إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". تمكنت مجموعة "لجواد"، التي انطلقت مع حميدة الباهيري عازفا على آلة "البانجو" ومحمد اللوز على آلة "طام طام" ومحمد الباهري وحليمة الملاخ على "البندير"، من تسجيل أول أعمالها وبدأت تحقق الشهرة، من خلال مشاركتها في العديد من الجولات الفنية واستضافة أعضائها في مختلف البرامج التلفزيونية. ظهرت المجموعة في برنامج تلفزيوني كان يعده ويقدمه الإعلاميان المشهوران المكي بريطل وسعيد الجديدي بعنوان (زايد ناقص)، تمكنت المجموعة من خلال البرنامج من دخول جل البيوت المغربية وحققت قاعدة جماهيرية كبيرة دفعتها للاستمرار في مسيرتها الفنية حتى النهاية. ومثلها مثل باقي المجموعات شهدت مجموعة "لجواد" مغادرة بعض أعضائها إلى مجموعات أخرى، إذ التحق اللوز كما أوضحنا في حلقة سابقة إلى مجموعة "تكدة" ما اضطر الأخوين الباهيري إلى السفر إلى مراكش لتطعيم المجموعة بعضوين جديدين هماعبد اللطيف وإبراهيم رابح، واستمرت المجموعة إلى أن غادرتها الراحلة حليمة الملاخ لظروف خاصة، لتفسح المجال لسكينة، التي غادرت بدورها مجموعة "جيل جلالة" لظروف خاصة أيضا. كان الأخوان الباهيري منذ البداية مهتمين بالأصوات النسائية، فهما من اكتشفا سعيدة بيروك وفسحا المجال لحليمة الملاخ ورحبا بالتحاق سكينة لمجموعة "لجواد". بعد توقف مجموعة "لجواد" في منتصف الثمانينيات بدأ الأخوان الباهيري يفكران في تأسيس مجموعة نسائية تضم أربعة أصوات نسائية وأربعة عازفين ذكور، وشرعا في البحث عن فنانات يمتلكن أصواتا جميلة وخبرة في الموسيقى والغناء لتأسيس مجموعة "بنات الغيوان" التي رأت النور سنة 1986، حيث التحقت بالمجموعة فاتحة زهير التي درست الموشحات العربية وفن الملحون بالمعهد الموسيقى بالدارالبيضاء وساعدت الأخوين الباهيري في البحث عن بقية أفراد المجموعة فاطمة، ومليكة وزهيرة. عن سبب تسمية المجموعة ب"بنات الغيوان" يقول محمد الباهيري، السبب هو علاقتنا الجيدة بمجموعة ناس الغيوان وكل أعضائها عمر السيد، والعربي باطما، وعبد العزيز الطاهريي ومحمود السعدي، وباكو، والأسطوة بوجميع الذي اختار اسم (لجواد) للمجموعة وساندها في بدايتها، مشيرا إلى أنه مازال يحتفظ ب"دعدوع" الراحل في مقر نادي مجموعة "بنات الغيوان". يضيف محمد الباهيري جمعتني ببوجميع علاقة صداقة قوية فأثناء وفاة الراحل كنا في جولة فنية بهولندا، وعند وصولنا مطار الدارالبيضاء نزل علينا الخبر كالصاعقة، لم نصدق الأمر في البداية، لأن علاقتنا بالراحل كانت قوية ومستمرة، تقبلنا خبر الوفاة بصعوبة ودخلنا في حزن شديد على هذا العملاق، الذي جمع بين عمق الكلمة وعمق الشخصية، لقد كانت الابتسامة لا تفارق محياه، كان ودودا إلى أبعد الحدود ومحبا للفن حد الجنون".