بعد عام كامل من الإضرابات والمظاهرات التي جعلت من حراكهم الطلابي الأطول في تاريخ التعليم العالي بالمغرب، أعلن طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان انتهاء أزمتهم، وعودتهم إلى الفصول الدراسية إثر توقيع محضر تسوية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بحضور وإشراف وسيط المملكة الذي بذل جهودا حثيثة للوصول إلى هذا الاتفاق. وعقد طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان يوما ديمقراطيا تميز بمشاركة واسعة وإقبال كبير على صناديق الاقتراع داخل كلياتهم، حيث اجتمع الطلبة للتصويت حول قرار تعليق الإضراب المفتوح، وتقرير قبول المقترحات التي قدمتها الحكومة عبر وسيط المملكة. وقد أظهرت النتائج موافقة الأغلبية، مما مهد الطريق لتوقيع محضر التسوية وإنهاء الحراك الذي استمر منذ 16 ديسمبر 2023.
وتضمنت التسوية التي تم التوصل إليها تحقيق الجزء الأكبر من مطالب الطلبة، والتي كانت المحرك الرئيسي لاحتجاجاتهم الممتدة، ويشمل الاتفاق تحسين جودة التكوين الطبي وتطوير المنظومة التعليمية، بما يتماشى مع تطلعات الطلبة والقطاع الصحي في المغرب. وأكدت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان في بيان توصلت "العلم" بنسخة منه، أن هذا الإنجاز يأتي تتويجا لمسار نضالي طويل، قوبل بالصمود من قبل الطلبة رغم التحديات العديدة، مثل التوقيفات والشكايات وجلسات الاستماع.
وأشار محمد هجوجي، نائب المنسق الوطني للشؤون الداخلية في اللجنة الوطنية، للجريدة إلى أن الطلبة عادوا إلى كلياتهم بمعنويات عالية، وأكدوا عزمهم على المساهمة في تحسين القطاع الصحي والتكوين الطبي بما يليق بطموحات الشعب المغربي. وأضاف هجوجي: "هذا الاتفاق يعيدنا إلى مقاعد الدراسة، لنستكمل مسارنا التعليمي ونعزز من مكانة كلياتنا، ابتغاءً لتقديم عرض صحي يواكب التطلعات ويحقق الجودة المطلوبة."
وأكد هجوجي، أن التضحيات لم تقتصر على الطلبة فقط، بل امتدت لتشمل أسرهم وأساتذتهم الذين وقفوا بجانبهم طيلة فترات الحراك، حيث عبّر الطلبة عن امتنانهم الكبير لدعم آبائهم وأمهاتهم، والعديد من الأساتذة الذين أبدوا تضامنهم مع مطالب الطلبة. واعتبر الطلبة أن هذا الدعم أسهم في تعزيز صمودهم ودفعهم للاستمرار في مطالبهم حتى تحقيق أهدافهم، كما شكروا مختلف الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية التي وقفت بجانبهم وساهمت في تحقيق هذا الاتفاق التاريخي، الذي يمثل بادرة إيجابية تكرس حق الطلبة في المطالبة بتحسين ظروفهم التعليمية.
وأوضح البيان أن هذا الحراك الطلابي مر بعدة محطات صعبة، تنوعت بين المثول أمام القضاء، وتلقي التوقيفات والشكاوى، وعلى الرغم من كل هذه التحديات، استمر الطلبة في الدفاع عن حقوقهم، مؤكدين أن هذا الحراك يعتبر نموذجا للتمسك بالمبادئ والسعي إلى تحقيق تغيير ملموس في قطاع التعليم الطبي.
وفي ختام بيانهم، أكد الطلبة أن معركتهم كانت تتجاوز المطالب الشخصية إلى التطلع نحو بناء مستقبل أفضل للتعليم الطبي في المغرب، وأنهم سيظلون متمسكين بمبادئهم في مواصلة التغيير والنهوض بالقطاع الطبي.