أكدت كلمة المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر "أن تدهور الثروات الغابوية بالمناطق الجبلية، الناتج أساسا عن الاستغلال المفرط لحطب التدفئة لسد الحاجيات الطاقية للساكنة المحلية، وعن الرعي الجائر غير المنظم، يجعل بلادنا تواجه رهانات كبرى مرتبطة بالأدوار الهامة التي تلعبها هذه الغابات في المحافظة على المياه والتربة، وحماية الأراضي والبنيات التحتية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وإنعاش التنمية الاقتصادية للساكنة والجماعات المحلية"، مضيفة ذات الكلمة ، أن من شأن ذلك والظروف الطبيعية (قساوة المناخ، وعورة التضاريس، ضعف التربة)، ثم العزلة وقلة تنويع الأنشطة الاقتصادية، أن يزيد في تفاقم حالة التدهور للمناطق المعنية"، لأن الرهانات المتعلقة بالمناطق الجبلية هي في نفس الوقت ذات طابع ايكولوجي واجتماعي واقتصادي. كلمة المندوب السامي، التي تلاها نيابة عنه مدير التنمية الغابوية بالمندوبية السامية للمياه والغابات، بن حمو بوزموري، جاءت بمناسبة افتتاح أشغال الندوة الوطنية المنظمة بمكناس، يومي 20/21 أكتوبر 2009، من طرف المندوبية السامية للمياه والغابات والاتحاد الأوروبي، في موضوع "الحكامة المحلية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية بالمناطق الجبلية"، حيث انطلقت كلمة المندوبية السامية من "أن المقاربة المعتمدة لتنمية هذه المناطق لن تعطي النتائج المرجوة طالما تنبني على منظور قطاعي متفاوت الأهداف دون اندماج فعلي يسعى إلى هدف شمولي حول مجالات متجانسة، ترعى خصوصياتها الجغرافية والمناخية والبشرية، الشيء الذي ينبغي معه تجنيد وتعبئة كل الجهات الفاعلة في إطار منهجية استباقية وتشاركية" يعتبر العنصر البشري داخلها، المستهدف الأساسي للتنمية المستدامة لهذه المناطق. ولم يفت كلمة المندوبية السامية التركيز على ما تم تحقيقه خلال السنين الأخيرة في سياق مسلسل التنمية المستدامة، علاوة على ما تم إصداره من قوانين في شأن الموارد المائية والبيئية وإعداد التراب الوطني، إلى جانب البرنامج العشري للفترة الممتدة ما بين 2005 و2014، والمطروح من طرف المندوبية السامية للمياه والغابات بخصوص المجال الغابوي، والذي ينطلق بالأساس من مشاريع مجالية تغطي جل مناطق المملكة، وتخص القسط الأوفر للمناطق الجبلية لما تحتوي عليه من منظومات غابوية ذات أهمية كبرى بالنسبة للتوازنات البيئية، وكذلك تهيئة الأحواض المائية والحفاظ على المجالات الفلاحية والرعوية بعالية السدود. وعلى مستوى حماية التنوع البيولوجي والمواطن الطبيعية، تم إنجاز مشاريع تهدف إلى تأهيل النظم الطبيعية داخل المجالات التي تم تصنيفها لأهميتها البيولوجية والايكولوجية والمنتزهات الوطنية والمحميات الطبيعية، وفق نماذج تؤسس للحفاظ على تراثنا الطبيعي وتجعل من الشراكة والتشارك أداتها الأساسية. الندوة الوطنية التي حضرها ممثلون عن وزارة الفلاحة والصيد البحري وفعاليات مجتمعية، افتتحت بكلمة والي جهة مكناس تافيلالت، محمد فوزي، الذي أكد على أهمية الغابة وما تمثله من أدوار أساسية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ولم يفته التذكير بما عاينه مؤخرا، وهو في طريقه إلى أنفكو، من أضرار فادحة على مستوى الغابات، كما أبرز والي الجهة الوظائف المتعددة للغابة من قبيل المحافظة على المياه والتربة، إلى جانب الحفاظ على التنوع البيئي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للسكان والجماعات المحلية، مؤكدا على أهمية الاستراتيجية الغابوية في الحد من حدة الضغط على الموارد عبر مشاريع تنموية تشاركية بين مختلف الفاعلين المحليين والدوليين. ومن جانبها، أكدت نائبة رئيس بعثة اللجنة الأوروبية بالمغرب، كاميليا سويكا، على أهمية محور الندوة المرتكز على الحكامة والتدبير باعتبارهما الطريق إلى المجتمع المبني على التوازن والديمقراطية والمساواة عبر مشاركة جميع مكونات المجتمع المدني، خصوصا في ما يتعلق بالمقاربة التشاركية الملتزمة باحترام مبادئ الشفافية والإرادة القوية والعمل التشاركي الرامي إلى المصلحة العامة. وبعد استعراضها لما يقوم به الاتحاد الأوروبي من خدمات ومساهمات، أكدت على أن المقاربة التشاركية تبقى الوسيلة الأنجع لتقريب المسافة بين المواطن والدولة، كما أبرزت أن المغرب يستفيد اليوم من برنامج التعاون الأوروبي، باعتباره من الشركاء النشيطين في تنفيذ سياسة القرب التي حرص الاتحاد على تشجيعها منذ بداية 2000 لغاية دعم علاقاته مع الدول القريبة. ويستفيد المغرب اليوم من برنامج التعاون الأوروبي، وانطلاقا من محور مشروع تدبير الموارد الطبيعية بالمناطق الجبلية، قالت مندوبة اللجنة الأوروبية أن الاهتمام بهذا المجال يأتي من منطلق كون المناطق الجبلية تعد الفضاءات التي تعكس الصورة الحقيقية لثقافة المجتمع وتقاليده، والمالكة لثروة كبيرة من الواجب الحفاظ عليها، من غابات ومحميات ومياه ومجالات سياحية ومناخية. المشاركون في الندوة الوطنية تناولوا عددا من المحاور التي تهم "الحكامة المحلية والتدبير المستدام للنظم الغابوية" و"التنمية القروية التشاركية بوسط الأطلس المتوسط :مشروع خنيفرة كمنوذج" و"الرعي والتدبير المستدام للنظم الغابوية بالمناطق الجبلية"، إلى جانب تقديم عدد من التجارب في الميدان وشهادات عدد من الشركاء وممثلي السكان المحليين حول مشاركتهم في مشاريع التنمية القروية، ومن بينها شهادات من جماعات أكلمام والقباب وآيت إسحاق. كما انصبت أهداف المشاركين على تبادل المعلومات والإجراءات المتخذة من قبل الدولة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق القروية، خاصة الجبلية.