إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". بعد عودتنا إلى المغرب، كانت لدينا طموحات كبيرة في تصدر "لمشاهب" قائمة المجموعات الغيوانية في المغرب، انتقالنا إلى نادي المجموعة الجديد القريب من نادي "ناس الغيوان" بروشنوار وتحديدا بزنقة "البهاليل"، وبدأنا مشروعا فنيا كبيرا لم يكتب لنا الاستمرار في بنائه لعدة أسباب. يقول محمد الباهيري، عقب انتهاء الجولة الأوروبية التي كللت بالنجاح، وبعد إرساء دعائم المجموعة، قررنا المطالبة بحصتنا والاطلاع على عقود الحفلات، التي لم نكن نعرف عنها شيئا، لكننا فوجئنا برفض طلبنا. واكتشفنا أن الأمور كلها بيد مدير المجموعة محمد البختي، الذي كان له الحق في التفاوض باسم المجموعة، كما أنه كان حريصا على تسجيل عقد مقر نادي المجموعة وفواتير كل المعدات، التي اقتنيناها من باريس باسمه. رغم تعنت مدير أعمال المجموعة صممت على المطالبة بمستحقاتي فكان مصيري التوقيف لمدة شهر، ولم يكن أمامي سوى الامتثال لأنني لم أكن أملك ما يثبت حقوقي، فكل الوثائق التي تخص المجموعة كانت بحوزة السيد المدير. أمام هذا القرار المجحف قررت مغادرة المجموعة، وفجأة وجدت نفسي في الشارع، بعدما ساهمت بجهد في وضع أسس المجموعة التي طالما حلمت بها، ولم يكن حظ شقيقي حميدة أفضل من حظي، إذ قرر بدوره المغادرة تضامنا معي وخوفا من تعرضه للمضايقات، واستمرت سعيدة التي كانت تقطن في بيت عائلة البختي إلى جانب محمد باطما، الذي ستتزوجه في ما بعد، والشريف لمراني الذي لم يكن في حاجة إلى المال مثلنا، لأنه كان يعمل مصمما في شركة "كارنو" بالحي المحمدي براتب مغر. في صيف 1974غادرنا المجموعة بخفي حنين، وبدأنا نبحث عن مأوى نقضي فيه ليلتنا، فلم نجد أمامنا سوى أحد الأصدقاء، الذي تأثر لحالنا وفتح لنا أبواب مدرسة كانت والدته تعمل حارسة بها، فأقمنا بأحد الأقسام وكنا نفترش الطاولات ونخلد للنوم دون غطاء، ومن حسن الحظ أن الجو كان صيفا. قضينا حوالي أسبوعين على هذا الحال، ورغم أننا لم نستفد ماديا من تجربتنا في مجموعة "لمشاهب"، لكننا اكتسبنا الخبرة والتجربة، ونسجنا شبكة من العلاقات التي ساعدتنا في تخطي العديد من الأزمات. بعد معاناة شديدة، جاء الفرج من الصديق أحمد أشبارو، الذي تعرفنا عليه في جولتنا الفنية بأوروبا، وكان يشغل منصب مدير تجاري بالخطوط الملكية المغربية.