أصدر مجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع لمنظمة الأممالمتحدة، تقريرا مفصلا حول تقييم تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل، التي تهم المغرب، والبالغ عددها 244، مبرزا موافقته على 191 منها، ورفضه الجزئي ل 18 توصية، ورفضه الكلي ل26 توصية، فضلا عن خلاصات ردود مجموعة من البلدان، إزاء عرض ممثل المغرب، السيد مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. وإذ يعبر المركز المغربي لحقوق الإنسان عن تفهمه لبعض مواقف المغرب إزاء التوصيات، ذات الصلة الحصريةبقيم الشعب المغربي، المتشبعة بروح الدين الإسلامي الحنيف،إلا أن العديد من التوصيات، ذات الأهمية المحورية في تكريس مبادئ حقوق الإنسان لم يكن من الصواب التحفظ عليها، بأي مبرر أو مصوغ كان، ونذكرها كما يلي : رفض المغرب توصيات تخص متابعة الصحفيين بموجب قانون الصحافة والنشر، وإصراره على الإبقاء على احتمال المتابعة بموجب القانون الجنائي، مما يؤكد النية المبيتة على تفضيل متابعة بعض الصحفيين، المعارضين لتوجهات السياسية المغربية، خارج نطاق قانون الصحافة والنشر، ويعكس وجود رغبة حثيثة لإسكات الأصوات الحرة والمستقلة، وهو ما قد يفهمبوجود مشاعر ازدراء للجسم الصحفي المغربي، وكأنه غير ناضج بما يكفي للاضطلاع بمهمته الإعلامية، مما سيجعل الإعلام حبيس التهديد والوعيد، الشيء الذي لن يخدم مسار الدمقرطة ببلادنا في شيء، خاصة وأن العديد من المتابعات المعنية، مثل حالة الصحفي حميد المهداوي،التي جاءت على خلفيةخرجاته الصحفية والإعلامية حول حراك الحسيمة وغيره من الاحتجاجات، يجعلها ذات طابع انتقامي ليس إلا، وبالتالي تبدو مبررات الحفاظ على حقوق المواطنين وتحقيق مبدأ المساواة أمام القانون خارج السياق. يتساءل المركز المغربي لحقوق الإنسان عن جدوى تجريم مشروع القانون الجنائي لجرائم ضد الإنسانية، دون الانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وملاءمة التشريع المغربي مع أحكامه، علما أن هذه الجرائم لا ترتكبها إلا الأنظمة ومن يقترفها تحت حمايتها، وبالتالي، فإن التبرير معيب ولا يستقيم طرحه في هذا الشأن، مما يؤكد أن عدم الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية محاولة التفاف وتنصل، قد تكون غايتها حماية أشخاص متورطين في جرائم ماضية أو محتمل الحدوث، من المتابعة الجنائية الدولية، وهو ما يكرس آفة الإفلات من العقاب من الناحية العملية. يدعو إلى ضرورة الحسم بشكل دقيق في موضوع عقوبة الإعدام، بما يكفل إلغاءها كلية بشأن القضايا ذات الصلة بحرية التعبير السياسي ونحوه، وتعويضها بالحكم النافذ، بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، غير قابل للعفو،في حق مرتكبي جرائم القتل البشعة وجرائم التسلسل. كما يدعو إلى ضرورة فتح نقاش مسؤول وجدي بين مختلف الاتجاهات العلمية والفقية والفكرية، بخصوص قضايا ولاية المرأة على أبناءها، خاصة في ظل مستجدات اجتماعية وإنسانية، جعلت من القوانين القائمة سببا في تدمير مستقبل فئات عريضة من الأطفال، كبتبت لهم الحياة خارج بيت الزوجية، أو نتيجة تبعات الوضع الأسري لآباءهم، وذلك من أجل مراعاة مبدأ درء المفسدة أولى من جلب المصلحة… من جهة أخرى، يؤكد المركز المغربي لحقوق الإنسان أن النصيب الأوفر من التوصيات، التي حضيت بقبول المملكة المغربية، همت توصيات في طور التنفيذ، مما يؤكد على ضرورة العمل على مواكبة تنفيذ هذه التوصيات، وإلا فسيمتد طور التنفيذ إلى ما لا نهاية، مما يدفعنا إلى التساؤل حول إمكانية تنوير الرأي العام الوطني والدولي بالسقف الزمني لتنفيذ هذه التوصيات. إن أغلب الدول التي أثنت في مداخلاتها على تقرير المغرب، حسب التقرير الوارد (بالإنجيلزية) في موقع المنظمة الأممية، سجلها سيء في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي، ينبغي على المغرب أن يأخذ بآراء المجتمعات ذات السجل الديمقراطيفي مجال احترام حقوق الإنسان، كما أن أداء المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية كان في شق منه موضوعيا، فيما تحامل شق منه على الوحدة الوطنية، مما يعتبر مسا بحق الشعب المغربي في وحدة ترابه، مع ضرورة التنبيه إلى أن أن مراعاة مبادئ حقوق الإنسان تخص كامل التراب الوطني، دون استثناء أو تحيز. يعبر المركز المغربي لحقوق الإنسان عن أسفه العميق، إزاء إصرار الدولة المغربية، على مواجهة احتجاجات المواطنين بالعنف والمتابعات القضائية، مثل ما يحصل بخصوص حراك الحسيمة، كما يسجل التضييق الممنهج والمتابعات القضائية في حق ناشطين إعلاميين وحقوقيين، والتي يشهد القاصي والداني أن أغلبها ذو طابع سياسي انتقامي صرف، وكان مبررا كافيالإدراج بلادنا ضمن القائمة السوداء، التي تضم 29 بلدا، التي يتهمها مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة، بانتهاج سياسة الانتقام ضد نشطاء الحقوق الإنسان، وهو ما يسيء إلى سجل حقوق الإنسان ببلادنا، في وقت كان حري بنا تحقيق قفزة نوعية في تكريس مبادئ حقوق الإنسان، لو ثم التعامل مع أي تجاوز، بالروح الديمقراطية وسلطة القانون، عبر تفنيد أي ادعاء محتمل بالحجج والبراهين، بدل إخفاء الشمس بالغربال، ومحاولة قمع شمس الحرية والديمقراطية، التي لن تغيب مهما سعى الجلاد لذلك سبيلا.
وحرر بالرباط بتاريخ 24 شتنبر 2017 المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان