بهدف المحافظة على غطائه الغابوي الوطني وتثمينه،وضع المغرب أنظمة خاصة بالمناطق المحمية،تشمل نظما إيكولوجية فريدة،تعكس التنوع البيولوجي للبلاد. ويزخر الموروث الغابوي الذي يغطي 12 في المائة من تراب المملكة،بدءا من واحات النخيل على مستوى بوابة الصحراء،إلى غاية أشجار الأرز بالأطلس المتوسط،مرورا بأشجار الأركان والبلوط الفليني،بثروات إيكولوجية هامة،تختزن ثلثي مساحتها نباتات متنوعة،فيما يحتوي الثلث الأخر على أصناف حيوانية مهمة. ويمتد الغطاء الغابوي المغربي،الذي هو فضاء غني ومتنوع،على مساحة 9 مليون هكتار،منها 8ر5 مليون هكتار عبارة عن مساحة تغطيها الأشجار،ويشكل 8 في المائة من المساحة الاجمالية للمملكة. وعلى مستوى حوض المتوسط،يحتل التنوع البيولوجي المغربي المرتبة الثانية بعد منطقة انطاليا التركية،بمعدل محلي إجمالي يصل إلى 20 في المائة. وفي هذا الصدد،أكد المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر السيد عبد العظيم الحافي،في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء،أن المندوبية السامية أعدت في إطار مخططها العشري،استراتيجية تروم الحفاظ على الغطاء النباتي والموارد الحيوانية،والتي مكنت من تحديد 10 منتزهات وطنية و150 موقع بيولوجي وإيكولوجي. وأضاف السيد الحافي،أنه في ما يخص محاربة التصحر،مكن المخطط الوطني لمحاربة التصحر من تهيئة أحواض مائية على امتداد 590 الف هكتار،وكذا تأسيس أكثر من ثلاثين تعاونية من اجل ضمان تدبير تشاركي وتشاوري للمجال. وفي إطار حماية والحفاظ وتأهيل المجال الغابوي،الذي خضع لإكراهات مناخية مختلفة،اجتماعية ورعوية،أطلقت المندوبية السامية،برنامجا للتشجير واسع النطاق يشمل كافة التراب الوطني. وأشار السيد الحافي إلى أنه تم سنويا تشجير أكثر من 45 الف من الأراضي الغابوية،وذلك منذ اطلاق المخطط العشري 2005 ` 2010 للمندوبية السامية،الذي سيمكن من تشجير ال500 الف هكتار المتوقعة. وخلال العقدين الماضيين،عرفت المساحات المشجرة سنويا،زيادة مهمة حيث انتقلت من عشرة آلاف هكتار سنويا مع بداية سنوات الثمانينات،إلى أزيد من 33 ألف هكتار سنويا في نهاية سنة 2006. + تدبير الغابات: نحو مقاربة تشاورية تشرك كافة الفاعلين + وأبرز السيد الحافي،أن المندوبية السامية تعتمد منذ عدة سنوات مقاربة تشاركية من اجل تخفيف الضغط على الموارد الغابوية،والتدبير المستدام وتشجيع عمليات التشجير،موضحا أن تطبيق تدابير قسرية في هذا الإطار،منذ عدة سنوات من أجل ضمان حماية الغابة لم يعط نتائج جيدة. وأكدت المندوبية السامية،أنها نهجت مقاربة تشاركية مكنت من الانتقال من التدبير السلبي لهذا الفضاء إلى تدبير تشاركي يهم أربعة محاور،تتمثل في إعادة بناء النظم الإيكولوجية،وحماية المجال الغابوي،وتأهيل المحيط الغابوي. وفي ما يتعلق بالاستغلال المفرط لغابة المعمورة،ابرز السيد الحافي ان اشراك المواطنين والمستعملين وذوي الحقوق،في تدبير تشاركي للملك الغابوي،بات يحتل مكانة بارزة في استراتيجية المندوبية السامية. وسجل أن المشاكل التي تعيشها الغابات،تختلف من منطقة إلى أخرى،حيث يواجه المجال الغابوي بالريف مشاكل خاصة،تتمثل في اجتثاث الأشجار الغابوية من أجل اكتساح أراضي الملك الغابوي وبعض الاراضي السلالية. وأشار السيد الحافي،في معرض حديثه عن تقدم النهج التشاركي مع المستعملين،ان تحديد المجال الغابوي معقد للغاية بسبب تأثير الرسوم الخليفية التي وزعتها السلطة الإسبانية في فترة الحماية. وقدم المندوب السامي أيضا أمثلة لمناطق أخرى توجد بالحسيمة والناظور،والتي حققت مصالح المندوبية السامية بها تقدما في المشاورات مع الساكنة،من اجل محاولة حل مشكل العقار. وبالنسبة للأطلس المتوسط،يضيف السيد الحافي فإن الإشكالية تضل مطروحة على مستوى تسويق خشب الأرز من قبل شبكات منظمة،مؤكدا أن تعزيز الحراسة من قبل المندوبية السامية والسلطات المحلية والدرك الملكي،بدأ يعطي ثماره في هذا الصدد. + المعمورة نظام بيئي طبيعي في طور التكوين + وقال المندوب السامي،إن المخطط العشري 2005 ` 2014 يتوقع تشجير وتخليف أشجار البلوط الفليني في مساحة تمتد على 20 الف هكتار،مضيفا أن وضع نظام بيئي لحماية أشجار البلوط الفليني،يتطلب فترة زمنية تتراوح ما بين 20 و25 سنة. وأشار إلى أن غابة المعمورة تخضع حاليا لعملية إعادة تخليف أشجارها،مراعاة للمعطيات المناخية الجديدة،مضيفا أن الجزء الشرقي من هذه الغابة يعرف عجزا في التساقطات المطرية،حيث عملية غرس شجر الفلين تبقى إجراءا تقنيا خاطئا. وشدد السيد الحافي على أنه باستثناء المناطق التي تم استغلالها من أجل بناء محاور الطرق السيارة الرباطالقنيطرة والقنيطرة العرائش،فإن مساحة غابة المعمورة ستحافظ على امتدادها،خصوصا وان عملية تحديد ابعادها تم خلال سنوات الأربعينات. وفي هذا الإطار،تم مؤخرا إطلاق عملية تشجير في أجزاء من غابة المعمورة (سلاالجديدة)،التي تعرضت للاندثار بسبب الحرائق خلال شهر غشت 2009،من طرف شركة تكنوبوليس بشراكة مع المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر. وأطلقت هذه العملية،التي مكنت من غرس 1500 شجرة من البلوط الفليني،تحت شعار"المعمورة ثروة يتعين المحافظة عليها.. مسؤولية مواطنة". كما أنها تندرج في إطار عمليات التواصل والتوعية التي تقوم بها المندوبية السامية بهدف تحسيس مختلف الفاعلين المعنيين بالمحافظة على الموروث الغابوي،وحماية البيئة. وفي ما يخص مشكل نضوب مياه البرك ونقط الماء التي تتوفر عليها غابة المعمورة،والتي تساعد على نمو حياة نباتية وحيوانية غنية ومتنوعة،أشار السيد الحافي إلى أن استدامة هذه الموارد المائية تعتمد بالأساس على التساقطات المطرية بالنظر إلى التغيرات المناخية. ويضيف السيد الحافي،أن الأمر يتعلق بفرض نوع من الصرامة لمواجهة استغلال الموارد المائية الجوفية،ومراقبة عملية حفر الآبار واستخراج الماء من الفرشات المائية،خصوصا إذا كان الأمر غير ممكن بالنظر الى قلة التساقطات المطرية. ويزخر الموروث الغابوي المغربي بغنى طبيعي يتمثل في شجر الأركان،الذي تم تصنيفه تراثا عالميا من قبل منظمة اليونسكو منذ سنة 1999،حيث عملية استغلاله تشكل نشاطا مدرا لموارد مالية،لأنه يساهم بشكل فعال في مكافحة تآكل التربة ومحاربة التصحر. + الأركان صنف نباتي مستدام يغطي أزيد من 860 الف هكتار + واشار السيد الحافي إلى أن الحفاظ على شجر الاركان،الذي يغطي مساحة تقدر ب860 الف هكتار في الجنوب الغربي المغربي،يخضع لقانون يعود تاريخه إلى بداية القرن الماضي،وبموجبه يتم منح المستغلين حقوقا واسعة. واضاف أن الإفراط في استغلال هذا المورد النباتي،وتوسيع زراعته والرعي الجائر المكثف،أسهم في حدوث انخفاض حاد سواء في مساحته أو في كثافة امتداده. وأوضح السيد الحافي أنه لمواجهة هذا الوضع،طبقت المندوبية السامية مرسوما مكن من تعويض حقوق الاستغلال خلال فترة تمتد من 10 إلى 15 سنة،ووضع نظام لتخليف شجر الأركان عبر إنتاج الشتلات في المشاتل. كما أطلقت المندوبية السامية برامج في إطار مخططها العشري 2005 ` 2014 ،تروم تثمين زراعة الاركان ساهمت في حماية 116 الف و200 هكتار،عبر ترقيم وتهيئة 14 الف و500 هكتار. وتم في نفس الإطار استصلاح 6000 هكتار،ليبقى الهدف هو استصلاح 4000 الف هكتار في افق سنة 2014.