مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متابعات ... السيد أوباما، إذا كان هذا لا يُخْجِلكُم، فماذا يُخْجِلكُم؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 08 - 2014

لم تكن صرخة ذلك المواطن المراكشي المغربي، ميشهال، ذي الديانة اليهودية، بدون دلالة. خرج الرجل للشارع في حي من الأحياء القديمة بمراكش، يستنكر الأعمال الإجرامية التي يقترفها نظام إسرائيل ذو التوجه الصهيوني، في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، بغزة، مُدينا قتل((خوتنا الفلسطينيين))- على حد تعبيره-. أصيب المغربي اليهودي بعدها بانهيار عصبي... وبقية الحكاية لمن تابع الخبر معروفة. لكن أهم ما جاء في هذه الصرخة هو تبرؤه من يهودية إسرائيل. قال غاضبا: "هادو ماشي يهود، هادو أعداء اليهود".وكان يقصد الذين يتلذذون بقتل الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الفلسطينيين في غزة. أما في إسرائيل نفسها ، فقد أضحى كل يوم هو يوم للتظاهر من قبل العشرات من المواطنين الإسرائيليين الداعين إلى إيقاف الجيش الإسرائيلي القصف والعدوان على غزة. وفي اليابان ، اختار المستنكرون للعدوان أسلوبا آخر في التظاهر: وضع المتظاهرون في الشارع العام أحذية أطفال ، أحذية عددها يصل عدد الأطفال الفلسطينيين الذين اغتالتهم آلة الصهيونية ظلما وعدوانا...قبل ذلك تظاهر المئات والآلاف في كل شوارع كبريات العواصم، بل إن دولا أمريكية سحبت سفراءها من إسرائيل احتجاجا على عدوانية الصهيونية الإسرائيلية... حتى بلدانا أسكندنافية معروفة بدعمها التقليدي للصهيونية، احتج مواطنون فيها على عدوانية إسرائيل.
والحق أن نموذج ميشهال ، ونموذج المتظاهرين الإسرائيليين ضد وحشية دولتهم، إنما يمثلان معطى سوسيو- ثقافيا، وسوسيو- عقائديا، تم تحليله في أعمال فكرية عديدة من قبل مثقفين عرب مسلمين وعرب إسرائيليين، ومثقفين لا ينتمون لا لهؤلاء ولا لأولئك ، في الغرب وفي غير الغرب. إسرائيل هي اليوم في الظاهر المعتاد تقتل شعبا يسمى الشعب الفلسطيني، لكنها وهي تفعل ذلك تستعدي عليها اليهود أولا، وتستعدي عليها شعوب العالم، شعوبا بدأت تستيقظ من خدر مقولة "إسرائيل المسكينة، المحاطة ضدا على أمنها وسكينتها ببحر من العرب الهمج، المتخلفين، أعداء الحضارة التي جاءت إسرائيل لنشرها وسطهم ، وسط هؤلاء القوم من اللامتحضرين".
فلننظر، فقط بمناسبة هذا الإجرام الذي تجري فصوله أمام المجتمع الدولي، في غزة، في هذا "التحضر" الذي تقترحه إسرائيل على المنطقة: تسبق كل غارة وكل قصف لغزة عملية لجوء المدنيين إلى مؤسسات "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " " أونروا " التابعة للأمم المتحدة. لكن الدمار الإسرائيلي يتبعهم حتى في هذه المدارس (المُؤَمًنَة). لماذا يلجأ الفلسطينيون لهذه البنايات؟ يفعلون ذلك استجابة لإنذار مسبق ، إنذار عسكري إسرائيلي. الموت يلحق بهم إذن حتى في مؤسسات الأمم المتحدة هذه. وبطبيعة العدوان الإسرائيلي، فإن نفس الموت يلحق بهم إذا رفضوا الخروج من بيوتهم التي أصبحوا يدركون بفعل التجربة أنها مقابر محتملة على الدوام. حيثما وَلًوْا وجوههم هم وأطفالهم فثمة صناعة الموت الإسرائيلية.
بلى، إن هذه الصورة كافية لتوضيح طبيعة "التحضر" الذي تقترحه إسرائيل على الفلسطينيين وعلى العرب"الهمج" المحيطين بها.
لكن إسرائيل لا تتحمل وحدها مسؤولية تقتيل الشعب الفلسطيني. هناك طرف آخر، وهو معروف ولا يخجل من إجرامياته. بل إنه يطلق عليها أسامي ومصطلحات ذات شحنة إنسانية: إنه دولة القوة الأولى، أو قل القوة الوحيدة في العالم، دولة الولايات المتحدة. هذه الدولة توفر لإسرائيل الحصانة. وتمنحها الحماية الديبلوماسية. وتسلحها وتوفر لها ذخيرة أسلحة القتل. وقد وصل الحد إلى درجة منح هذه الأسلحة والذخيرة حتى من مخزون الجيش ، جيش الولايات المتحدة. إنها مشاركة في الجريمة كاملة، جريمة مشاركة مكتملة العناصر. ولأن هذا الدعم اللامشروط والأعمى يبدو كما لو كان غير كاف، فإن الولايات المتحدة تقدم المال أيضا، وبأرقام خيالية. وما يسمى ب"نسق السقف لأزرق"، معروف عند المتتبعين . فالتأمين المالي لإسرائيل واحد من بين أهم العناصر التي تسلم الولايات المتحدة بضرورته غير القابلة للنقاش ليس في الجهاز التنفيذي للحكومة وحده، بل في الجهاز التشريعي نفسه. وهكذا فإن المال يسري عبر قنوات تشريعية وقانونية شرعية لا غبار عليها أمام مؤدي الضرائب من المواطنين الأمريكيين. وتكفي الإشارة في هذا الباب إلى أنه تم في شهر يوليوز من سنة 2014 تقديم مزيد من الأموال لإسرائيل بقرار من الكونغريس وصل الرقم فيها إلى 225 مليون دولار وأعطيت لهذه العملية الصبغة الاستعجالية. من أجل ماذا؟ من أجل تقتيل الشعب الفلسطيني. غير أن هذا ليس هو المسمى الذي يُعْطى لهذه العملية. لا يقول السيد باراك أوباما لمحكوميه من شعب الولايات إن هذه الأموال هي لتقتيل الفلسطينيين ، يستعمل عبارة ألطف تقول "الأموال هي "لأمن" إسرائيل".
ولا تخجل الولايات المتحدة الأمريكية من أن تصم آذانها حتى عن تقتيل عمال الإغاثة والمساعدة الإنسانية التابعين للمنظمات الدولية. وقد تابع العالم كله صرخات منظمة العفو الدولية على لسان (بريان وود) وهو يتوجه بالخطاب إلى الأميرال "كيربي" في الجيش الأمريكي، مستنكرا صمت الولايات المتحدة الأمريكية عن جرائم قتل أولئك المساعدين العاملين في الحقل الإنساني بالأراضي الفلسطينية.
إن الولايات المتحدة بأفعالها هذه وبدعمها المالي والعسكري ونهجها الحمائي لكل ما تقوم به إسرائيل من أعمال إجرامية ضد الشعب الفلسطيني، إنما تدعم نظاما اختار إيديولوجيا عنصرية ترى في العنصر الفلسطيني خطرا استراتيجيا على الوجود الإسرائيلي..
هذا الوجود الذي قام على أسس تعود أصوله إلى مجمل السياسات الاستعمارية التي طبعت القرن التاسع عشر. وهكذا فإن ما يدين إسرائيل يدين أيضا الولايات المتحدة، ما يدين رئيس الحكومة الإسرائيلية، يدين أيضا باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما أفصحت عنه كل مظاهرات الاستنكار التي عرفتها شعوب كثيرة من كل القارات بما في ذلك مواطنين أمريكيين تظاهروا لأول مرة ضد إسرائيل وضد سياسة بلادهم. لقد بدأوا يعون ولو بمستوى محتشم الطابع العنصري لإسرائيل، وبدأوا يعون الكذبة الكبرى على التاريخ الإنساني، تلك الكذبة القائمة على المظلومية التي تقدم بها إسرائيل نفسها إلى العالم ، يدعمها في ذلك قلة من المفكرين من ذوي التوجه الصهيوني. وقد تابع العالم تظاهر شباب وشيوخ ونساء يهود من مختلف المناطق في العالم يعبرون عن تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني ويرددون بصوت عال: هؤلاء القتلة لا يمكن أن يكونوا يهودا. ويبين هذا التعاطف الجديد أن اليهود في العالم أصبحوا مستعدين أكثر من كل العقود الماضية لتقبل فكرة التمييز بين اليهودية والصهيونية وتقبل الفكرة القائلة بعنصرية الصهيونية التي تجسدها اليوم إسرائيل. إنه وعي جديد هو قيد البزوغ، ويتعين استثماره على النحو الأفضل من أجل نشر وترسيخ الاقتناع باستعمال السلاح الأكثر فاعلية: سلاح مقاطعة إسرائيل اقتصاديا. في المغرب مثلا، أوضح سيون أسيدون، المناضل اليساري المغربي، والمعروف بمناهضته القوية للصهيونية ومؤسس جمعية مقاطعة بضائع إسرائيل في لقاء بمدينة القنيطرة ،المغربية، أن إسرائيل لا تخشى في الوقت الراهن، سوى سلاحين: السلاح النووي المحتمل لإيران، وسلاح المقاطعة الاقتصادية. وأضاف بأن سلاح المقاطعة أظهر نجاعته في تقوية المقاومة التي أبان عنها شعب جنوب إفريقيا إبان مناهضته لنظام الأبارتيد العنصري الذي كان يحكم هذا الشعب الإفريقي، مدعوما من العالم كله باستثناء أمريكا وإنجلترا ، وهما الدولتان اللتان تنحازان تقليديا لكل أنواع النظم الباغية والطاغية والديكتاتورية والفاشية ... ولقد رأت الإنسانية كلها المصير الذي انتهى إليه النظام العنصري في جنوب إفريقيا. إنه مثال يبين نجاعة سلاح المقاطعة التي يتظاهر قادة النظام الصهيوني في إسرائيل بأنهم لا يهابونه، في حين أنهم في أعماقهم لا يخشون شيئا آخر غيره، مما يمكن تسميته بالأسلحة الموازية للمقاومة السياسية والثقافية للصهيونية باعتبارها نظاما عنصريا يميز بين سكان فلسطين القديمة ذات الساكنة المشكلة من العرب المسلمين واليهود والمسيحيين الشرقيين. ولقد تابع الناس الآثار البينة لهذه الثقافة العنصرية في تلك التظاهرات التي ينظمها صهاينة متطرفون في إسرائيل، فيرفعون هكذا لافتات كتب عليها : "الموت للعرب"، "فليدفع العرب الثمن"، مثلما تابعوا تجمعات معلمين وتلاميذ مدارس وهم يقفون على التلال والمرتفعات المطلة على أراضي غزة، وهم يتضاحكون مقهقهين تدغدغهم عاطفة التشفي المقيتة في الأطفال الفلسطينيين ، مبتهجين بقتلهم. لقد أظهرتهم الكاميرات وهم يأكلون متلذذين بعمليات القتل التي تمارسها إسرائيل ويدعمها باراك أوباما في الولايات المتحدة الأمريكية، شوهدوا وهم يرقصون، ويغنون فرحا بالقتل، والقصف، والتدمير. وكم كان فظيعا حقا أن يُسْمع بعضهم يقول "والآن لن يكون هناك أطفال فلسطينيون يذهبون إلى المدارس!". هي ذي نتائج إيديولوجية الكراهية والعنصرية والنزوع الفاشي والفلسفة النازية الجديدة التي تنشرها إسرائيل، وتدعمها سياسة باراك أوباما وحكومة دافيد كامرون بدون خجل من آثار هذه اللاخلقية الجديدة. لقد خجلت من نفسي، أنا كاتب هذه المقالة، باعتباري إنسانا كباقي البشر فوق هذا الكوكب الذي اِئتمن السيد باراك أوباما على سلامته. أما كشعوب من دول الجنوب، فإننا نشعر بآثار الخيانة التي انفضحت الآن أمام العالم، خيانة ما راح يسمى ب"خطاب أوباما في القاهرة " بمصر والذي جاء يَعِدُ فيه العرب والإسرائيليين البريئين البسطاء ، والإنسانية كلها بأنه سيعمل جاهدا على منح الفلسطينيين حقوقهم كاملة، والمنطقة أمنها، والشعوب تعاونها على البر.
لكن كل ما منحه أوباما هو مزيد من الحصار برا وفضاء وبحرا للفلسطينيين، ومزيد من الدعم لنظام تقول كمشة من معلميه وألسنة بريئة لأطفاله : أيها العساكر: اقتلوا الأطفال الفلسطينيين حتى لن يكون هناك تلاميذ في فلسطين ولا مدارس.
السيد أوباما إذا كان هذا لا يُخْجِلكُمْ فماذا يخجلكم؟ السيد أوباما هل تريحكم إلى هذا الحد صورة كاريكاتورية تَظْهَر فيها يدُكُم اليمنى وهي تحمل مسدسا تمدونه ل(نتنياهو)، ويدكم اليسرى وهي تقدم له ذخيرة ذاك المسدس؟ كيف تستطيعون النظر في عيون أطفال بلدكم، وأطفال العالم؟ كيف؟ ...
السيد باراك أوباما لحد كتابة هذه السطور، قتلت الآلة العسكرية الإسرائيلية التي تزودونها بالمال والأسلحة والذخيرة والحصانة الديبلوماسية ، في الحرب على الفلسطينيين بغزة ، تسعة وعشرين من العاملين الدوليين في قطاع الإغاثة والمساعدة الأممية، وما يزيد عن ألفي قتيل فلسطيني. ودمر الجيش الإسرائيلي ما يزيد عن ثمانية آلاف بيت للسكن ، دمرت بالكامل، ، ودمر تدميرا جزئيا ما يقارب عشرة آلاف بيت للسكن، ودمرت أعداد هائلة من المدارس، مئة وثمانية وستون مدرسة، وما يقارب هذا العدد من أماكن العبادة ومن المساجد، بل وقصفت حتى المقابر. فالإسرائيليون لا يكتفون بقتل الأحياء، يهمهم إعادة إماتة الأموات . لماذا، لأن إسرائيل وأنتم معها، لا تحتملون المقاومة...والأموات الفلسطينيون أصبحوا عبر كل المحتجين في العالم المتعاطفين مع قضيتهم، هؤلاء الأموات تحولوا هم الآخرون إلى سلاح مقاومة، وهذا هو السبب الذي يجعل الصهاينة يصابون بجنون الاعتداء فيقصفون المقابر وليس فيها سوى الأموات..
بعد غصب الأرض، يريد الإسرائيليون غصب الفلسطيني حقه في المقاومة، يريدون تجريده من كل الأسباب التي يمكن أن تساعده على مجرد المقاومة التي يسمونها إرهابا. يريدون أن يجعلوا من الفلسطيني كائنا يخجل حفدته من تاريخه، مثلما خجل حفدة اليهود من تاريخهم حين تركوا أنفسهم يُساقُون إلى المحرقة بدون مقاومة، تماما مثلما يُفْعَلُ بالأغنام. في المحرقة راحت الغنم إلى الذبح لأنه لم تكن هناك سبيل أخرى. هذه حقيقة مرة. كل اليهود الذين يفكرون في هذا الموضوع من هذه الزاوية يقرون بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وبأنه لا يحق له أن يقدم نفسه إلى قوى الاحتلال كما تساق الغنم. لا! هذا غير وارد. إسرائيل تقول للفلسطينيين: كونوا شعبا هادئا، مثل تلاميذ هادئين، و"اسمعوا الكلام" وطبقوا ما يُقال لكم لا ما تفكرون فيه . واحذروا أن تقاوموا خشية أن تصبحوا إرهابيين. فالإرهاب اليوم تحتكره الدولة ، دولة إسرائيل، ودولة الولايات المتحدة الأمريكية، هكذا كان ، وهكذا يكون...أيها الفلسطينيون اهدأوا وتفرجوا على المستوطنات تُبْنَى في ما تبقى من أراضيكم. لا تغضبوا، ولا تحتجوا ولا تتظاهروا، ولا تحتجوا ولا تعصوا ذلك العصيان الذي يسمى العصيان المدني، ولا تقاطعوا، وأقبلوا على البضائع الإسرائيلية فهي الأوفر والأقرب والأفيد لنا . وتعاركوا وتصارعوا وليقاطع بعضكم بعضا وإياكم أن تتوحدوا ، وإياكم أن تعترفوا ببعضكم البعض لأن في ذلك نوعا خاصا من الإرهاب. وتقبلوا كره ما يسمى أنظمة عربية لكم.. لا تعترفوا سوى بشيء واحد: اعترفوا بيهودية إسرائيل فقط، وإذا ما فعلتم لا تسألوها عن معنى ذلك لأنها لا تعرف لها دلالة. واحذروا أن تفكروا في أمر هو في غاية الخطورة، أن تطالبوا بأن تكونوا شعبا مساويا في الحقوق مع كافة شعوب الأرض. إن ذلك لمنكر عظيم لا تأخذ به ملل، ولا تقره عقائد. أما حق العودة فَامْحُوهُ مَحْوًا من قاموسكم، وانسوا تماما حق النازحين ولا تذكروا أبدا حق اللاجئين أيا كان هذا الحق. إننا نعرف أن منكم من قَبِلَ بهذه الشروط مجتمعة، بل ومستعد أن يقبل شروطا أخرى سنفكر فيها مثلما نفعل دائما : مفاوضات جديدة بشروط إضافية . توجد دائما شروط إضافية ليس أقلها السماح لكم بإقامة دولة منقسمة إلى دولتين، وستكون هي الأخرى إنجازا عظيما من إنجازات إسرائيل والولايات المتحدة ، والمملكة المتحدة، دولة منزوعة السلاح...هكذا نريدكم شعبا بلا تاريخ، وهوية بلا محددات، واسما بلا مسمى ، وشعبا مغْتَصَبة أرضه لكنه بلا مقاومة، وكيانا عاجزا لأنه بلا سلاح جنب عدو يملك كل السلاح بما فيه السلاح المحظور دوليا.
تلك هي رؤية الصهيونية والولايات المتحدة لفلسطين وللفلسطينيين ، للمقاومة ولشروط الوجود، مجرد الوجود...وهي الرؤية التي صاغها بيداغوجيو الكيان الصهيوني فراحوا يعلمون أطفال المدارس بأن مقاومة الفلسطينيين غير شرعية ...وهم يقصدون بكل تأكيد أن الشعب الذي لا يملك أسلحة الدمار الشامل على النحو الذي توجد عليه دولة الكيان الصهيوني، هو شعب غير شرعي. الشرعية في ذهنية الصهيونية كما في عقلية الولايات المتحدة قائمة على القوة، وخاصة قوة الاغتصاب. وما دام الشعب الفلسطيني لم يغتصب أرض أحد ، وما دام يرى كل يوم أرضه المغتصبة يستوطنها غاصبون قادمون من كل أراضي المعمورة، فهو شعب لا يستحق الحياة ، ومن ثمة فهو شعب غير شرعي...
هذه بعض من أفكار رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو وأفكار السيد الرئيس باراك أوباما الذي توسم فيه الناس بعض الخير حين أُعْلِنَ عن انتخابه رئيسا للولايات المتحدة. لكنه خذل الشعب الفلسطيني وخذل العرب وخذل كل الباحثين عن سلام ما ، في تلك البقعة من أرض الشرق الأوسط...ولم يحرص على شيء حرصه على نفس الولاء للصهيونية في بلاده كما في إسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.