جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى إدريس الأزهر بمناسبة ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    "جباروت DZ" ترد على بلاغ CNSS بنشر معطيات قالت إنها تخص المدير العام حسن بوبريك    إقليم الفحص-أنجرة: الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارا على مساحة تفوق 1700 هكتار    المعارضة تطالب بلجنة لتقصي الحقائق حول فضيحة استيراد المواشي… وأغلبية أخنوش ترد بمهمة استطلاعية لا تُحال على القضاء! فما الفرق بينهما؟    نهضة بركان إلى نصف نهائي الكونفدرالية على حساب أسيك ميموزا    بوريطة يعقد بواشنطن سلسلة لقاءات حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    سيدي إفني : أين هي سيارات الإسعاف؟ حادثة بجماعة سيدي مبارك تفضح المسكوت عنه.    المجلس الفرنسي للديانة المسيحية يشيد بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الوضع في غزة        السغروشني وحجيرة يترأسان مراسيم حفل توقيع اتفاقية شراكة بين الطرفين لتسريع رقمنة قطاع التجارة    لقجع: تنظيم كأس العالم يعزز التنمية    نتيجة كبيرة لبرشلونة أمام دورتموند في دوري الأبطال    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والمكتب الوطني للسياحة يوقعان اتفاقية "المغرب أرض كرة القدم"    في خطوة تصعيدية فورية.. ترامب يرفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%    توقيف أربعة أشخاص بعد انتشار فيديو يظهر تبادلاً للعنف داخل مقهى    الطقس غداً الخميس.. تساقطات مطرية ورياح قوية مرتقبة    هجوم سيبراني على CNSS يفضح هشاشة نظام أمني أنفقت عليه 480 مليونا خلال سنة واحدة    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    المغاربة ينتظرون انخفاض أسعار المحروقات وسط تراجع النفط عالميا    العواصف تُلغي رحلات بحرية بين طنجة وطريفة    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    موقع الشباب في السياسات الثقافية: قراءة في التحولات والحصيلة    أمريكا وسيادة المغرب على الصحراء: الانتقال من التزام خاص إلى اعتماده خُطةَ عمل دولية في الملف !    النظام الجزائري وفرنسا.. وعقدة المغرب    مكناس.. البواري يزور ورش تهيئة موقع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    تقرير: المغرب مُهدد بفوات قطار الذكاء الاصطناعي بسبب غياب النصوص التشريعية    في قلب العاصفة: قراءة في ديناميكيات إقليمية متصاعدة وتداعياتها    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    أخبار الساحة    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية اغتيال المهدي بن بركة جريمة القرن 20 و ما بعده

تعتبر عملية اغتيال المهدي بنبركة الجريمة السياسية التي عرفها القرن 20 و ما بعده . وستظل هذه الجريمة، التي نفذت على أرض فرنسا في 29 أكتوبر 1965، وشما للعار في جلد النظام المغربي، ولن يزول إلا بزواله كما قال المهدي. كما أنها جريمة ستظل موضوع إدانة أممية للنظام المغربي و لفرنسا التي لا يمكن استثنائها من هذه الجريمة ومعها الدول التي كانت تريد زوال المهدي من الساحة السياسية الدولية
تعتبر عملية اغتيال المهدي بنبركة الجريمة السياسية التي عرفها القرن 20 و ما بعده . وستظل هذه الجريمة، التي نفذت على أرض فرنسا في 29 أكتوبر 1965، وشما للعار في جلد النظام المغربي، ولن يزول إلا بزواله كما قال المهدي. كما أنها جريمة ستظل موضوع إدانة أممية للنظام المغربي و لفرنسا التي لا يمكن استثنائها من هذه الجريمة ومعها الدول التي كانت تريد زوال المهدي من الساحة السياسية الدولية، ومن بين هذه الدول إسرائيل و أمريكا. كلما حاول النظام المخزني المغربي تحويل هذه الجريمة إلى جريمة عادية ، و أنها لا تعنيه مستعملا كل الوسائل كي يتجاوزها الشعب المغربي و معه شعوب العالم ، كلما تشعبت تداعياتها و استقطبت الرأي العام العالمي والرأي العام الوطني ، كما لم تستطع فرنسا الراعية لارتكابها على أرضها وشركائها الحد من تداعياتها التي أخذت كل يوم تكتشف الشركاء المباشرين وغير المباشرين في تنفيذها حتى صارت لها امتدادات عالمية و أصبحت تحتل مكانة بارزة في صك الجرائم التي عرفها القرن العشرون و ما بعده .لأنها لم تكن من فعل طرف واحد ولأنها كذلك لم تكن تدخل في التصفيات التي يقوم بها نظام أو جماعة بناء على خلافات مادية أو مذهبية ، بل كانت جريمة من فعل عدة أنظمة أطراف وفي مقدمتهم النظام المغربي. لقد أصبحت قضية أجيال و وأجيال. فهي أقوى من قضية القبطان الفرنسي Dreyfus الذي اتهم بتسريب معلومات لألمانيا سنة 1894م و التي شغلت الرأي العام الفرنسي عدة سنوات واعتبرت قضية جيلها فقط. كما أن جريمة اغتيال المهدي تعتبر كذلك أقوى من قضية ستافيسكي stavisky التي تعرف بتزوير العملة الفرنسية و بنهب المال العام و التي أدت إلى انتحار ستافيسكي و سقوط حكومة كاميل شوتان camille Chautemp . و هي قضايا انتهت تداعياتها مع جيلها ، و هي أيضا أقوى من جريمة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي من حيث احتوائها في وقت وجيز بالمقارنة مع جريمة اغتيال المهدي . أو جريمة اغتيال باتريس لومومبا  سنة 1961 الذي كان أول رئيس وزراء منتخب في تاريخ الكونغو  أثناء الاحتلال البلجيكي  لبلاده، فقتله البلجيكيون في يناير1961 وهي جريمة كان فيها الطرف الفاعل معلوما وغير متنكر .
إن جريمة اغتيال المهدي ستظل قضية الرأي العام الوطني و الدولي، ولن تنتهي تداعياتها حتى و إن تم الكشف عن الحقيقة كلها ، وذلك لعدة أسباب :
1 السبب الأول :
لأنه كان زعيما أمميا يمتلك القدرة على الإقناع والشجاعة في اتخاذ المواقف و بسط الأمور . ولأنه كذلك يتناول قضايا الجماهير وفق تطلعاتها، ولا يقبل بأنصاف الحلول أو بالخنوع. و كان من كبار المفكرين حيث كان يؤسس مواقفه على قواعد علمية تجعله في مقدمة الزعماء العالميين . و لقد قالت فيه أخته سعيدة «لقد جاء المهدي قبل أوانه . كان قويا أكثر من اللازم ،ولذا كان القصر خائفا منه» . و اعتبره المقيم العام الفرنسي بالمغرب سنة 1951 بالخطير على فرنسا . ولأنه قد تغدي بالفكر الاشتراكي و بقيمه الإنسانية و التحررية والتقدمية ، كما تغدي من خلال المبادلات مع الفكر المناهض للإمبريالية البريطانية في إفريقيا للزعماء الأفارقة مثل جومو كنياتا و كوامه نكروما وجوليوس نيريره. وهم قادة ناضل المهدي إلى جانبهم ضد الاستعمار الإمبريالي .
2 السبب الثاني :تداعيات المحيط الدولي :
كان العالم في بداية الستينات حافلا بالأحداث على مستوى المعسكرين الشرقي و الغربي حيث الحرب الباردة أخذت ذروتها بين القطبين. وظهرت بوادر تكتلات و أحلاف عسكرية غذت الحرب الباردة و سباق التسلح ولاسيما في مجال أسلحة الدمار الشامل و السلاح النووي، في الوقت الذي كانت معظم شعوب آسيا و إفريقيا تعاني من الاستعمار و مخلفاته من خلال استنزاف ثرواتها، مما جعلها تعيش التخلف الاقتصادي و الثقافي والفقر والنزاعات الناشئة فيما بينها. هناك أيضا ظهور بعض الاهتزازات في الكتلة الشيوعية، والحملة العسكرية الموسعة لفرنسا على الجزائر و على تونس فيما يعرف بأحداث بنزرت . كما أن حركات التحرّر الوطني في آسيا وأفريقيا عرفت تصعيدا على مستوى العمليات الفدائية مما أربك المعسكر الغربي، وعرفت في نفس الآن أمريكا اللاتينية تصعيدا على مستوى المقاومة مع امتداد هذه الموجة لتطال المستعمرات البرتغالية في إفريقيا. بالإضافة لهذا التحول قرر المؤتمر الرابع لمنظمة التضامن بين إفريقيا وآسيا خلال اجتماعه في أكره (غانا) بين 6 و9 مايو 1965، ضمّ أميركا اللاتينية والأخذ في الاعتبار في المؤتمر التأسيسي للقارات الثلاث الذي سينعقد في هافانا خلال شهر كانون يناير 1966. في خضم هذه التحولات كان بن بركة يكرّس كل أوقاته للجنة «لجنة الاستعمار الجديد» و التحضير لمؤتمر القارات الثلاث، حيث يترأس لجنته التحضيرية، و التحرك المتواصل من أجل العمل على إقناع الاتحاد السفياتي و الصين لانضمام لهذا المؤتمر. لم يكن المهدي بن بركة غائبا عن هذه التحولات على جميع مستوياتها. لقد كان حضوره حضورا وازنا في كل المحطات الحاسمة التي كانت تنظمها حركة التحرر العالمية.هذا الحضور جعل الأنظمة الإمبريالية تعتبر المهدي بن بركة خطرا عليها. كما اعتبرته فرنسا و النظام المغربي خطرا عليهما معا .
3 السبب الثالث :
يتجلى السبب الثالث في اجتهاد المهدي من أجل بلورة أهدف مؤتمر القارات الثلاث و التي حدده فيما يلي :
دعم حركات التحرّر الوطني، في مقدمتها حركة التحرير الفلسطينية،
دعم تضالات الشعوب بما فيها العمل المسلّح على مستوى القارات الثلاث،
مساندة كوبا في نضالها ضد الطغيان الأمريكي،
تصفية القواعد العسكرية الأجنبية المتواجدة خارج ترابها،
معارضة الأسلحة النووية والتمييز العنصري.
ولفقد زار بن بركة العاصمة الكوبية في إطار التحضير للمؤتمر من أجل الافتتاح في 03 يناير 1966. وكان سعيه إلى تحرير حقيقي يجعل حركات التحرر في الموقع الطليعي للقارات الثلاث و وتوحيد قدراتها التقدمية من أجل الحرية و ألأمن و السلام العالميين. إنّ هذا البعد التحرّري هو الذي كان مُستهدَفاً باغتيال المهدي بن بركة و ليس المهدي كشخص، بل كفكر و كعزيمة.
4 السبب الرابع :
لأنها جريمة ليست في حق المهدي بت بركة و أسرته و وطنه بل هي جريمة في حق شعوب العالم الثالث التي ارتبط اسمه بها و بتحركاته من أجلها في إطار مناهضة الاستعمار بكل أشكاله و التحضير لمؤتمر القارات الثلاث . هذا المؤتمر الذي كان يهدف إلى تأسيس تحالف قوي لهذه القارات هدفه تصفية الاستعمار و الوقوف ضد المد الإمبريالي و ضد برنامجه الرامي إلى السيطرة على العالم الثالث أرضا و ثروة.
5 السب الخامس :
لأن عملية اغتيال المهدي هذه تمت بصيغة الجمع، إذ شاركت فيها عدة دول إلى جانب المغرب، ومنها أمريكا و فرنسا و إسرائيل ،فأمريكا كانت تسعى من خلال اغتيال المهدي تخليص المغرب من عدو لها و للنظام المغربي ، لأنه كان دائما يعارض الهيمنة الإمبريالية و ويكافح من أجل مغرب متحرر من كل أشكال التبعية الاقتصادية و الثقافية ، كما أن أمريكا كانت تسعى من وراء هذه العملية إفشال المساعي إلى عقد مؤتمر القارات الثلاث و أيضا خلق متاعب للرئيس الفرنسي ديغول الذي كان يرفض الانضمام إلى الحلف الأطلسي (الناتو) و إتاحة الفرصة لليمين الفرنسي المناهض للسياسة الديغولية.
6 السبب السادس:
أما السبب السادس فهو إسكات صوت مؤثر في المحيط الدولي بالنسبة للقضية الفلسطينية و استمراره في انتقاد السياسة الإسرائيلية التي تتخذ من المغرب مجالا لمعلومات عن مصر العدو المباشر لإسرائيل ، مما سيجعل الكيان الصهيوني يشارك حسب الدور المنوط به في هذه الجريمة ، ذلك لأن الملك الحسن الثاني كان و قد ساعد على تنقل 13000 يهوديا من المغرب نحو إسرائيل ما بين 1956 و 1964 مما دفع إسرائيل إلى ترقية أفقير. و كان الوسيط بينهما هو» إيلي ترجمان» الذي كانت له علاقة مع إسرائيل بعد تخلي دافيد بنغريون عن رئاسة الوزراء 1965 وهاربل عن الموساد الذي التمس منه ادليمي مساعدته على اغتيال بن بركة .إن اهتمام أمريكا بنشاط المهدي على أكثر من صعيد ، كان بالنسبة إليها يتجاوز تحركات شي غيفارا في أمريكا اللاتينية الشيء الذي جعلها تخطط لعملية الاغتيال.
فتورط أمريكا و إسرائيل و فرنسا و المغرب في عملية الاغتيال لن يترك الحقيقة تظهر، و إذا تم ذلك فإن حربا سياسية و حقوقية ستندلع لمحاكمة الأنظمة المتورطة و ليس فقط الأشخاص الذين هم أدوات للتنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.