بدت شوارع طنجة، صباح أمس الأحد، شبه عادية بعد أن تم نزع فتيل المنع الذي ووجهت به مظاهرة 20 فبراير، عندما قرر والي طنجة السماح بتنظيم المظاهرات بعد مفاوضات مطولة جمعته بأعضاء التنسيقية المحلية لدعم حركة 20 فبراير. وكان مفترضا أن تنطلق المظاهرات المطالبة بسقوط الفساد على الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر أمس، والتي تنطلق أساسا من منطقة «بني مكادة» في اتجاه وسط المدينة، غير أن عشرات المتظاهرين تجمعوا في وقت مبكر في ساحة الأمم ورفعوا شعارات تنادي بسقوط المفسدين وبرحيل أشخاص ومؤسسات عن المدينة. وكان والي طنجة قد رخص بشكل مفاجئ للتنسيقية المحلية لدعم حركة 20 فبراير بتنظيم مسيرتها الاحتجاجية، بينما سبق له أن أعلن، خلال لقاء صحافي سابق، رفضه منح الترخيص للتنسيقية، بل أكثر من ذلك، هدد منظميها بالاعتقال في حالة خروجهم إلى الشارع. وقالت مصادر مطلعة إن الوالي اجتمع، رفقة كاتبه العام، مع أعضاء التنسيقية مساء الجمعة الماضي وأخبرهم أنه سيوافق على منحهم الترخيص لتنظيم هذه المسيرة. وأشارت نفس المصادر إلى أن الوالي اتفق مع التنسيقية، التي تضم عددا من الجمعيات الحقوقية، إضافة إلى جماعة العدل والإحسان، المحظورة، على موعد انطلاق المسيرة، التي ستكون من الساحة المقابلة ل«سينما طارق» في مقاطعة «بني مكادة»، وستجوب مجموعة من الشوارع التي تم الاتفاق عليها، إلى أن تصل إلى ساحة «وادي المخازن»، حيث ستكون نهاية هذه المسيرة. وقد وقع على محضر الاجتماع ثلاثة أعضاء من التنسيقية، هم عبد المنعم الرفاعي وأيمن المرزوقي وجمال العسري، إضافة إلى الكاتب العام للولاية. وقالت مصادر مطلعة إن الوالي حمّل المسؤولية للتنسيقية في حالة وقوع فوضى أو إشراك بعض المنحرفين والمخربين الذين يستغلون هذه المناسبة لإحداث أعمال شغب داخل المدينة، كما وقع يوم 20 فبراير الماضي. ويأتي الترخيص لتنظيم هذه المسيرة بينما شهدت مسيرة مماثلة قبل أسبوعين تدخلا قويا من لدن قوات الأمن التي منعت المتظاهرين من تنظيم وقفتهم الاحتجاجية في منطقة «بني مكادة»، حيث استعملت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين التي تقول السلطات إنهم خرجوا إلى الشارع بدون ترخيص، رغم أن المتظاهرين أصروا على عدم استعمال أي شكل من أشكال العنف في مواجهة أفراد الأمن، الذين تصرفوا بعنف غير مبرَّر مع المتظاهرين. ووفق مصادر من التنسيقية، فإن مظاهرات 20 مارس، في حال الإصرار على منعها، كان من الممكن أن تتحول إلى مواجهات قوية بين الأمن والمتظاهرين، على اعتبار أن خروج المحتجين إلى الشوارع كان أمرا محتَّما ولا مناص منه وأن السلطة أدركت ذلك، لهذا بادرت إلى التراجع عن المنع. وكانت مناطق وسط طنجة و«بني مكادة» قد عاشت، قبل مظاهرة أمس، وضعا عاديا، باستثناء حضور أمني لم يكن كثيفا، بالإضافة إلى حضور أمني في مواقع حساسة، مثل مقر أمن عمالة فحص أنجرة وعدد من المناطق الأخرى. وفي الوقت الذي يسود اقتناع كبير بين المنظمين والمتظاهرين بأن مظاهرة أمس يفترض أن تمر في أجواء متحضرة، فإن الحذر بقي قائما لإبعاد أشخاص «مشبوهين» عادة ما يستغلون مثل هذه المظاهرات للقيام بأعمال تخريب وسلب ونهب. وكان منظمون للمظاهرات توقعوا خروج أعداد كبيرة من المحتجين، خصوصا أن طنجة عرفت تنظيم واحدة من أقوى المظاهرات المطالبة بسقوط الفساد في 20 فبراير الماضي.