إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". لمراني وباطما وسعيدة تعزف على 'السيتار' الهندي الذي اقتنته من باريس (خاص) أمام إلحاح سعيد الصديقي الشهير، تم فرض محمد باطما على "لمشاهب" لأن أغلب الأعضاء، باستثناء الشريف لمراني، أبدوا تحفظهم من ضم أي عضو جديد بدعوى أن المجموعة مكتملة. بعد انضمام محمد باطما بدأنا نستعد لجولتنا الفنية الثانية خارج أرض الوطن، فتوجهنا نحو أوروبا وقدمنا مجموعة من الحفلات الناجحة بفرنساوبلجيكاوألمانيا، وبدأنا نفكر في دخول مرحلة جديدة من تاريخ المجموعة. توجهنا إلى أوروبا في جولة فنية ساهمت في تنظيمها الخطوط الملكية المغربية والبنك الشعبي، وكانت محطتنا الأولى فرنسا، حيث قدمنا رفقة الجوق الوطني والمطرب عبدالهادي بلخياط، وحميد الزاهير، ومحمد بلقاس، والثنائي باز وبزيز (محمد السنوسي والحسين بنياز) سهرات عديدة تكللت كلها بالنجاح، وتوجهنا إلى بلجيكا، حيث حققنا النجاح نفسه، ثم قدمنا سهرات مماثلة في ألمانيا، وتألقت المجموعة التي ضمت كل أعضائها في ذلك الوقت سعيدة بيروك، والشريف لمراني، بالإضافة إلى الوافد الجديد على المجموعة محمد باطما. وقبيل عودتنا إلى أرض الوطن اقترح مدير أعمال المجموعة محمد البختي شراء آلات جديدة ومعدات للصوت من باريس من المداخيل، التي حصلت عليها المجموعة من جولتها الأوروبية، فوافق الجميع وتكلف البختي بالأمر، لكنه وضع اسمه على كل الفواتير الخاصة بالمعدات التي اقتنيناها من باريس دون أن يعلمنا بالأمر. ومن بين الآلات التي اقتنتها المجموعة "سيتار" هندي طلبه الراحل الشريف لمراني، و"بانجو" لشقيقي احميدة الذي أبدى رغبته في تعلم العزف. كان شغف احميدة بالآلات الوترية كبيرا إلى درجة أنه كان يأخذ "موندولين" الشريف ويحاول العزف عليه خفية، ما كان يثير غضب لمراني، خصوصا عندما كان يجد آلته غير مدوزنة. أمام إصرار احميدة على التعلم بدأ الشريف يساعده بين الفينة والأخرى، ويعلمه النوتات الموسيقية والمقامات لأن الشريف كان عازفا متمكنا ودارسا للموسيقى بحكم ترعرعه في بيت فني، إذ كان والده أستاذا للموسيقى. بعد عودتنا إلى المغرب، اتفقنا مع مدير المجموعة على البحث عن مقر تتدرب فيه المجموعة، ووجدنا واحدا محاديا لمقر نادي مجموعة "ناس الغيوان" بروشنوار وتحديدا بزنقة "البهاليل" وانتقلنا إلى المقر الجديد، حيث بدأنا نتدرب وكانت لدينا طموحات كبيرة في تصدر "لمشاهب" قائمة المجموعات الغيوانية في المغرب لكن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن المجموعة".