يعتبر التدبير العقلاني للثروات الغابوية كفضاءات إيكولوجية بإقليم الحسيمة ضرورة ملحة للمحافظة على التوازنات الطبيعية, وذلك بنهج مقاربة تشاركية تهدف إلى تحقيق تنمية بشرية مستدامة. وتعد البيئة البرية للمنطقة, التي تقدر مساحتها الغابوية بنحو مائة ألف هكتار, أي ما يمثل30 بالمائة من المساحة العامة للإقليم, طبيعة متميزة تحتوي على مجموعة كبيرة من الأنساق البيئية ذات قيمة بيولوجية عالمية, بالإضافة إلى العوامل الطبيعية التي تؤدي إلى انقراض أصناف فريدة ونادرة من النباتات منها «العرعار, الدوم والزيتون البري» التي يصعب نموها في مناطق أخرى من المغرب. وتساهم هذه الثروات الغابوية في اقتصاد المنطقة باعتبارها مناطق رعوية, وكذا بمساهمتها في تطوير بعض الأنشطة المرتبطة بالسياحة الإيكولوجية والقنص, كما تدر مداخيل مهمة على بعض الجماعات بالإقليم يصل معدلها السنوي إلى أربعة ملايين درهم. ومن المحاور الاستراتيجية التي تعتمد عليها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالإقليم تأمين المجال الغابوي كفضاء إيكولوجي وتقوية بنياته وتشجير وإعادة إحياء الكتل الغابوية ومحاربة التصحر وتأهيل القدرات البشرية وتثمين الموارد الطبيعية. وفي هذا الصدد, تم رصد غلاف مالي قدر بنحو142 مليون و190 ألف درهم لإنجاز المخطط العشري2005 -2014 على مستوى الإقليم من أجل تجهيز الملك الغابوي وحمايته وتسييره بشكل معقلن. ويشمل هذا البرنامج تأمين الملك الغابوي والتشجير وتخليف الغابات الطبيعية وتحسين المراعي وإنجاز التجهيزات للوقاية ومحاربة الحرائق, وكذا التدخلات الرامية إلى الرفع من المستوى المعيشي للساكنة المجاورة للغابات والتي تتجلى, أساسا, في توزيع الأشجار المثمرة وخلايا النحل والتعويض عن الأراضي المشجرة. ومن بين الإكراهات التي تواجهها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر الضغط المتزايد على الثروات الطبيعية والمتمثلة في زراعة حوالي1500 هكتار سنويا خاصة زراعة القنب الهندي, وكذا استعمال حوالي200 ألف طن سنويا من حطب التدفئة, فضلا عن الحرائق التي تلتهم حوالي39 هكتار في السنة, والرعي الجائر والبناء داخل الملك الغابوي. وفي نفس السياق, دعت مجموعة من المهتمين بالمجال البيئي بالإقليم إلى تعبئة الجميع للحد من ظاهرة انجراف التربة الذي يبلغ حوالي60 طنا سنويا بحوض النكور, وكذا عامل التعرية, وذلك بإعادة تشجير المناطق المتضررة والحفاظ على المراعي الطبيعية وتطوير الغطاء النباتي الطبيعي, ووقف توسيع زراعة القنب الهندي, وقطع الأشجار, واستغلال مياه السيول في الزراعة, والقضاء على ميل الأرض بإنشاء (المدرجات). يذكر أن مجموعة من الجماعات القروية, خلال الفيضانات التي عرفها الإقليم في السنة الماضية خاصة الساكنة المجاورة للغابات, عرفت خسائر مادية جسيمة جراء السيول الجارفة التي تسببت في انهيار مجموعة من المنازل, وذلك بسبب اجثثاث الأشجار.