يشارك المغرب في أشغال الدورة ال36 لمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية؛ وذلك في إطار تفاعل الرباط مع آليات الأممالمتحدة. وستعرف هذه الدورة حدثا مهماً يتمثل في اعتماد التقرير الختامي للاستعراض الدوري الشامل الخاص بالمغرب، والذي تمت برمجته يوم الخميس المقبل. ويتيح هذا الاستعراض، برعاية مجلس حقوق الإنسان، الفرصة للدول الأعضاء في الأممالمتحدة لكي تعلن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أوضاعها الحقوقية، ومدى التزامها بالتوصيات الأممية في مجال حقوق الإنسان. ومن المرتقب أن يحل وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، يوم الأربعاء المقبل، على رأس الوفد المغربي، لتوضيح موقف المملكة من التوصيات التي قدمتها الهيئة الأممية على ضوء العرض الذي تم تقديمه شهر ماي الماضي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب. وفي الصدد ذاته تلقت المملكة المغربية خلال الحوار التفاعلي برسم الجولة الثالثة من آلية الاستعراض الدوري الشامل 244 توصية. وبعد مشاورات الوفد المغربي مع مختلف الأطراف المعنية والقطاعات الوزارية على مستوى الرباط، تمت الموافقة على 191 توصية حظيت بالتأييد التام، منها 23 توصية تعتبرها المملكة منفذة كليا، و168 توصية في طور التنفيذ باعتبارها تندرج ضمن الإصلاحات المبرمجة من طرف الدولة المغربية. وحسب التقرير المرتقب تقديمه يوم الخميس المقبل، والذي حصلت هسبريس على نسخة منه، فإن المغرب عبر عن رفضه 18 توصية جزئيا، و26 توصية بشكل كلي، بينما أخذ علما ب44 توصية، كما سجل عدم قبوله 9 توصيات؛ وذلك لاندراجها ضمن ولاية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبرر المغرب رفضه كليا لبعض التوصيات بسبب تعارضها مع الثوابت الجامعة للأمة المغربية المنصوص عليها في الدستور، من قبيل توصيات تخص الإلغاء الفوري والتام لعقوبة الإعدام والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ أكدت المملكة أن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام مازال محط نقاش وطني مفتوح بين مختلف الفاعلين المعنيين. وبخصوص توصية لمجلس حقوق الإنسان تخص إلغاء متابعة الصحافيين بموجب قوانين أخرى غير مدونة الصحافة والنشر؛ وهو الجدل القائم في المغرب حالياً بسبب الحكم على الصحافي حميد المهداوي ضمن هذا الإطار، أكد التقرير المغربي أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بأحكام الدستور والقوانين الوطنية ذات الصلة، إلا أنه رفض تأييد الإلغاء الكلي لمتابعة الصحافيين بموجب مقتضيات القانون الجنائي، لافتا إلى أن "متابعة الصحافيين في قضايا لا تندرج ضمن أداء مهامهم المهنية يجب ألا يخضع للاستثناء المذكور حفاظا على حقوق المواطنين وتحقيقا لمبدأ المساواة أمام القانون". وعلاقة بموضوع المثلية الجنسية في المغرب، وإلغاء بعض مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالولاية والزواج والإرث، أشار المغرب إلى أن هذه التوصيات تتعارض مع الثوابت الجامعة للأمة المغربية، التي تتمثل في الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي، وأكد في الصدد ذاته أن "رفع التجريم عن العلاقات الرضائية خارج إطار الزواج وعدم تجريم العلاقات الجنسية بين المثليين وإلغاء بعض مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالولاية والزواج والإرث، لا تحظى بتأييد المملكة المغربية". يشار إلى أن المغرب يعد من المجموعة الأولى من دول المنطقة التي قدمت تقريرا في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل سنة 2008، ثم قدم تقريراً ثانيا سنة 2012، وبعدها قدم بشكل تطوعي تقريرا نصف مرحلي سنة 2014. وتدعم الرباط هذه الآلية الحقوقية لما تتيحه من إمكانيات لتعزيز حقوق الإنسان في العالم، باعتبارها آلية تعاونية ترتكز على مبادئ الموضوعية والشفافية والمساواة، في ظل احترام ثقافات البلدان واستثمارها بما يخدم حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وكونيتها وترابطها، وفق ما يؤكد عليه قرار مجلس حقوق الإنسان الصادر في شتنبر سنة 2012.