إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". الأخوان الباهيري ومولاي عبد العزيز الطاهري وبلخياط وسعيدة ومحمد أبو الصواب في جولة الجزائر (خاص) داع صيت المجموعة وبدأت تشارك في إحياء العديد من الحفلات داخل المغرب وخارجه، حيث قامت في رمضان 1973 بجولتها الأولى في الجزائر التي امتدت على مدى 25 يوما. وضمت المجموعة، التي أحيت حفلات جولة الجزائر بالإضافة إلى محمد وحميدة الباهيري وسعيدة بيروك، كلا من مولاي عبد العزيز الطاهري، ومحمد أبو الصواب، بعدما تعذرت مشاركة الشريف لمراني لارتباطه بعمله في شركة "كارنو"، حيث كان يعمل "مصمما لرسومات الإشهار والعلامات التجارية"، كما ضم الوفد الفني المغربي المشارك في الجولة المطرب المغربي عبد الهادي بلخياط رفقة جوق الدارالبيضاء الذي كان يترأسه آنذاك الراحل إبراهيم العلمي. يقول محمد الباهيري تكللت جولتنا الفنية الأولى التي جبنا خلالها أغلب مدن الجزائر، حيث استقبلنا الجمهور هناك بالكثير من الترحيب وعمت الزغاريد والتصفيقات والهتافات جنبات كل المسارح التي وقفنا على خشباتها. وكان الجمهور الجزائري المحب للأغنية المغربية، خصوصا الغيوانية لا يكل ولا يمل من مطالبتنا بإعادة كل الأغاني التي قدمناها، إلى درجة أن جمهور المنطقة الشرقية للجزائر أصر على ألا نغادر المسرح حتى نغني كل الأغاني التي طلبها منا، وأمام إصراره كنا نضطر لتلبية الطلب ما أغضب المطرب المغربي المتألق عبدالهادي بلخياط. كان بلخياط يقدم بعدنا مباشرة وصلته الغنائية التي تتشكل من أغنيته الشهيرة والجديدة آنذاك "كيف إيدير أسيدي" وهي من كلمات الراحل علي الحداني وألحان المبدع عبد القادر وهبي، ورغم أن "كيف إيدير أسيدي" حققت نجاحا باهرا في غرب الجزائر إلا أن جمهور المنطقة الشرقية لم يتفاعل معها بالشكل المطلوب، وكان ميالا أكثر لنوعية الأغاني التي قدمناه، بل طلب منا أداء بعض الأغاني الشهيرة للفنان حميد الزاهير ومحمد اكعير(محمد أتير) وكانت لهما شعبية كبيرة هناك بفضل أغنية "تيك شبيلا" التي ظل الحاضرون يرددونها حتى نهاية الحفل. بعد نجاح الجولة عدنا إلى المغرب، وهناك بدأت مرحلة جديدة من تاريخ المجموعة، حيث سينضم إليها الراحل محمد باطما بعد مغادرته مجموعة "تكدة"، إثر خلاف وقع بعد حفل احتضنه المعرض الدولي بالدارالبيضاء سنة 1973. يقول محمد الباهيري، في مقهى "لاكوميدي" كانت تجمعني علاقات صداقة مع أحد أبناء الحي المحمدي أحمد باري والراحل سعيد الصديقي الشهير بعزيزي وهو شقيق المسرحي الشهير الطيب الصديقي، وكنا تبادل أطراف الحديث عن المجموعة وأحوالها، فاقترح علي باري ضم محمد باطما إلى المجموعة، فوعدته خيرا، وكرر عزيزي الطلب نفسه ووعدني بمد المجموعة بعدد من كلمات الأغاني من بينها "خليلي علاش تعاديني؟ تهجرني وتخليني رسامي خالية"، إذا ما تم قبول باطما. أمام إلحاح سعيد الصديقي الشهير، تم فرض محمد باطما على "لمشاهب" لأن أغلب الأعضاء، باستثناء الشريف لمراني، أبدوا تحفظهم من ضم أي عضو جديد بدعوى أن المجموعة مكتملة. بعد انضمام محمد باطما بدأنا نستعد لجولتنا الفنية الثانية خارج أرض الوطن، فتوجهنا نحو أوروبا وقدمنا مجموعة من الحفلات الناجحة بفرنسا وبلجيكا وألمانيا، وبدأنا نفكر في دخول مرحلة جديدة من تاريخ المجموعة.