في حوار مع صحيفة «لوجورنال دي ديمانش»، دق بيرنار سكارسيني، رئيس محاربة الإرهاب في فرنسا، ناقوس الخطر معربا عن تخوفه من وقوع عمليات انتحارية في فرنسا في الأسابيع أو الأشهر القادمة. وحدد مصدر التهديد في تحرشات «منظمة القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بفرنسا. وقد برهنت هذه المنظمة الشبحية والمتشرذمة إلى حفنة فصائل والتي تسخر الطوارق وقطاع الطرق، من خلال اختطاف وتصفية ميشال جيرمانو، عن عزمها الأكيد على معاقبة فرنسا على ما اعتبرته مواقف حاقدة تتبناها تجاه المسلمين و«خيانة باريس»، بعد الهجوم الذي شنته وحدة كوموندو فرنسية، بمساعدة قوات موريطانية وجزائرية، على عناصر من التنظيم في مالي لتحرير الرهينة. لذا، وبناء على عدة تقارير وشهادات حصلت عليها مصالح الاستعلامات، اعتبر سكارسيني أن «التهديد قائم اليوم أكثر من أي وقت مضى». ولم يفت رئيس المخابرات الفرنسية نعت المسلمين، سواء منهم المقيمون في فرنسا أو المجندون في أفغانستان، بكونهم مصدرا من مصادر التهديد المحتلمة. ف«من بين 6 ملايين مسلم يعيشون في فرنسا، ثمة 300 ناشط متطرف يوجدون تحت المراقبة، دون الحديث عن بعض الأئمة الذين ينشطون في المساجد لتبليغ رسائل متطرفة»، يصرح سكارسيني. وعلى منوال باطرون المخابرات الفرنسية نسج بريس أورتفوه، وزير الداخلية، في الكلمة التي ألقاها في 16 شتنبر الجاري بعد إفراغ برج إيفيل نتيجة معلومة واردة بوجود قنبلة بالبرج، خلقت حالة قصوى من الاستنفار. وفي كلمته، ردد أورتفوه تقريبا عبارات سكارسيني مذكرا بأن المراقبة المضروبة على المنشآت العمومية والمحلات التجارية والمعالم الأثرية هي في حالتها القصوى. وفي الاجتماع الذي دعا إليه رؤساء مصالح الاستعلامات الفرنسية، شدد على ضرورة تعزيز الخطة الأمنية المسماة «فيجيبيرات». لكن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» أفشل هذه التكهنات، إذ فضل إنزال ضربة جديدة بفرنسا في المجال الجغرافي الذي يعرفه ويتحكم فيه، الصحراء، وبحسب الخطة التي تفنن فيها: اختطاف الرهائن. فبعد تصفية المهندس ميشال جيرمانو، أقدمت المنظمة على عملية اختطاف جديدة لسبعة من الأجانب: إفريقيان وخمسة فرنسيين. المهم بالنسبة إلى المنظمة الإرهابية هو الرهائن الفرنسيون، وليس من المستبعد أن تطلق سراح الإفريقيين بدون مقابل، على أن تحتفظ بالفرنسيين تشفيا وانتقاما من ساركوزي على سياسته الاستئصالية. فمن وراء هذه العملية الجديدة عدة أهداف: بعث رسالة إلى الأجانب العاملين في الساحل الإفريقي مفادها أنهم عرضة للاختطاف، المقايضة المادية على غرار ما وقع مع الرهينتين الإسبانيتين، تسخير قسم من الأموال التي تجنيها المنظمة لتمويل مرتزقة رحل أو عناصر من الطوارق، ضرب مقرات الشركات الأجنبية العاملة بالساحل. فهل ستدخل فرنسا، بعد ترحيل عاملي شركتي «أريفا» و«فانسي»، في عملية تفاوض مع عبد المالك دروكدال، العقل المدبر والنشط للتنظيم، أم ستحضر لعملية تمشيط جديدة، غير مضمونة النتائج والعواقب؟ لا شك أن ساركوزي يوجد اليوم في ورطة حقيقية هو في غنى عنها، وفي ظرفية يتآكل فيها رصيده السياسي محليا ودوليا يوما بعد يوم.