عاشت مجموعة من المدن المغربية صباح الأحد 20 فبراير 2011 على وقع احتجاجات وتظاهرات وصفت بالسلمية كانت قد نادت لها ما أسمت نفسها حركة شباب 20 فبراير، ورغم تباين على مستوى عدد المشاركين، فقد كان القاسم المشترك لكل هاته المحطات النضالية، المطالبة بمحاربة الفساد وحل الحكومة والبرلمان بمجلسيه، والإصلاح السياسي، ووضع دستور ديمقراطي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، دون أن تسجل دعوات إلى تغيير النظام. فبمدينة أكادير، انطلقت مسيرة حاشدة من 5000 متظاهر مشيا على الأقدام حوالي 5 كيلومترات من انزكان في اتجاه اكادير، وطالب المتظاهرون الذين ينتمي أغلبهم إلى شباب اليسار والحركات الثقافية الأمازيغية والمنظمات النقابية، في شعارات قوية بإسقاط ما سموه الفساد ومعاقبة المفسدين والرفع من الأجور وضمان الحق في الصحة والتعليم وإصلاح القضاء، والقضاء على البطالة وغيرها من المطالب الاجتماعية والاقتصادية. والملاحظ من خلال هذا التظاهرة العارمة الغياب التام لرجال الأمن، باستثناء الذين يلبسون الزي المدني والمندسين وسط المحتجين، وهو الأمر الذي حدى بالمتظاهرين إلى تنظيم أنفسهم من خلال تكوين سلاسل بشرية لتنظيم المسيرة والحد من الانفلاتات المحتملة. ولعل أهم ما ميز هذه المسيرة رفع عدد من الشباب للافتات تحمل رمز الأمازيغ، وصور شيغيفارا وعبارات دالة على المطالب الخاصة بالشباب بالخصوص، إضافة الى رفع شعارات من قبيل ''إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر''، و''زيرو حكومة الفاسي''، و''الفاسي سير بحالك المغرب ماشي اديالك''. من جانب آخر، احتشد مئات من الشباب في ساحة الأمل بأكادير في حلقة واسعة رفعت خلالها شعارات تعبر في مجملها عن مطالب الشباب في الإصلاح السياسي والدستوري وتحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية وإصلاح المؤسسات، قبل أن ينطلق المتظاهرون في مسيرة جابت شارع الحسن الثاني بأكادير لتلتقي مع المسيرة القادمة من انزكان لتتوحد المسيرتين في مسيرة واحدة عارمة بشارع محمد الخامس وتتعالى الأصوات والحناجير بالمطالب المشتركة لشباب وشابات سوس العادلة. ولم يختلف الوضع كثيرا عن مدينة الدارالبيضاء، حيث تجمهر ما يقارب 2000 متظاهر يمثلون جماعة العدل والإحسان واليسار الاشتراكي الموحد، وما يسمى بحركة 20 فبراير والنهج الديموقراطي والبديل الحضاري وبعض فعاليات المجتمع المدني، وجمعيات كرة القدم، وكذلك بعض الحرفيين، وسط شارع الحسن الثاني أمام العمالة ومجلس مدينة الدارالبيضاء، ورفع المتظاهرون لافتات تنادي بمحاربة الفساد، كما رددوا شعارات من قبيل ''الشعب يريد إسقاط الفساد''، و''لا قادة لا ساسة، الشعب يختار الساسة''، و''لاحكومة لا برلمان، ولد الوزير يتكرم، وولد الشعب يهان''.. وغيرها من الشعارات التي تندد بالحكومة، والتزوير، والفساد، وتطالب بإحقاق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. ومن جانب آخر، انتشر رجال الأمن، سيما رجال الأمن بالزي المدني، والذين كانوا يراقبون الوضع عن قرب، وشوهد والي الأمن في حوار مع بعض المتظاهرين، كما تدخل بنفسه لتنظيم المرور بمكان الاحتجاج. ومن جانب آخر، ذكر مراسل ''التجديد'' أن خلافات تنظيمية ومناوشات كلامية حدثث أثناء ترديد الشعارات، بسبب عدم توحدها. قبل أن تنقسم التظاهرة إلى ثلاثة مجموعات، حيث استرسلت المجموعة الأولى في رفع شعارات تنوه بالملكية وبالمغرب، من قبيل ''الملك ملكنا والمغرب مغربنا''، فيما استمرت المجموعة الثانية في المناداة بمحاربة الفساد وإسقاط المفسدين ومحاربتهم، فيما كانت المجموعة الثالثة والتي لم يكن عددها يتجاوز العشرات تنادي بإطلاق سراح المعتقلين، وتطالب في الحق في إقرار الأمازيغية. أما مدينة بني ملال، فقد تميزت بتنظيم مسيرتين منفصلتين، الأولى بقيادة التنسيقية المحلية للهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية التقدمية والثانية باسم الشباب، وقد وانطلقت المسيرة الأ ولى، والتي كانت تضم حوالي 3000 متظاهر تقريبا ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، وجابت شارع محمد الخامس ذهابا وإيابا قبل الاستقرار بساحة المسيرة الخضراء. فيما اختارت المسيرة الثانية كلية الآداب للانطلاق، وكان جلها شباب من 15 سنة فما فوق سموا أنفسهم شباب التغيير لبني ملال. وقال حميد مهري أحد أعضاء التنسيقية وهو من الاتحاد المغربي للشغل في تصريح ل''التجديد'' أن المسيرة تأتي عقب التفاعل الشعبي الحاصل مع الثورات الشعبية بالقطر العربي، وتضامنا مع الشعوب التواقة للانعتاق. وأوجز المهيري مطالب الهيئات المنظمة والتي تضم كلا من النهج الديمقراطي، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والاتحاد المغربي للشغل، والمؤتمر الوطني الاتحادي، والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب ، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والاشتراكي الموحد، وجماعة العدل والإحسان، في تغيير الدستور خاصة ما يتعلق بالفصل 19 والفصل ,25 وإحالة الأمر إلى مجلس تاسيسي لمراجعته وعرضه على استفتاء شعبي، وحل ما وصفه بالبرلمان المزور، وحل المجالس المنتخبة التي قال إنها لا تمثل الإرادة الشعبية، ومحاكمة رموز الفساد وناهبي المال العام، وإطلاق سراح المعتقلين السياسسين القابعين بالسجون..''واعتبر المهيري المعركة طويلة وليس هناك أي اشارة إيجابية من المسؤولين لحد الساعة، مضيفا أن للمتظاهرين النفس الطويل الكافي لتحقيق كرامة المواطنين والقطع مع ما أسماه منطق الرعايا إلى منطق المواطنين. من جانبه علل عباسي عباس أحد منظمي المسيرة الثانية اختيار الاحتجاج بعيدا عن التنسيقية بالقول ''إن الشباب لا يقبل الوصاية''، وجابت مسيرته التي كانت تقدر بحوالي 300 شاب وشابة شارع الحسن الثاني. ولخص المتظاهرون مطابهم في شعارات ''ضد سياسة التفقير ،ضد الحكرة، ضد الفساد والرشوة،ضد غلاء المعيشة،من أجل الحرية والكرامة،من أجل الشغل والسكن وكل الحقوق الاجتماعية،من أجل تعليم عمومي وديمقراطي. كما رفعت شعارات مطالبة بحل البرلمان ومحاسبة الفاسدين، وتلبية الحق في الشغل، وحق المواطنة، وشعارات أخرى مناوئة للنظام الذي وصفته لافتات رفعت بالأنظمة الاستبدادية والشمولية والقطع مع اقتصاد الريع، وإلى حدود 12 زوالا مازال المحتجون مستمرين في التظاهر دون تسجيل أي احتكاك ما عدا ملاحظة تتعلق باستباق شرطة المرور إلى أهم المدارات في المدينة لتأمين حركة المرور كما سجلت التجديد مواكبة عناصر من الأمن بزي مدني التظاهرتين معا. وبمدينة وجدة، انطلقت مسيرة من شارع محمد الخامس، بمشاركة المئات من المواطنين، قبل أن تتوقف أمام ولاية الأمن، وتنقسم إلى فريقين، حيث فضل أعضاء جماعة العدل والإحسان الاستمرار في التظاهر أمام الولاية، بينما اختار آخرون وكان معظمهم من الطلبة، متابعة المسيرة عبر شارع عبد الله الشفشاوني، مرددين شعارات من قبيل ''الرحيل الرحيل، الشباب هو البديل''، و''من وجدة للقاهرة الشعوب ثائرة''، و''الشعب يريد إسقاط الاستبداد''. أما بمدينة مراكش، فقد سار قرابة 2000 مواطن، ساروا في أكبر شوارع المدينة، رافعين شعارات تنادي بإسقاط الحكومة وحل البرلمان، كما حمل بعضهم صور الملك ولافتات كتب عليها شعار المملكة، ووصل المحتشدون إلى ساحة الحارثي، حيث توقفوا قليلا رافعين شعارات لتحقيق مطالب اجتماعية محضة، وحين رجعوهم إلى نقطة الانطلاق إلى باب دكالة، انقسمت المسيرة إلى قسمين، قسم قادته التنسيقية إلى نقطة الانطلاق، فيما باب توجه قسم آخر إلى ساحة جامع الفنا، حيث دخل بعضهم إلى ممر مولاي رشيد وقاموا بأعمال شغب بسيطة. إلى ذلك سجلت نهاية المسيرة، حدوث أعمال فوضى وشغب قام بها مجموعة من الأشخاص الذين لم يشاركوا من الأصل في المسيرة، حيث قاموا باقتحامها، ثم توجه بعضهم على متن دراجات نارية نحو الحي العصري جيليز، وقاموا بتكسير زجاج مجموعة من الإدارات العمومية، والمتاجر الكبرى الخاصة، وذلك في غياب تام لرجال الأمن ولم ترد لحد الآن أخبار عن اعتقالات في صفوف هؤلاء المخربين. ومن جانب آخر، عرفت جل أحياء المدينة الأخرى، هدوءا تاما. وبمدينة الحسيمة، تظاهر قرابة200 شخص وسط المدينة، فيما خرج العشرات بإمزورن والنواحي. ورفع المتظاهرون شعارات تنادي بتحقيق مطالب اجتماعية. وبمدينة قلعة السراغنة، انطلقت مسيرة احتجاجية ضمت حوالي ألف متظاهر، انطلاقا من ساحة كرو بمدينة القلعة، على الساعة 11 صباحا، توقفت أمام باشوية القلعة وهي تردد شعار ''الشعب يريد إسقاط الحكومة''، و''الشعب يريد تغيير الدستور''. قبل أن تستمر على طول الشارع الرئيسي بالمدينة، وشارع محمد الخامس. كما شهدت مدينة فاس، بدورها تظاهر نحو 800 شخص، تجمعوا بساحة فلورانسا، منذ العاشرة صباحا، مرددين شعارات منددة بالفساد السياسي والإداري والإجتماعي والاقتصادي، قبل أن تنطلق مسيرة في اتجاة ولاية جهة فاس بولمان، ثم ولاية الأمن، عبر شارع الحسن الثاني، وشهدت مظاهرات أمس الأحد بفاس، صدامات بين عشرات المواطنين، والطلبة القاعدين الذي رفعوا شعارات تطالب بإسقاط النظام. *** تصريحات مشاركين في مسيرة الرباط عبد الرحمان بنعمرو: الجماهير تطالب بالديمقراطية هذا صوت الجماهير الشعبية بمختلف فئاته السياسية والنقابية تطالب بالديمقراطية وبدستور يمثل مطلب الجماهير ويعبر عن إرادتهم. تريد محاكمة رموز الفساد السياسي والثقافي والاقتصادي والقضائي، تريد محاكمتهم كيفما كان مركزهم وكيفما كانت هويتهم. خالد السفياني: المسيرة شبابية أساسية المسيرة انطلاقة شبابية أساسية وتاريخية بالنسبة للمغرب، تنادي بالتغيير ونحن وراء هؤلاء الشباب ندعم مطلب التغيير، الشباب يريد أن يصبح النظام المغربي نظاما ديمقراطيا، الشباب يريد إصلاح القضاء، يريد الضرب على أيدي المفسدين والفاسدين وتحرير المال العام من مناهبيه يريد إيقاف هذا المزيف.إنها مطالب الشباب لا يمكن إلا أن ندعمها، وأن نقول نعم للتغيير. عبد الهادي خيرات : هذا الحدث عادي جدا أنا في التظاهرة الآن، وأعتبر أن هذا الحدث عادي جدا، يعبر من خلاله شباب المغرب عن مطالبهم العادية والعادلة، والمغرب مدعو اليوم إلى التجاوب مع هذه المطالب وأخذها بعين الاعتبار، وأعتقد أن على المغرب ألا ينظر إليها لا بالتضخيم من حجمها ولا بالتنقيص من شأنها، وبالمناسبة فهي ليست تقليدا أو موجة شبابية، بل هي جزء من مشاركة الجميع من أبناء مستقبل المغرب.ولوعدنا إلى التاريخ فقد كنا من السباقين إلى الدعوة إلى الإصلاح الدستوري واعتماد الملكية البرلمانية، وأيضا لما تقدمنا بمذكرة الإصلاحات الدستورية اتهمنا بأنا وحدنا من يقول بهذا الكلام، واليوم هاهم المغاربة يدافعون عن هاته المقترحات.ونحن نريد للنظام السياسي المغربي أن يتطور، لأننا لسنا بحاجة إلى التدخل الخارجي أنى كان مصدره وتحديدا التدخل الأمريكي من أجل إقرار الإصلاحات الدستورية والسياسية الضرورية. عبد العالي حامي الدين: إسقاط رموز الفساد مسيرتنا اليوم هي رسالة لكل المغاربة الذين يعشقون الحرية، يطالبون بالحرية، يطالبون بالعدالة الاجتماعية، يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وبقضاء مستقل ونزيه، ويطالبون بإسقاط رموز الفساد بالبلد، وبالفصل الحقيقي للسلط. النقيب عبد الرحيم بن بركة : شعارات اليوم كلها قابلة للتحقيق شعارات اليوم كلها قابلة للتحقيق، إذا أراد المغرب أن يسير في ركب التاريخ عليه أن ينفذ هذه المطالب، وينبغي للحكام أن يقتنعوا وأن ينفذوا على وجه السرعة هذه المطالب المشروعة، بانتصارهم سينتصر المغرب. مصطفى الرميد: كفى من الفساد، ومن الانتخابات المزيفة هذا اليوم، يوم تاريخي.فالشباب المغربي يريد مغربا جديدا بدستور جديد، ومؤسسات جديدة خرج اليوم بعفوية ليطالب بالإصلاح والتغيير، بدستور جديد، ويطالب بمقاربات جديدة ومؤسسات جديدة، الشباب خرج ليقول كفى من المؤسسات الصورية، ليقول كفى من الفساد، ومن الانتخابات المزيفة. محمد الحمداوي: معركة ضد الفساد والاستبدا مسيرة اليوم هي صوت الشعب المغربي، هي بداية للمعركة ضد الفساد والاستبداد، تطالب بإلغاء الدستور، وبالتوزيع العادل للثروة، وبأن يكون الشعب صاحب السلطة ومصدرها، ولابد أنها ستفتح الآفاق على تظاهرات أخرى مدنية سلمية للمطالبة بالحقوق الأساسية للمجتمع، للمطالبة بالكرامة والديمقراطيبة والعدالة الاجتماعية