات والبرامج (انتهى كلام جلالة الملك). وفقناالله لما فيه خير مصلحة هذا الوطن العزيز والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.