دعا الملك محمد السادس في خطابه أول أمس، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين للمسيرة الخضراء، المجموعة الدولية إلى تحديد المسؤولين عن عرقلة المسار التفاوضي في نزاع الصحراء «بشكل واضح وصريح». وقال الملك، عشية انطلاق الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو، التي تبدأ اليوم الإثنين بضواحي نيويورك، «لقد ولى زمن التملص من المسؤولية ودقت ساعة الحقيقة لتكشف للمجتمع الدولي ما يتعرض له أبناؤنا في مخيمات تندوف من قمع وترهيب وإهانة وتعذيب، وذلك في خرق سافر لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني». وأكد محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه بمدينة ميدلت، أن خصوم المغرب يصرون على الجمود والتعنت والانقسام بدل الدينامية والحوار والوئام، مضيفا أن المغرب يحتفل بذكرى المسيرة الخضراء بالتزام راسخ بإضفاء دينامية متجددة عليها «من خلال مبادرات تشاركية مقدامة تجسدها مسيرات تنموية وديمقراطية وحدوية متواصلة، وفي طليعتها مبادرة الحكم الذاتي التي حققت تحولا حاسما، حيث تجاوزت مرحلة الإجماع الوطني والدعم الأممي والدولي لتصبح محط تجاوب واسع وشعلة أمل في قلب مخيمات تندوف». وأوضح الملك أن مبادرة الحكم الذاتي حول نزاع الصحراء أحدثت قطيعة مع المقاربات الأخرى، التي أكدت الأممالمتحدة عدم قابليتها للتطبيق، في إشارة إلى مقترح الاستفتاء، كما أطلقت مسارا إيجابيا وواقعيا للتفاوض الأممي. وتوقف الخطاب الملكي عند معاناة الصحراويين المغاربة في مخيمات العار بتندوف، الذين «ما فتئوا يعبرون عن معارضتهم الشجاعة والمتصاعدة للقهر والاستبداد، وهو ما تجسده، رغم كل قيود الحصار الخانق، عودتهم المكثفة إلى وطنهم المغرب، في تجاوب تلقائي مع مبادرة الحكم الذاتي، ومشروع الجهوية المتقدمة». وقال الملك محمد السادس: «إننا نسترعي انتباه المجموعة الدولية والهيآت الحقوقية إلى أنه من غير المقبول ولا من الإنصاف التعامل باللامبالاة أو المحاباة مع استمرار هذا الوضع الغريب قانونيا، والمأساوي إنسانيا، والمرفوض سياسيا، كما ندعوها لتحمل مسؤوليتها بوضع حد لتمادي الجزائر، في خرق المواثيق الدولية الإنسانية، ضمن حالة شاذة لا مثيل لها، ولاسيما برفضها السماح للمفوضية العليا للاجئين، بإحصاء سكان المخيمات وحمايتهم». وعشية انطلاق الجولة الثالثة من المفاوضات، التي ترعاها الأممالمتحدة بين المغرب والبوليساريو اليوم الإثنين، أكد الملك أن المغرب ملتزم بالشرعية الوطنية والدولية، وأنه سيواصل من ذلك المنطلق تعاونه مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي «من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل،على أساس مبادرة الحكم الذاتي». ويسعى المبعوث الأممي الخاص بنزاع الصحراء، الأمريكي كريستوفر روس، خلال لقاء اليوم بين المغرب والبوليساريو قرب مدينة نيويورك، إلى تقريب وجهات نظر الطرفين حول النقاط الخلافية، التي ظلت عالقة منذ آخر جولة عقدت قبل حوالي عامين في عهد المبعوث السابق الهولندي بيتر فان والسوم، على أساس أن تبدأ المفاوضات الجديدة وفق آليات مختلفة تضمن التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، لكن مهمة روس، حسب العديد من المراقبين، ستكون صعبة بسبب التعنت الجزائري. وقال الناطق الرسمي باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي، ساعات قبل انطلاق المفاوضات، إن تسوية نزاع الصحراء «ما زال يشكل أولوية بالنسبة للأمم المتحدة، ونأمل أن يكون هذا اللقاء المقبل مثمرا ويساعد الأطراف على تجاوز المأزق».