إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". رغم أننا لم نستفد ماديا من تجربتنا في مجموعة "لمشاهب"، لكننا اكتسبنا الخبرة والتجربة، ونسجنا شبكة من العلاقات ساعدتنا في تخطي العديد من الأزمات. بعد معاناتنا الشديدة، جاء الفرج من الصديق أحمد أشبارو، الذي تعرفنا عليه في جولتنا الفنية بأوروبا، وكان يشغل منصب مدير تجاري بالخطوط الملكية المغربية. فور علمه بما قاسيناه من متاعب بعد مغادرتنا مجموعة "لمشاهب"، قرر الصديق محمد أشبارو، الذي كان يؤمن بموهبتنا مساعدتنا على البدء من جديد، فتدبر لنا سكنا بدرب الطاليان بالمدينة القديمة، وعملا بملهى "رياض فاس" بشارع محمد الخامس، حيث كنا نؤدي بعد الأغاني الشعبية المراكشية لكسب لقمة العيش، دون التفريط في حلمنا الغيواني. بمساعدة أشبارو والعديد من الأصدقاء، شرعنا في تأسيس مجموعة غيوانية جديدة أطلقنا عليها اسم "لجواد" وكان الراحل بوجميع هو من اقترح اسم "لجواد" للمجموعة بعدما أقنعنا بضرورة استشراف المستقبل ونسيان الماضي، لأننا كنا نتأهب لرفع دعوى على مدير أعمال "لمشاهب"، ويعني الاسم أهل الكرم أو الجود. انضمت إلينا الفنانة الراحلة حليمة الملاخ، التي كانت تعمل ضمن فرقة عبد الرؤوف المسرحية، وهي مغنية وممثلة مسرحية تتحذر من عائلة فنية شهيرة بمراكش، ويكفي أن نذكر من عائلتها التشكيلي عبد الحي الملاخ. كما انضم إلى المجموعة محمد اللوز، الذي بدأ مسيرته الفنية مع لجواد قبل انضمامه إلى مجموعة "تكدة" وانفصاله عنها وتأسيسه مجموعة اللوز الشعبية. التقينا الراحلة حليمة الملاخ بمقهى "لاكوميدي" واقترحنا عليها مشروع تأسيس مجموعة "لجواد" فوافقت دون تردد، أما اللوز فاقترحه الصديق أحمد عجيب، الذي لعب دورا مهما في لقائنا بمحمد البختي والشريف لمراني كما ذكرنا في حلقة سابقة، كان محمد اللوز يعمل على عربة "كرويلة" تنقل الركاب من سيدي عثمان إلى بلوك للامريم، وتعرفنا عليه عندما كنا نزور الخالة الزوهرة بين الفينة والأخرى، لأن خطوط النقل الحضري لم تكن تصل إلى الأحياء البعيدة في ذلك الوقت عن مركز المدينة. وبالإضافة إلى عمله في نقل الركاب كان اللوز يصاحب بعض فرق "جيلالة" بالعزف على "البندير". في مطلع سنة 1975، تمكنت مجموعة "لجواد"، التي انطلقت مع حميدة الباهري عازفا على آلة "البانجو" ومحمد اللوز على آلة "طام طام" ومحمد الباهري وحليمة الملاخ على "البندير"، من تسجيل أول عمل لها على أسطوانات "أطلسيفون" وبدأت تحقق الشهرة، من خلال مشاركتها في العديد من الجولات الفنية واستضافة أعضائها في مختلف البرامج التلفزيونية.