في سنة 1963، اقتحمت النساء صفوف الجيش، الذي كان مقتصرا على الرجال، إذ بدأت المرأة، منذ ذلك التاريخ، تلتحق بسلك الجندية، إما طبيبة أو ممرضة أو مساعدة اجتماعية أو إدارية أو تقنية في القوات الجوية، أو في الاتصال اللاسلكي. غير أن تعيين جلالة المغفور له الحسن الثاني لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، رئيسة للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية، أعطى زخما جديدا لدور المرأة داخل هذه القوات، بحيث أصبحت تتدرج في رتب عسكرية عليا، مكنتها من رتبة كولونيل ماجور. وهكذا، فإن الصورة المعتادة للعسكري، باعتباره ذلك المحارب المدجج بالسلاح اضمحلت وظهرت مكانها صورة جنود من الرجال والنساء وهم في خدمة الأمة، ليس فقط من خلال حمل السلاح، لكن أيضا عبر عدة مهام يمكن أن يقوم بها الرجال كما النساء، إذ أن التحكم في التكنولوجيا فرض نفسه كضرورة ملحة داخل الجيش لا يقل أهمية عن القوة الجسمانية، ما فتح آفاقا واعدة أمام الجنس، الذي يوصف بأنه جنس "ضعيف" أو "لطيف". الواقع أن التحاق العنصر النسوي بصفوف القوات المسلحة الملكية يعتبر، من جهة، ثمرة عمل دؤوب ومتواصل لملكية عصرية جعلت وضعية المرأة في صلب انشغالاتها، ومن جهة أخرى، نتيجة الأخذ بعين الاعتبار التطور، الذي عرفه المجتمع والاعتراف بالدور المهم الذي تضطلع به المرأة داخل هذا المجتمع، سيما أنها اقتحمت مجالات وميادين كانت، إلى الأمس القريب، مقتصرة مهنيا، بل عرفيا على الرجال. كما استطاعت المرأة أن تثبت ذاتها وتقدم قيمة مضافة داخل القوات المسلحة الملكية، فضلا عن أن مشاركتها النشيطة والفعالة في العمليات الخارجية الدولية، خاصة منها العمليات الإنسانية، ما فتئت تزداد يوما عن يوم. غير أن كون المرأة المغربية أصبحت جزءا لا يتجزأ من الجيش المغربي فذلك لم ينسها دورها كزوجة وربة بيت، وهما مسؤوليتان ما تزال تضطلع بهما على الوجه الأكمل إلى جانب مهنتها كجندية. لذلك، فإن فتح أبواب الجندية أمام المرأة يعتبر أمرا منطقيا، لاسيما أنها شاركت الرجل، على الدوام، في مختلف المعارك وفي بناء تاريخ المغرب، كما أنها برهنت على أن مساهمتها في العمليات العسكرية ودفاعها عن المقدسات الوطنية للبلاد يمكن أن يتخذا عدة مظاهر، ولا يتمثل فقط في حمل السلاح. وإذا كانت مساهمة المرأة داخل الجيش تبقى محصورة في المهام التنفيذية، باستثناء المصالح المتخصصة، إذ تعتبر مساهمة المرأة مهمة جدا مثل عملها في المصالح الطبية أو الاجتماعية، حيث احتلت أعلى المراتب، فإن التغييرات التي طرأت على القوات المسلحة الملكية، المنفتحة أكثر فأكثر على الخارج، والتي تتيح آفاقا واسعة للنساء الراغبات في ولوج عالم غالبيته من الرجال، تقدم لهن فرصة لإثبات الذات ولعب دور متميز في مختلف المصالح التابعة للقوات المسلحة الملكية.