شهد المستشفى الإقليمي «الحسن بن المهدي» في مدينة العيون، خلال نهاية الأسبوع الماضي، موت طفلين في اليوم نفسه، بعدما دخلاه قصد العلاج من نزلة برد عادية، لكنْ -حسب ما صرح به ل«المساء» عائلتا الطفلين- فإن ابنهما دخل المستشفى قصد العلاج من أعراض حمى بسيطة، حيث إن الضحية الأول طفل رضيع لا يتجاوز عمره ثلاثة أشهر. وحسب رواية والدته، فقد طالبها موظفو المستشفى بوجوب إحضار أوراقها الثبوتية، إذ لم تكن تحمل معها بطاقتها الوطنية، لكن مصادر من داخل المستشفى نفت أن يكون الطفل قد حضر إلى المستشفى مريضا فقط، بل كان يشكو من إهمال كبير في وضعيته الصحية وتأخر إحضاره للعلاج، مما جعل الإسعافات التي قُدِّمت له في المستشفى لا تجدي نفعا. أما «الحالة» الثانية فهي فتاة لم تبلغ بعدُ السنة الرابعة من عمرها، والتي فارقت الحياة، بعدما تم إهمالها في قسم المستعجلات لمدة تجاوزت 5 ساعات، حسب ما أكده أقارب الضحية. وعلمت «المساء» أن عائلتي الضحيتين قررتا أن ترفعا دعويين قضائيتين ضد المستشفى الذي تسبب في مقتل ابنيهما، حسب وصف العائلتين، لكن إدارة المستشفى سارعت إلى تقديم شكاية إلى النيابة العامة، تتهم فيها العائلتين بالإهمال المؤدي إلى الوفاة. وقد سبق حادثَ موت الطفلين «تفجُّر» فضيحة جديدة في المستشفى ذاته، بعدما عُثر على مريض من ذوي الاحتياجات الخاصة، يدعى العربي ح. تجاوز عقده السادس، وهو مصاب بمرض مزمن، يصارع الموت أمام بوابة المستشفى الخارجي، حيث تم طرد المريض من مستشفى الاختصاصات حيث كان يعالَج، إلى أن تدهورت حالته الصحية، وهو ما يزال -إلى حد كتابة هذه الأسطر- يفترش الأرض بجوار الباب الرئيسي لمستشفى «الحسن بن المهدي»، عرضة للبرد ليلا وللشمس الحارقة نهارا، ناهيك عن تجمع الذباب وأكوام من النفايات من حوله، بسبب عجزه وعدم قدرته على الحركة. وعبّر فاعلون محليون في العيون، في تصريحات متطابقة ل«المساء»، بخصوص ما تعرفه المؤسسات الصحية في المدينة، عن أسفهم العميق لعدم اكتراث المسؤولين عن قطاع الصحة في المدينة بالوضعية المزرية التي يعرفها المستشفى الإقليمي، في الوقت التي تتزايد شكاوى المواطنين. وعلَّق مصدر حقوقي على ذلك بالقول إن استفحال السلوكات المسيئة إلى مهنة الطب أمام صمت الجهات المسؤولة جهويا على قطاع الصحة من شأنه أن ينعكس سلبا على المرضى وعلى ذويهم، الذين قرروا الخروج عن دائرة الصمت والجهر بالممارسات المسيئة المتفشية داخل المؤسسات الاستشفائية في العيون. وقد أجمع هؤلاء على تردي الأوضاع داخل المستشفى وعلى تفشي ظاهرة الرشوة والمتاجرة في صحة الموطنين، بابتزازهم، خاصة في أقسام الجراحة والولادة والأطفال، كما أدانوا مجموعة من السلوكات التي تمارَس في المستشفى والتي لا تحترم المهمة الإنسانية التي أنشئت من أجلها هذه المستشفيات والمراكز الصحية، وطالبوا بضرورة إيفاد لجن للتحقيق، للوقوف على مجموعة من الاختلالات التي تعرفها مستشفيات الجهة، وخصوصا مستشفى «الحسن بن المهدي» في العيون، في الوقت الذي نوه هؤلاء بالروح المهنية والاجتماعية والوعي بالمسؤولية واستحضار الضمير الأخلاقي والقانوني لمجموعة من الشرفاء العاملين في المستشفى، من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين.