ضيفنا الكريم ، السيد جورج باباندريو رئيس الأممية الاشتراكية أود أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم في زيارتكم للمغرب، بدعوة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية متمنيا لكم مقاما طيبا بيننا، وكذلك برنامجا حافلا من اللقاءات من شأنها أن تغني معرفتكم بالتطورات الجارية في المغرب... كما أغتنم هذه المناسبة لكي أجدد لكم باسمي شخصيا وباسم كافة الاشتراكيين المغاربة، تهانئنا الخالصة بمناسبة تجديد انتخابكم بالإجماع رئيسا للأممية الاشتراكية في مؤتمرها الرابع والعشرين بالكيب تاون. في نفس الآن أريد أن أنوه بالجهود الموفقة التي بذلتموها خلال ترؤسكم لأشغال هذا المؤتمر، والتي حرصتم من خلالها على ترجيح كفة الحوار والتوافق لاتخاذ القرارات وصياغة التوصيات، خصوصا في ما يتعلق بالنزاعات الدولية وفي مقدمتها النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، واسمحوا أن أقول لكم بأن رئاستكم الرصينة والحكيمة لهذا المؤتمر ساهمت بشكل أساسي في إنجاح أشغاله. كذلك أريد أن أنوه بانخراطكم شخصيا في رسم التوجهات الرامية الى تعزيز مكانة الأممية الاشتراكية، وتطوير أدائها في الساحة الدولية، في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ونحن الاشتراكيون المغاربة نشاطر دعوتكم التي وجهتموها للمؤتمر الأخير في خطابكم الافتتاحي عندما أكدتم على أن «الأممية الاشتراكية يتعين عليها مواصلة العمل من أجل تحويل الاقتصاد العالمي الى اقتصاد يرتكز على حكامة ديمقراطية، وضبط للأسواق بما يخدم مصالح الشعوب ويضمن إرساء دعائم مجتمع عالمي عادل.» ... كما أن حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يجد نفسه منخرطا في هذا التوجه ، سيبقى دائما رهن إشارة الأممية الاشتراكية من أجل المساهمة في إنجاح المبادرات، وتقديم اقتراحات عملية لتجسيد طموحنا جميعا وهو أن تسترجع الأممية الاشتراكية مكانتها العالمية كفاعل دولي وازن تسمع كلمته في الساحة الدولية، سواء في ما يخص ضرورة أنسنة مسارات العولمة أو المساهمة في فض النزاعات الدولية. لا يخفى عليكم أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو أحد الأعضاء الأكثر نشاطا في الأممية الاشتراكية، ولعله الحزب الوحيد في منطقة جنوب المتوسط وربما منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، الذي يتميز بالحضور المتواصل والمساهمة الفعالة في أنشطة المنظمة وبالاستعداد الدائم لتحمل المسؤوليات في مختلف المهام والمناسبات. فقد كان المغرب وجهة أساسية في أجندة الأممية الاشتراكية، ولعله البلد العربي والإفريقي الوحيد الذي احتضن أكبر عدد من تظاهرات الأممية الاشتراكية أستسمحكم في التذكير بها : * لقد استضاف حزبنا اجتماع لجنة البحر المتوسط بمدينة طنجة في مارس 1997 * وفي ماي 2002 استضاف مجلس الأممية الاشتراكية بالدار البيضاء * واستضاف حزبنا في مارس 2006 اجتماع لجنة الهجرات بالدار البيضاء * وفي شهر دجنبر 2011 احتضن الاتحاد الاشتراكي بمدينة مراكش، اجتماعا لفريق عمل الأممية الاشتراكية حول الاصلاح * وفي يناير 2012 استضفنا بمدينة الرباط اجتماع لجنة الاقتصاد والشغل والموارد الوطنية... وفي نفس السياق بخصوص التزام الاتحاد الاشتراكي بالمساهمة الفعالة والمتنوعة في أنشطة الأممية الاشتراكية، لا بأس من التذكير كذلك أن رفيقنا فتح الله ولعلو كان من الأعضاء البارزين في اللجنة المكلفة من طرف الأممية الاشتراكية بإعداد أرضية حول التقدم الشامل تحت رئاسة الزعيم الاشتراكي الإسباني فيلبي غونزاليث. ولا ننسى كذلك أن رفيقنا محمد اليازغي ساهم بفعالية في جميع اجتماعات اللجنة المكلفة بإعداد تقرير «من أجل مجتمع دولي مستدام.» وتحملت رفيقتنا نزهة الشقروني كامل مسؤوليتها في سكرتارية الفريق المكلف بإصلاح الأممية الاشتراكية. نحن في الاتحاد الاشتراكي نعتز بهذا المستوى الرفيع من المساهمة في تنفيذ مهام الأممية الاشتراكية، وتكون هذه المساهمة دائما فرصة لنا لكي نقدم تجاربنا وعصارة أفكارنا، كما تكون مناسبة لكي نتعلم أشياء كثيرة من الآخرين. لكن ما أود أن أؤكد عليه هو أن الاتحاد الاشتراكي في إمكانه أن يستثمر طاقاته الفكرية والسياسية في الأممية الاشتراكية بطريقة أفضل وأكثر مردودية لو لم يكن دائما منشغلا داخل الأمميةالاشتراكية بنزاع مفتعل ومفروض عليه هو النزاع حول الصحراء المغربية. إننا من خلال الطريقة التي تطرح بها هذه المسألة في اجتماعات الأممية الاشتراكية، نشعر أحيانا بنوع من الاستخفاف بمكانتنا خصوصا من بعض الأحزاب المتحمسة التي تجهل تاريخ وجغرافية المنطقة وخلفيات النزاع ورهاناته، والتي لا شغل لها إلا الترويج للأطروحة الانفصالية ضدا على حقائق الأمور وضدا على حقوق الشعب المغربي في وحدته الترابية، ودون الرغبة حتى في الانصات الى رؤية الاتحاد الاشتراكي كحزب فاعل داخل الأممية الاشتراكية، حيث تكاد الأمور تنزلق أحيانا الى تدبيج ملتمسات وعرضها على التصويت بمنطق الأغلبية العددية... والغريب السيد الرئيس أن هذه الأحزاب التي أصبحت ناطقة رسمية باسم جبهة البوليساريو الانفصالية داخل الأممية الاشتراكية ،هي أحزاب كما تعلمون لا تكن كثيرا من الود للأممية الاشتراكية. إننا السيد الرئيس احتراما لمكانتكم نود أن نصارحكم بحقيقة شعورنا، وهو أن استمرار بعض أعضاء الأممية الاشتراكية في حبك المناورات ضد السيادة الوطنية للمغرب على أقاليمه الصحراوية باسم حقوق الانسان وتصفية الاستعمار، من شأنه أن يخلق لنا إحراجا واضحا إزاء الشعب المغربي الذي تحكمه حساسية، خاصة تجاه هذه القضية ... واسمحوا السيد الرئيس أن أكشف لكم في هذه الجلسة عن أمر ظل سرا مكتوما في أروقة الأممية الاشتراك منذ المؤتمر ما قبل الأخير سنة2008 في أثينا، وهو أن الاتحاد الاشتراكي كان سينسحب من الأممية الاشتراكية احتجاجا على قبول عضوية البوليساريو في هذا المؤتمر بطريقة متسرعة، فيها خرق واضح لمسطرة قبول العضوية. لكننا بعد نقاش حاد وعميق في قيادة الحزب، ارتأينا مواصلة العمل في الأممية الاشتراكية على اعتبار ان جبهة الانفصاليين مجرد عضو ملاحظ، وأن التوجه العام داخل الأممية من شأنه أن يستدرك الأمر وينتبه الى أن البوليساريو ليست حزبا ديمقراطيا ولا حركة تحرر وإنما هي تنظيم ستاليني مسلح، وأن رئيسه الذي يتصرف كرئيس لجمهورية ما، هو أقدم رئيس في العالم بعد رحيل القذافي المؤسس الفعلي والممول الرئيس للبوليساريو، فالأمين العام لجبهة البوليساريو يعيد انتخاب نفسه منذ ثلاثين سنة في مؤتمرات شكلية محروسة من طرف أجهزة المخابرات الجزائرية. إن هذا التنظيم وبهذه المواصفات لا يشرف الأممية الاشتراكية كعضو ملاحظ، فبالأحرى أن يصبح عضوا كامل العضوية كما تأكد في مداولات لجنة الأخلاقيات ليلة انعقاد المؤتمر الأخير للأممية الاشتراكية بجنوب افريقيا. إننا السيد الرئيس كحزب اشتراكي ديمقراطي سنبقى ملتزمين داخل الأممية الاشتراكية بأسلوب الحوار والتوافق وسنبقى دائما رهن إشارتكم في أي مبادرة ترون أن من شأنها تفعيل دور الأممية الاشتراكية في المساعدة على إيجاد حل سياسي لهذا النزاع المفتعل. إننا السيد الرئيس نعتبر أن بعض القرارات التي كانت تصدرها الأممية الاشتراكية حول الصحراء المغربية قبل عشر سنوات ،كانت قرارات متزنة وتندرج في صلب مهام المنظمة حيث كانت تكتفي بالتنصيص على دعم جهود الأممالمتحدة من أجل حل سياسي دائم ومقبول من الطرفين، ونحن نأسف لخروج الأممية عن هذا الخط وتحولها أحيانا الى محكمة دولية تعسفية لمحاكمة المغرب وإدانته دون التوفر حتى على أدلة وشواهد اثبات. نحن رهن اشارتكم السيد الرئيس لمزيد من التوضيحات بخصوص هذه القضية وغيرها من القضايا التي تندرج ضمن اهتماماتنا المشتركة».