في خضم الاختلالات التي يعيشها قطاع المياه والغابات، حسب ما أورده تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مؤخرا، تواصل مؤسسات من المجتمع المدني، من بينها مؤسسة الأطلس الكبير، بذلَ جهود جبارة من أجل إخراج سكان المناطق القروية النائية، التي تعيش على هامش المحميات والمتنزَّهات التابعة لمندوبية المياه والغابات، من الفقر الذي تعيشه، عبر مشاريع فعالة تتيح لهم فرصة تحسين ظروف عيشهم. فقد استطاعت مؤسسة الأطلس الكبير، وهي مؤسسة أمريكية غير حكومية، يوجد مقرها في جامعة الحسن الثاني في مدينة المحمدية أن تغرس ما مجموعه 200 ألف شجرة مثمرة (أغلبها من أشجار الزيتون و اللوز والتفاح وجوز الهند...) خلال الفترة الممتدة ما بين 2003 وشهر يوليوز من السنة الحالية، في منطقة الأطلس، في إطار مشروعها الهادف إلى غرس مليون شجرة في مجموعة من المناطق القروية النائية المغربية، في أفق سنة 2015. كما تأتّى للمؤسسة، بالموازاة مع مشروع غرس الأشجار المثمرة، بناء عدد مهم من أحواض المياه وإنشاء عدد من السواقي وتزويد عدة دواوير في منطقة بن جرير، وأخرى في الأطلس بالماء الصالح للشرب. ويقوم عمل المؤسسة على زيارة الدواوير المعنية وعقد لقاءات مع الأهالي، الهدف منها أخذ آرائهم ومعرفة ما تحتاجه منطقتهم كي تزدهر فلاحيا، قبل الاشتغال على مشروعها الأساس. وفي هذا السياق، قال مدير مؤسسة الأطلس الكبير: «إن كل سكان الدواوير الذين زارتهم المؤسسة أبدوا رغبة كبيرة وقدرات أكبر، بخصوص تدبير الشأن المحلي، وقد لمسنا ذلك من خلال مواظبتهم على غرس الأشجار وعملهم على بناء السواقي المخصَّصة لنقل المياه وتحويل مسارها». وتابع قائلا: «إن ما ينقص أولئك المواطنين المغاربة هو المساعدة المادية، المتمثلة في المواد الأساسية لصناعة السواقي والأشجار الصغيرة (الشتلات)، وقليل من التأطير للانخراط في مشروع التنمية المستدامة وتحسين أوضاعهم المعيشية». ويرأس مؤسسةَ الأطلس الكبير، التي أنجزت العديد من المشاريع، خاصة في مجالات غرس أشجار الفواكه والتزويد بالماء الصالح للشرب والري وكذا التعاونيات النسائية، الأمريكي يوسف بن مير، الأستاذ في جامعة «نيو مكسيكو» في الولاياتالمتحدة، الذي عاش في المغرب مدة 17 سنة، وعمل أستاذا في «جامعة الأخوين» في إفران، لمدة 10 سنوات، قبل أن ينتقل، بداية شهر غشت الجاري للاستقرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتركز المؤسسة، التي تأسست سنة 2000 من قِبل متطوعين سابقين في هيئة السلام الأمريكية، والتي يسيرها طاقم من المهنيين المغاربة والأمريكيين، يمتلك، حسب ما صرح به يوسف بن مير ل«المساء»، خبرة كبيرة في مجال التنمية الدولية، على مقاربة تشاركية لإنجاز مشاريع للتنمية في المناطق القروية، يعمل على تدبيرها السكان المحليون، بشراكة مع هيئات حكومية وأخرى غير حكومية. وقد ركزت المؤسسة على الاشتغال في المناطق المجاورة للمحميات والمتنزَّهات. وفي هذا الإطار، أكد يوسف بن مير «أن هذا الاختيار يأتي في سياق المساهمة في الحفاظ على هذه الأخيرة، لأن السكان المجاورين لها مغاربة معوزون يلجؤون إلى قطع الأشجار باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من التزوُّد بما يحتاجونه من عشب لمواشيهم وحطب لهم، وستكون عملية تأطيرهم، لتدبير شأنهم المحلي، والرقي بأوضاعهم، السبيل إلى تعزيز ثقافة غرس الأشجار المثمرة، ومن تم الحفاظ على القطاع الغابوي في المغرب». وجدير بالذكر أن المؤسسة سبق لها أن وقَّعت، سنة 2008 في الرباط، على ثلاثة مشاريع للشراكة، الأولى مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في المحمدية، جامعة الحسن الثاني، والثانية اتفاقية مع المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بعد أن وعت هذه الأخيرة، يقول يوسف بن مير، أهمية عمل مؤسسة الأطلس الكبير، وهي الاتفاقية التي تقوم المندوبية بموجبها بغرس مشاتل توضع رهن إشارة الساكنة المجاورة للفضاءات المحمية. وتم توقيع الاتفاقية الثالثة مع المكتب الشريف للفوسفاط وتروم النهوضَ بالتنمية القروية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة بن جرير، يضيف رئيس مؤسسة الأطلس الكبير. وقصد تمويل مشاريعها، تنظم «مؤسسة الأطلس الكبير» أمسيات مغربية كبرى لجمع التبرعات في كل من المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، وتُحضِّر حاليا لتنظيم مهرجان للسينما المغربية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتزم فيه عرض مجموعة من الأفلام المغربية.