أقدمت إدارة المركب الاستشفائي الإقليمي في القنيطرة على التخلي عن تقديم العلاج لفتاة مريضة تعاني من مرض خطير، «رمت» بها خارج المؤسسة في ظروف تحطّ من الكرامة الإنسانية. ورغم وضعها الصحي جد المتدهور، فإن بعض مسؤولي المستشفى بدوا وكأنهم غير مكترثين لذلك، متجردين من كل المشاعر الإنسانية، بعدما قبلوا بإلقاء المريضة خارج أسوار المستشفى والتخلص منها وهي في حالة حرجة، مما أثار حفيظة المواطنين الذين عاينوا الفتاة تصارع الموت عند الباب الرئيسي للمركب الاستشفائي. وقال مصدر موثوق إن المواطنين هم الذين أعادوا المريضة إلى المستشفى، بعدما لفظها هذا الأخير، تضامنا معها ودفاعا عن حقها في التطبيب والعلاج، إلا أن الإدارة ظلت متشبثة بقرارها ورفضت تمكينها من الاستفادة من خدمات المؤسسة العمومية، مع أن حالتها الصحية تكشف معاناتها من عدة أمراض وُصِفت بالخطيرة وتستدعي تدخلا عاجلا لإنقاذها من الموت، الذي أضحى يتربص بها. وإلى حد كتابة هذه السطور، فإن الفتاة المريضة لم تحظ بأي اهتمام يُذكَر، بعدما امتنعت الجهات المعنية عن علاجها وعن توفير سرير لها، حيث تركتها مرمية في أحد الممرات المتاخمة لقاعة العمليات الجراحية، ترقد فوق نقالة منذ ما يقارب الأسبوع في ظروف صحية كارثية، تتبول وتتغوط في ملابسها، ولا تقوى بالمرة على الحركة، لمعاناتها الشديدة مع الهزال والضعف، في غيبوبة دائمة، تتضور جوعا، وتكاد بالكاد النطق بكلمة «أمي»، تتلحف غطاء رثا ووسخا وتنبعث من جسدها رائحة كريهة تزكم الأنوف، وهو ما جعلها عرضة لنهش جميع أنواع الحشرات، وكل ذلك أمام مرأى ومسمع مسؤولي المستشفى، الذين لم يُحرّكوا ساكنا إزاء هذه الحالة الإنسانية، التي تدمي القلوب وتقشعرّ لها الجلود. وقد صادفت «المساء»، أثناء زيارتها الضحية، شخصا مُسنّاً يدّعي أنه قريب للمريضة، يحاول مدّها بما تيسّر من الطعام، ليخفف عنها ألم الجوع والعطش، بعدما أحجمت إدارة المستشفى عن إطعامها، حيث صرّح أن قريبته، التي لم تكن سوى زوجته التي عقد عليها بالفاتحة، تم الكشف عنها منذ أسابيع، لكنه تفاجأ بعد ذلك برميها بالقرب من البوابة الرئيسية للمستشفى وبعدم إخضاعها للعناية المركزة، رغم خطورة مرضها. ووفق معلومات حصلت عليها الجريدة من الزوج المذكور، الذي يوجد في حالة تشرد دائم في الشارع العام، فإن الضحية المسماة ليلى عريرجات (30 سنة) تنحدر من أسرة جد فقيرة، تقطن بدوار «الشقاقفة» في جماعة «سيدي علال التازي»، إقليمالقنيطرة، لها ابنان تكفلت بهما أختها، وهي يتيمة الأب ولا تحمل أي وثيقة رسمية تؤكد صحة المعطيات المدلى بها حول هويتها.