إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". لم يكتب لمجموعة "أهل الجودة" التي أسسها الشادلي سنة 1972، رفقة محمد السوسدي وعبد الرحيم معلمي وصلاح نور وسعيد سعد والصوت النسوي حليمة، أن تعمر طويلا، إذ بمجرد عودة المجموعة من جولة بالجزائر دامت ثلاثة أشهر، تفرق أعضاؤها. لم يتوقف الشادلي، الذي كان تواقا للوصول إلى النجاح والمجد، عن التفكير بتأسيس مجموعة جديدة على أنقاض "أهل الجودة"، على أن يكون حريصا على تفادي الوقوع في أخطاء الماضي، من خلال التركيز على الكلمات المعبرة والألحان الجيدة، وتفويض أمور المجموعة إلى مدير يتكلف بأعمالها، وبما أن محمد السوسدي كان يشاطر الشادلي الرأي، اقترح تأسيس مجموعة جديدة اختار لها اسم "الدقة" وكانت تضم، بالإضافة إلى الشادلي والسوسدي كلا من حميد الطاهري مسؤولا عن المجموعة، وعازف "السنتير" محمود، وعازف البانجو سعيد. في مدة وجيزة، وتحديدا في صيف 1973 تمكنت المجموعة الجديدة من الدخول في المنافسة، من خلال القيام بالعديد من الجولات الفنية الناجحة بمعظم المدن المغربية، فضلا عن العديد من الدول الأوروبية منها فرنسا وهولندا وبلجيكا. في فاتح ماي 1974، التقى الشادلي صدفة بمحمد البختي، الذي سبق وتعرف عليه عندما كان يتردد على مجموعة ناس الغيوان سنة 1971، ليعرض عليه التعرف على الراحل الشريف لمراني. بعد أيام من لقاء البختي، اتصل الشادلي بالراحل لمراني، الذي لم يتردد في ضمه إلى"لمشاهب" رفقة محمد السوسدي، مكان الإخوين الباهيري، اللذين كانا غادرا المجموعة في وقت سابق. بعد التحاقه ب"لمشاهب"، قرر الشادلي التسجيل بالمعهد الموسيقي الكائن بشارع باريس، بالدارالبيضاء، ليبدأ رحلة جديدة في عالم الفن، ويتمكن من تسلق الدرج الأول من سلم النجاح. في صيف 1974، سجلت مجموعة "لمشاهب" ألبوما جديدا ضم أغنية "حب الرمان"، التي ورد فيها اسم "لمشاهب": هذا حب الرمان تساس في الخريف هذا عودو عطشان وقرب يجيف نظرا واش اللي به لغرام يبرا يظهر يا صاحب لهوا من صفاتو شاعلة فيه لمشاهب ما يصيب صبرا يبكي مسكين ما تقطعو دمعاتو كما ضم الألبوم نفسه أغنية "الخيالة"، التي كتبها صديق المجموعة بولمان، وأغنيتي "الواد"، و"أمانة". حقق الألبوم الجديد، الذي لم يكتب للأخوين الباهيري، اللذين ساهما في وضع أسس لمشاهب المشاركة فيه، نجاحا منقطع النظير، وشكل الانطلاقة الحقيقية للشادلي وللمجموعة، التي تلقت عشرات الدعوات لإقامة حفلات بمختلف البلدان الأوروبية، ما جعلها تدخل عالم الشهرة في وقت وجيز.