أكيد أن كل المهتمين بالشأن الصحي ببلادنا لا يمكنهم بأية حال من الأحوال أن يجهلوا "ترسانة" الشعارات المرفوعة من طرف وزارة الصحة على مدى الأشهر الأخيرة، خاصة في مجال الصحة الإنجابية، والأحاديث المرتفعة حول الإستراتيجية الوطنية للصحة 2008 2012 التي تهدف إلى تقليص الوفيات عند النساء الحوامل من 227 إلى 50 وفاة من بين 100 ألف ولادة، ولعل بداية تطبيق مجانية الولادة والعمليات القيصرية داخل المستشفيات العمومية خطوة ينتظر الجميع العمل على إنجاحها على أرض الواقع. كل هذه الشعارات والاستراتيجيات لم يصل صداها، على ما يبدو، إلى ميدلت، حيث الواقع الصحي بهذه المنطقة يتناقض جملة وتفصيلا مع ما يقال، والدليل في عدم توقف المراقبين هنا عن السؤال الكبير: كيف يمكن لطبيب واحد اختصاصي في طب النساء والتوليد أن يغطي منطقة بحجم ميدلت التي تضم على حدود ترابها 16 جماعة قروية وبلدية تعداد سكانها يتجاوز 180 ألف نسمة، وبديهي أنه بالرغم من الخدمات الملموسة التي يقدمها هذا الطبيب المشهود له بالكفاءة المهنية تبقى الظروف القاسية الناتجة عن وضعية "اليد الواحدة" التي يعمل في ظلها منذ أزيد من خمس سنوات أمرا كان طبيعيا أن ينعكس سلبا على صحته البدنية والنفسية ومحيطه الأسري. وأمام هذا الوضع غير المقبول، ما يزال الميدلتيون يطالبون الجهات المسؤولة والسلطات المختصة، وفي مقدمتها وزارة الصحة، بالعمل الجدي على النهوض بمجال الصحة الإنجابية بالمنطقة، وحماية مبدأ دوام استمرارية العلاجات الاستعجالية للنساء الحوامل، ومن أجل الرقي بذلك لا بد من تعيين طبيب اختصاصي ثان لقسم طب النساء والتوليد، كما أن الصحة بميدلت في حاجة إلى أطباء اختصاصيين في الجراحة العامة والتخدير والإنعاش، على الأقل لإشعار سكان هذه البلدة بأنهم معنيون بمغرب الإصلاحات والأوراش الإنسانية والاجتماعية.