اهتز العاملون بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية بسلا على إثر مقتل أحد الممرضين العاملين بالمستشفى ليلة السبت الأحد الأخيرين بعد تلقيه ضربات قاتلة من قبل أحد المرضى الوافدين على المستشفى. وحسب بعض المصادر، فإن الممرض عبد الله الفجري، (54 سنة)، أب لأربعة أبناء، تعرض لهجوم من قبل مريض حل بالمستشفى رفقة أفراد عائلته عند حدود الساعة الحادية عشرة والنصف من ليلة السبت الأحدالأخيرين في حالة هيجان تام. وأضافت المصادر ذاتها أن الهالك، الذي كان يعمل في قسم المستعجلات، تلقى حالة المريض، الذي حضر إلى المستشفى رفقة ثلاثة من أشقائه إلى جانب والدته، بحكم أنه الممرض المداوم الوحيد بقسم المستعجلات. وأضافت المصادر ذاتها أن المريض، الذي حضر رفقة أفراد عائلته على متن سيارة رباعية الدفع، كان في حالة هستيرية صعبة، مما اضطر الممرض إلى عرضه على الطبيبة المداومة التي قامت بالكشف عليه، وأمرت بإعطائه حقنة مهدئة. وأشارت المصادر إلى أن الممرض عندما كان يهم بحقن المريض الذي تم نقله إلى غرفة معزولة من أجل ذلك، تعرض لهجوم من قبل المريض الهائج، وحين تدخل رجال الأمن الخاص بالمستشفى لمنعه من الاعتداء على الممرض، تعرضوا لوابل من الشتم من قبل أفراد عائلة المريض الذين كان أحدهم يدعي بأنه دركي، تاركين الممرض عرضة لضربات قوية من قبل المريض الهائج على مستوى الرأس والجهاز التناسلي. وأكدت بعض المصادر، التي عاينت الحادث، أن المريض، الذي تجرد من كل ملابسه، لم يتوقف عن الضرب حتى أسقط الممرض جثة هامدة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه بعض العاملين بالمستشفى مشاركة أفراد عائلة المريض في الاعتداء على الممرض، نفت مصادر أخرى الأمر، وأكدت أن مرافقي المريض تسببوا في حالة فوضى في المستشفى وهاجموا مكتب الطبيبة وكسروا كل الأغراض، لكنهم لم يشاركوا في ضرب الممرض. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن أفراد العائلة حاولوا الهروب بعد علمهم بمقتل الممرض، إلا أن العاملين بالمستشفى منعوهم من ذلك، مؤكدين أنهم سجلوا رقم لوحة السيارة. وحاول العاملون في المستشفى الاتصال بوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسلا من أجل الحضور للوقوف على ما وقع، لكن هذا الأخير، تقول بعض المصادر، رفض الحضور. ويعيش العاملون بمستشفى الرازي حالة هلع وانهيار كبيرين بعد مقتل زميلهم، الذي كان يستعد للاحتفال بخطوبة ابنته أمس الأحد، إذ أصيبت الطبيبة المداومة بانهيار تام، والشيء نفسه بالنسبة إلى بعض الأطر. وأعاد حادث ليلة السبت الأحد الماضيين موضوع ظروف العمل بمستشفيات الأمراض العقلية عموما، ومستشفى الرازي خصوصا. وحسب أعضاء من المكتب النقابي للمستشفى، فإن ظروف العمل هناك جد صعبة، فالممرض الذي قتل كان الممرض المداوم الوحيد بقسم المستعجلات الذي يعتبر مصلحة «ساخنة»، تستقبل حالات خطيرة، قد يعجز الأمن عن ضبطها في بعض الحالات، حسب أعضاء المكتب النقابي. كما أن المستشفى، الذي يضم ستين مريضا، لا يوجد به إلا ممرضان وثلاثة أطباء، فيما الباقون كلهم متدربون. وسبق للعاملين بالمستشفى أن عاشوا حالات اعتداءات كثيرة على يد مرضى هائجين، كما عرف المستشفى حالات انتحار كثيرة في صفوف المرضى في ظل غياب إمكانيات حقيقية للعلاج. وفي هذا السياق، قال جلال التوفيق، مدير المستشفى، إن مقتل الممرض راجع بالأساس إلى الخصاص الذي يعانيه المستشفى من الناحية الأمنية. وأضاف التوفيق، في تصريح ل«المساء» أن إدارة المستشفى راسلت الوزارة عدة مرات بخصوص هذا الموضوع، لكن دون جدوى. إلى ذلك، حضرت ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، صباح أمس الأحد إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بسلا للاطلاع على تفاصيل الحادث. وعقدت الوزيرة، التي بدت مذهولة لما وقع، اجتماعا مع مدير المستشفى وبعض الأطر دام 12 دقيقة، حيث استمعت إلى إفاداتهم حول الحادث، كما اطلعت على وضعية المستشفى. ودعت إلى تشكيل خلية أزمة من أجل معالجة المشاكل التي يعانيها المستشفى، الذي شهد حالات وفيات كثيرة في صفوف المرضى في ظل غياب إمكانيات وأطر طبية قادرة على احتواء الوضع.