تقع ضاية عوا بين أحضان الجبال الأطلسية، وتعد من أهم المناطق السياحية على المستوى الوطني ، فهي لايفصلها عن مصطاف ايموزار كندر سوى 10 كلم فقط ،ولاتبعد عن مدينة ايفران جوهرة الاطلس، سوى ببضع كلمترات ،وهي تابعة إداريا لعمالة إقليم ايفران ،وقد حباها الله بمناظر رائعة ،تحف بها غابات الأرز والصنوبر ،كما أنها تعد نقطة انطلاق نحو مجموعة من الضايات تشكل عقدا فريدا من نوعه يضم ضاية افر وحشلاف وافراح وافركاع . تتميز منطقة ضاية عوا بتنوعها الايكولوجي مما يجعلها منطقة جدب لعدد من الدارسين والباحثين المغاربة والأجانب في المجال البيئي والجيولوجي ، ولعل الثلوج والأمطار الغزيرة التي تهاطلت خلال فصل الشتاء الماضي جعلت منسوب مياهها يتكاثر ويغمر محيطها ويقتلع عددا هاما من أشجارها. ورغم جمالية هذه الضاية الفريدة من نوعها، إلا أنها منطقة لاتستغل سياحيا ، فهي تفتقر إلى كل المرافق التي يمكن أن تجعل منها منطقة استقطاب سياحي وطنيا ودوليا، إذ لاتوجد بها مطاعم ولا أكشاك ولا إقامات ولاملاعب للأطفال ، ولايوجد بها ولو مرحاض واحد، وحتى الطريق الوحيد الذي يحيط بها والذي بني في عهد الاستعمار الفرنسي طاله التصدع والإهمال . ومع ذلك فإن الضاية تعرف إقبالا كبيرا من طرف السياح المغاربة خاصة في العطل الأسبوعية والربيعية والصيفية، حيث يحملون ما لذ وطاب من الأطعمة ويقضون يومهم مستمتعين بجمال الطبيعة الأخاذ وروعة المياه الرقراقة أو ركوب القوارب و الدراجات المائية، أما الأطفال الصغار فإنهم يفضلون امتطاء الجحوش التي يكريها أبناء الدواوير للقيام بجولة داخل الغابات المحيطة بالضاية ، وما أن تميل الشمس نحو الغروب حتى يتأهب الجميع للعودة إلى فاس أو مصطافي ايموزار وايفران على أمل العودة مرة أخرى . إذا استثنينا السياحة المائية والتي يديرها أحد سكان المنطقة، والذي كان يشتغل بفندق قصر الضاية الذي كانت تديره مالكته الفرنسية ،هذا الفندق المشرف على الضاية والذي كان يتوفر على عدد من الغرف ومقهى شاسع، وهو لايزال شامخا وشاهدا على نهضة سياحية غابرة ، هذا الفندق الذي كان يقصده عدد هام من السياح الأجانب ونخبة من رجال الأعمال ، حيث كان الراحل الحسن الثاني يقضي فيه سويعات عديدة كلما كان يحل بإقامته بإفران ، حيث كان يفاجئ المواطنين بقدومه لشرب قهوته السوداء ،وكان كلما حل بالمكان يحيي الزبناء ويطلب منهم عدم المغادرة ، وتحضرني وانأ أتناول هذا الموضوع، تحضرني قصة لطيفة وذكرى من أجمل ذكريات طفلة صغيرة لايتجاوز عمرها في فترة التسعينات ثلاث سنوات، وهي ابنة صديق لي كانت تمرح في فناء المقهى ووقتها كان الراحل الحسن الثاني جالسا في طاولة مشرفة على فضاء الضاية وكان برفقته المرحوم مولاي احمد العلوي ، وببراءة الأطفال هرعت الصغيرة نحو الملك ، فحاول صديقي إبعاد طفلته مخافة أن تكسر كأسا وتسكب القهوة على بذلة الراحل الحسن الثاني فتتطور الأمور إلى ما لاتحمد عقباه، وبحنان كبير ورقة لامتناهية، داعب الحسن الثاني الطفلة وناولها كأس حليب وقبل الصغيرة التي أصبحت الآن مهندسة وتحتفظ بهذه الذكرى الغالية والفريدة من نوعها . ويحكي مسير شركة الدراجات والقوارب المائية أن الراحل الحسن الثاني كان له الفضل في إدخال الكهرباء إلى الفندق والمنطقة في زمن كان العالم القروي محروما منها. وبنبرة أسى أضاف المسير قائلا « إن المرحوم الحسن الثاني كان يجمع عمال الفندق كلما حل بالضاية ويأمرهم بالجدية في العمل ويؤكد لهم أن الفندق ليس ملكا للفرنسية، بل هو ملكهم ،غير أن الرياح تجري بما لاتشتهيه السفن ،فها هو الفندق مغلق وورثة صاحبته لايعيرونه أهمية، وبالتالي فإن عددا من السياح الأجانب والمغاربة لم يعودوا يجدون إقامة لقضاء بعض الليالي في هذه المنطقة الخلابة» . يستغرب الزائرون والغيورون على السياحة الوطنية من موقف جماعة ضاية عوا والسلطات الإقليمية لعدم مبالاتها بهذه المنطقة السياحية التي يمكن أن تدر مداخيل هامة للجماعة إذا ما سمح للمنعشين السياحيين باستغلالها والترخيص لهم بإقامة أكشاك ومطاعم وفنادق لتنشيط المنطقة للتمكن من استقطاب السياح، كما أنه بإمكان الجماعة الترخيص للمستثمرين بخلق مسارات سياحية على امتداد الضايات المتواجدة وكذا إحداث مسارات رياضية لهواة ركوب الدراجات والدواب ،وبذلك تستطيع الجماعة خلق مناصب شغل لأبناء المنطقة وتجعلهم لايفكرون في الهجرة نحو المدن علما بأن تشجيع الاستثمار السياحي بضاية عوا لايتطلب من الجماعة أن تنفق أموالا من ميزانيتها الضعيفة أصلا ، كل ما يطلب منها أن يكون مخططها التنموي يتضمن مشروع الإقلاع السياحي بواسطة الشراكة مع الخواص أو التدبير المفوض أو ما تراه الجماعة من طرق عدة . السؤال الذي يطرحه زائرو المنطقة: لماذا تقف الجماعة عاجزة عن تنمية مداخيلها ، خاصة أن الله وهبها منطقة من أجمل مناطق المغرب ،فهل هناك إكراهات تعيق العمل التنموي حتى تصبح الضاية منطقة سياحية بامتياز ؟