إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". لم يتمكن امبارك الشادلي من الانضمام إلى مجموعتي "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة"، فأخذ يفكر جديا في تأسيس مجموعة غنائية بتصور وقالب فني جديدين، قد يكون لها النجاح نفسه أو أكثر. بتشجيع من الراحل محمود السعدي، عازف "البزق" ضمن مجموعة جيل جيلالة، بدأ الشادلي في البحث عن عناصر المجموعة الجديدة، ويقول "لا مكان للجحود ولا سبيل أن أنكر فضل عازف ا"لبزق" ضمن مجموعة جيل جيلالة الراحل محمود السعدي، الذي اقترح علي تكوين مجموعة خاصة، وأن أبدأ بالبحث عن عنصر له جمهوره آنذاك". كان الشخص الذي يبحث عنه مبارك هو محمد السوسدي القاطن في بلوك كاسترو بالحي المحمدي، إضافة إلى الفنان صلاح نور، وعازف البانجو سعيد سعد. لم يتردد الشادلي في الذهاب إلى الحي المحمدي لمقابلة السوسدي، الذي كان معروفا لدى سكان الحي والبيضاويين، بصوته الرخيم الساحر، الذي كان يتحف به جمهوره من خلال أدائه أغنية "دوستي" الهندية على شاشة التلفزيون في ذلك الوقت، كما كان كاتب كلمات جيد وملحنا ممتازا. وبدوره لم يتردد السوسدي لحظة واحدة في قبول الفكرة، والانضمام إلى المجموعة، التي أطلق عليها اسم "أهل الجودة"، وكانت تضم بالإضافة إلى السوسدي، عبد الرحيم معلمي، وصلاح نور، وسعيد سعد، والصوت النسوي حليمة. في أواخر سنة 1972 تمكنت المجموعة الجديدة من دخول المنافسة بخمس أغان، منها "واهيا الغادي بيا"، و"لكناوي" و"يا لهاجر وطانو" وكانت كلها من كلمات وألحان مبارك الشادلي، كما استطاعت المجموعة في فترة وجيزة تسجيل أول أسطوانة بشركة "كتبية فون"، كما تمكن أعضاؤها من القيام بجولات فنية ناجحة داخل المغرب وخارجه. ورغم هذا النجاح السريع الذي حققته هذه المجموعة الفتية، إلا أنها لم تقو على المنافسة، لتتفكك، ويعود الشادلي من جديد إلى التفكير في تأسيس مجموعة أخرى، على أنقاض "أهل الجودة". ويتعلق الأمر بمجموعة "الدقة" وكانت تضم، بالإضافة إلى الشادلي والسوسدي كلا من حميد الطاهري مسؤولا عن المجموعة، وعازف "السنتير" محمود، وعازف البانجو سعيد. في مدة وجيزة، وتحديدا في صيف 1973 تمكنت المجموعة الجديدة من الدخول في المنافسة، من خلال القيام بالعديد من الجولات الفنية الناجحة بمعظم المدن المغربية، فضلا عن العديد من الدول الأوروبية منها فرنسا وهولندا وبلجيكا.