سار آلاف المتظاهرين في طنجة في مسيرة انطلقت من «ساحة التغيير» في حي «بني مكادة»، الشعبي، وصولا حتى وسط المدنية في ساحة فارو، المعروفة باسم «سور المعكازين». وقد جاب المتظاهرون، مساء الأحد، عددا من الأحياء الشعبية في المدينة، في مسار تعود المحتجون على قطعه كل أسبوع تقريبا، والذي يقدر بحوالي 10 كيلومترات ويمر عبر عدد كبير من الأحياء الشعبية والعصرية. وقد رفع المتظاهرون شعارات تطالب بسقوط الفساد وبمحاسبة المفسدين وتنفيذ إصلاحات حقيقية وعميقة، كما رفعوا لافتات تُعبّر عن مطالب شعبية، من بينها رحيل الشركات الأجنبية التي تدير عددا من القطاعات الحيوية في المدينة، والتي صارت بمثابة العدو الأول للسكان. وجاء تنظيم هذه المظاهرة، التي لوحظ أنها كانت أقل حجما من المظاهرات السابقة، بحضور وازن من تنسيقيات لدعم حركة 20 فبراير في عدد من البلدان الأوربية، مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا. وبدا من خلال هذه المظاهرة أنها تريد إيصال رسالة إلى الجهات المعنية، حيث حمل المتظاهرون صفّارات وأوراقا صفراء، في إشارة إلى إنذار يتم توجيهه للمسؤولين، مفاده أن المناهضين للفساد قد يعمدون، خلال الأسابيع المقبلة، إلى اختيار أساليب تصعيدية، من قبيل اعتصامات مفتوحة في ساحات معروفة في المدينة. وقد ردد المتظاهرون شعار «صايمينْ وما مفاكينشْ»، في رد مباشر على بضعة أفراد سبق أن طالبوا بالإفطار العلني في رمضان، وهو ما استغلته الجهات المناوئة لحركة 20 فبراير وعملت على ترويجه إعلاميا من أجل الإساءة إلى أهداف الحركة. ويُرتقَب أن يكون تعامل حركة 20 فبراير مع مظاهرات رمضان من خلال عدة أشكال، من بينها استمرار المظاهرات الاحتجاجية بعد صلاة العشاء وإقامة إفطار جماعي، أولها سيكون السبت المقبل في «بني مكادة». وكانت هذه المظاهرة قد انطلقت من ساحة تافيلالت في بني مكادة، التي أصبحت تعرف باسم «ساحة التغيير»، وهي الساحة التي تشهد أيضا، وكل أسبوع، إقامة حفلات لمغنين شعبيين، في ظاهرة لم تكن معروفة من قبل، وهو ما يعتبره المتظاهرون المناهضون للفساد وسيلة للتشويش على مظاهرات تنسيقية 20 فبراير. وقد صارت هذه الحفلات السريعة والمفاجئة تسبب سخطا متصاعدا في المدينة، على اعتبار أن إقامتها تتطلب مصاريف باهظة، كما أن تمويلها يتم من أموال دافعي الضرائب وتقام فقط من أجل «التشويش» على المطالبين بوقف الفساد والتبذير. وتعتبر الحفلات الموسيقية «المشوشة» ظاهرة فريدة في طنجة، «اكتشفها» المسؤولون لتبذير المزيد من المال، عوض العمل على وقف الفساد المستشري في المدينة، والذي يعتبر الدافع الرئيسي وراء هذه المظاهرات الحاشدة في طنجة.